عَلى عَمَلٍ مَحفوظٍ في يَومٍ مَشهودٍ ، ولاتَ حينَ مَناصٍ .
ورَأَيتُكَ عَرَضتَ بِنا بَعدَ هذَا الأَمرِ ، ومَنَعتَنا عَن آبائِنا تُراثا ، ولَقَد ـ لَعَمرُ اللّهِ ـ أورَثَنَا الرَّسولُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وِلادَةً ، وجِئتَ لَنا بِها ، أما حَجَجتُم بِهِ القائِمَ عِندَ مَوتِ الرَّسولِ ، فَأَذعَنَ لِلحُجَّةِ بِذلِكَ ، ورَدَّهُ الإِيمانُ إلَى النَّصَفِ ، فَرَكِبتُمُ الأَعاليلَ ، وفَعَلتُمُ الأَفاعيلَ ، وقُلتُم : كانَ ويَكونُ ، حَتّى أتاكَ الأَمرُ يا مُعاوِيَةُ ! مِن طَريقٍ كانَ قَصدُها لِغَيرِكَ ، فَهُناكَ فَاعتَبِروا يا اُولِي الأَبصارِ . . . . ۱
۳۹۲۳.الفتوحـ في ذِكرِ قُدومِ مُعاوِيَةَ إلى مَكَّةَ وأخذِهِ البَيعَةَ لِيَزيدَـ : أقامَ مُعاوِيَةُ بِمَكَّةَ لا يَذكُرُ شَيئا مِن أمرِ يَزيدَ ، ثُمَّ أرسَلَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَدَعاهُ ، فَلَمّا جاءَهُ ودَخَلَ إلَيهِ قَرَّبَ مَجلِسَهُ ثُمَّ قالَ : أبا عَبدِ اللّهِ ! اعلَم أنّي ما تَرَكتُ بَلَدا إلّا وقَد بَعَثتُ إلى أهلِهِ فَأَخَذتُ عَلَيهِمُ البَيعَةَ لِيَزيدَ ، وإنَّما أخَّرتُ المَدينَةَ لِأَنّي قُلتُ : هُم أصلُهُ وقَومُهُ وعَشيرَتُهُ ومَن لا أخافُهُم عَلَيهِ ، ثُمَّ إنّي بَعَثتُ إلَى المَدينَةِ بَعدَ ذلِكَ فَأَبى بَيعَتَهُ مَن لا أعلَمُ أحَدا هُوَ أشَدُّ بِها مِنهُم ، ولَو عَلِمتُ أنَّ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله خَيرا مِن وَلَدي يَزيدَ لَما بَعَثتُ لَهُ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : مَهلاً يا مُعاوِيَةُ ! لا تَقُل هكَذا ، فَإِنَّكَ قَد تَرَكتَ مَن هُوَ خَيرٌ مِنهُ اُمّا وأبا ونَفسا .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : كَأَنَّكَ تُريدُ بِذلِكَ نَفسَكَ أبا عَبدِ اللّهِ !
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِن أرَدتُ نَفسي فَكانَ ماذا ؟!
فَقالَ مُعاوِيَةُ : إذا اُخبِرُكَ أبا عَبدِ اللّهِ ! أمّا اُمُّكَ فَخَيرٌ مِن اُمِّ يَزيدَ ، وأمّا أبوكَ فَلَهُ سابِقَةٌ وفَضلٌ ، وقَرابَتُهُ مِن رسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَيسَت لِغَيرِهِ مِنَ النّاسِ ، غَيرَ أنَّهُ قَد حاكَمَ أبوهُ أباكَ ، فَقَضَى اللّهُ لِأَبيهِ عَلى أبيكَ ، وأمّا أنتَ وهُوَ فَهُوَ وَاللّهِ خَيرٌ لِاُمَّةِ