عَلِّموا أولادَكُم شِعرَ العَبدِيِ ، ۱ فَإِنَّهُ عَلى دينِ اللّهِ. ۲
إنّ التأمّل في سيرة الرسول صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام يكشف بأنّهم كانوا يستخدمون فنّ الشعر لأغراض تربوية وسياسية وعسكرية ، لكن هل كانوا أنفسهم ينظّمون الشعر أيضاً؟ وهل الأشعار المنسوبة إليهم صادرة عنهم حقّاً ؟ إنّ هذا الأمر يحتاج إلى مناقشة .
عدم تنافي نظم الشعر ومنزلة الإمامة
إنّ أوّل شبهة يمكن طرحها هي أنّ القرآن لا يعتبر نظم الشعر لائقاً بمقام النبوّة : «وَ مَا عَلَّمْنَـهُ الشِّعْرَ وَ مَا يَنبَغِى لَهُ» ۳ . وبما أنّ إمامة أهل البيت عليهم السلام استمرار لنبوّة النبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله ، فلا يليق نظم الشعر بمقام الإمامة أيضاً .
يمكننا الإجابة على هذا الإشكال : بأنّ الشعر ـ كما مرّ ذكره ـ على صنفين : الشعر الممزوج بخيالات الشاعر الكاذبة حتّى يستلذّ به المستمع ويستأنس به ، وقد قيل عنه : «أحسن الشعر أكذبه» ۴ ، وهو ما لا يليق بمقام النبوّة والإمامة ، بل حتّى بالمؤمن النزيه .
أمّا الصنف الآخر من الشعر ، والّذي سمّاه الرسول صلى الله عليه و آله بالحكمة ، فلا يتعارض مبدئياً مع مقام النبوّة أو الإمامة .
1.أبو محمّد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي : من شعراء أهل البيت عليهم السلام الطاهر ، المتزلّفين إليهم بولائه وشعره المقبولين عندهم ؛ لصدق نيّته وانقطاعه إليهم . . . ولم نجد في غير آل اللّه له شعرا (راجع : الغدير : ج ۲ ص ۲۹۴ ) .
2.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۷۰۴ ح ۷۴۸ عن سماعة .
3.يس : ۶۹ .
4.ربّما قالوا : «أحسن الشعر أكذبه» ، كقول النابغة :
يقد السلوقي المضاعف نسجهويوقدن بالصفاح نار الحباحب
(إعجاز القرآن للباقلّاني : ص ۱۱۴) .