277
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع

بِمَيسورٍ مِنَ القَولِ ، قَد وَسِعَ النّاسَ مِنهُ خُلُقُهُ ، وصارَ لَهُم أبا رَحيما ، وصاروا عِندَهُ فِي الحَقِّ سَواءً .
مَجلِسُهُ مَجلِسُ حِلمٍ وحَياءٍ وصِدقٍ وأمانَةٍ ، لا تُرفَعُ فيهِ الأَصواتُ ، ولا تُؤبَنُ ۱ فيهِ الحُرَمُ ، ولا تُنثى ۲ فَلَتاتُهُ ، مُتَعادِلينَ ، مُتَواصِلينَ فيهِ بِالتَّقوى ، مُتَواضِعينَ ، يُوَقِّرونَ الكَبيرَ ويَرحَمونَ الصَّغيرَ ، ويُؤثِرونَ ذَا الحاجَةِ ، ويَحفَظونَ الغَريبَ .
فَقُلتُ : كَيفَ كانَ سيرَتُهُ في جُلَسائِهِ ؟
فَقالَ : كانَ دائِمَ البِشرِ ، سَهلَ الخُلُقِ ، لَيِّنَ الجانِبِ ، لَيسَ بِفَظٍّ ۳ ولا غَليظٍ ، ولا صَخّابٍ ولا فَحّاشٍ ولا عَيّابٍ ، ولا مَزّاحٍ ولا مَدّاحٍ ، يَتَغافَلُ عَمّا لا يَشتَهي ، فَلا يُؤيَسُ مِنهُ ولا يَخيبُ فيهِ مُؤَمِّليهِ ، قَد تَرَكَ نَفسَهُ مِن ثَلاثٍ : المِراءِ ۴ ، وَالإِكثارِ ، وما لا يَعنيهِ ، وتَرَكَ النّاسَ مِن ثَلاثٍ : كانَ لا يَذُمُّ أحَدا ، ولا يُعَيِّرُهُ ، ولا يَطلُبُ عَثَراتِهِ ولا عَورَتَهُ ، ولا يَتَكَلَّمُ إلّا فيما رَجا ثَوابَهُ ، إذا تَكَلَّمَ أطرَقَ جُلَساؤُهُ كَأَنَّما عَلى رُؤوسِهِمُ الطَّيرُ ۵ ، وإذا سَكَتَ تَكَلَّموا ، ولا يَتَنازَعونَ عِندَهُ الحَديثَ ، وإذا تَكَلَّمَ عِندَهُ أحَدٌ أنصَتوا لَهُ حَتّى يَفرُغَ مِن حَديثِهِ ، يَضحَكُ مِمّا يَضحَكونَ مِنهُ ، ويَتَعَجَّبُ مِمّا يَتَعَجَّبونَ مِنهُ ، ويَصبِرُ لِلغَريبِ عَلَى الجَفوَةِ فِي المَسأَلَةِ وَالمَنطِقِ ، حَتّى إن كانَ أصحابُهُ

1.لا تُؤْبَنُ فيه الحُرَمُ : أي لا يُذكرن بقبيح (النهاية : ج ۱ ص ۱۷ «أبن») .

2.في المصدر : «لا تُثنى» ، والصواب ما أثبتناه كما في سائر المصادر . و «لا تُنثى فلتاتُه» : أي لا تُشاع ولا تُذاع . والفَلَتات : جمع فَلتة ؛ وهي الزلّة . أراد أنّه لم يكن لمجلسه فلتات فتنثى (النهاية : ج ۵ ص ۱۶ «نثا») .

3.رجل فَظٌّ : شديد غليظ القلب (المصباح المنير : ص ۴۷۸ «فظظ») .

4.المِراءُ : الجدال (النهاية : ج ۴ ص ۳۲۲ «مرا») .

5.كأنّما على رؤوسهم الطَّير : معناه أنّهم كانوا لإجلالِهم نبيّهم عليه السلام لا يتحرّكون ، فكانت صفتهم صفةَ مَن على رأسه طائر يريد أن يصيده وهو يخاف إن تحرّك طار وذهب (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۱۳۲ «طير») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
276

حاجَتِهِ ، فَإِنَّهُ مَن أبلَغَ سُلطانا حاجَةَ مَن لا يَقدِرُ عَلى إبلاغِها ثَبَّتَ اللّهُ قَدَمَيهِ يَومَ القِيامَةِ» ، لا يُذكَرُ عِندَهُ إلّا ذلِكَ ، ولا يُقبَلُ مِن أحَدٍ غَيرُهُ ، يَدخُلونَ رُوّادا ۱ ، ولا يَفتَرِقونَ إلّا عَن ذَواقٍ ۲ ، ويَخرُجونَ أدِلَّةً فُقهاءَ .
فَسَأَلتُهُ عَن مَخرَجِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، كَيفَ كانَ يَصنَعُ فيهِ ؟
فَقالَ : كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَخزُنُ لِسانَهُ إلّا عَمّا يَعنيهِ ، ويُؤلِفُهُم ولا يُنَفِّرُهُم ، ويُكرِمُ كَريمَ كُلِّ قَومٍ ويُوَلّيهِ عَلَيهِم ، ويَحذَرُ النّاسَ ويَحتَرِسُ مِنهُم ، مِن غَيرِ أن يَطوِيَ عَن أحَدٍ بِشرَهُ ولا خُلُقَهُ ، ويَتَفَقَّدُ أصحابَهُ ، ويَسأَلُ النّاسَ عَمّا فِي النّاسِ ، ويُحَسِّنُ الحَسَنَ ويُقَوّيهِ ، ويُقَبِّحُ القَبيحَ ويوهِنُهُ ، مُعتَدِلَ الأَمرِ غَيرَ مُختَلِفٍ ، لا يَغفُلُ مَخافَةَ أن يَغفُلوا أو يَميلوا ، ولا يَقصُرُ عَنِ الحَقِّ ولا يَجوزُهُ ، الَّذينَ يَلونَهُ مِنَ النّاسِ خِيارُهُم ، أفضَلُهُم عِندَهُ أعَمُّهُم ۳ نَصيحَةً لِلمُسلِمينَ ، وأعظَمُهُم عِندَهُ مَنزِلَةً أحسَنُهُم مُؤاساةً ومُؤازَرَةً .
قالَ : فَسَأَلتُهُ عَن مَجلِسِهِ .
فَقالَ : كانَ صلى الله عليه و آله لا يَجلِسُ ولا يَقومُ إلّا عَلى ذِكرٍ ، ولا يوطِنُ الأَماكِنَ ۴ ويَنهى عَن إيطانِها ، وإذَا انتَهى إلى قَومٍ جَلَسَ حَيثُ يَنتَهي بِهِ المَجلِسُ ، ويَأمُرُ بِذلِكَ ، ويُعطي كُلَّ جُلَسائِهِ نَصيبَهُ حَتّى لا يَحسَبَ أحَدٌ مِن جُلَسائِهِ أنَّ أحَدا أكرَمُ عَلَيهِ مِنهُ ، مَن جالَسَهُ صابَرَهُ حَتّى يَكونَ هُوَ المُنصَرِفَ عَنهُ ، مَن سَأَلَهُ حاجَةً لَم يَرجِع إلّا بِها أو

1.يدخلون روّادا : أي يدخلون عليه طالبين العلم وملتمسين الحُكم من عنده . والرُّوّاد : جمع رائد : وأصل الرائد الذي يتقدّم القوم يُبصِر لهم الكلَأ ومساقط الغيث (النهاية : ج ۲ ص ۲۷۵ «رود») .

2.الذَّواق : المأكول والمشروب . يقال : ما ذُقتُ ذَواقا : أي شيئا . [وهُنا] ضرب الذَّواق مثلاً لِما ينالون عنده من الخير ؛ أي لا يتفرّقون إلّا عن علمٍ وأدبٍ يتعلّمونه (النهاية : ج ۲ ص ۱۷۲ «ذوق») .

3.في المصدر : «وأعمّهم» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر الاُخرى .

4.لا يوطِنُ الأماكنَ : أي لا يتّخذُ لنفسِهِ مَجلسا يُعرَفُ به (النهاية : ج ۵ ص ۲۰۴ «وطن») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6271
صفحه از 491
پرینت  ارسال به