217
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع

إلهي! أنَا الفَقيرُ في غِنايَ ، فَكَيفَ لا أكونُ فَقيرا في فَقري ؟
إلهي! أنَا الجاهِلُ في عِلمي ، فَكَيفَ لا أكونُ جَهولاً في جَهلي ؟
إلهي! إنَّ اختِلافَ تَدبيرِكَ ، وسُرعَةَ طَواءِ مَقاديرِكَ ، مَنَعا عِبادَكَ العارِفينَ بِكَ عَنِ السُّكونِ إلى عَطاءٍ ، وَاليَأسِ مِنكَ في بَلاءٍ .
إلهي! مِنّي ما يَليقُ بِلُؤمي ، ومِنكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ .
إلهي! وَصَفتَ نَفسَكَ بِاللُّطفِ وَالرَّأفَةِ لي قَبلَ وُجودِ ضَعفي ، أفَتَمنَعُني مِنهُما بَعدَ وُجودِ ضَعفي ؟
إلهي! إن ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنّي فَبِفَضلِكَ ، ولَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ ، وإن ظَهَرَتِ المَساوِئُ مِنّي فَبِعَدلِكَ ، ولَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ .
إلهي! كَيفَ تَكِلُني ، وقَد تَوَكَّلتَ لي ؟ وكَيفَ اُضامُ ۱ ، وأنتَ النّاصِرُ لي ؟ أم كَيفَ أخيبُ ، وأنتَ الحَفِيُّ ۲ بي ؟
ها أنَا أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِفَقري إلَيكَ ، وكَيفَ أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِما هُوَ مَحالٌ أن يَصِلَ إلَيكَ ؟ أم كَيفَ أشكو إلَيكَ حالي ، وهُوَ لا يَخفى عَلَيكَ ؟ أم كَيفَ اُتَرجِمُ بِمَقالي ،

1.الضّيْمُ : الظلم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۷۳ «ضيم») .

2.حَفِيَ به : أي بالغ في برّه والسؤال عنه (النهاية : ج ۱ ص ۴۰۹ «حفا») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
216

اللّهُمَّ اجعَلنا في هذَا الوَقتِ مِمَّن سَأَلَكَ فَأَعطَيتَهُ ، وشَكَرَكَ فَزِدتَهُ ، وتابَ إلَيكَ فَقَبِلتَهُ ، وتَنَصَّلَ ۱ إلَيكَ مِن ذُنوبِهِ فَغَفَرتَها لَهُ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ .
اللّهُمَّ وَفِّقنا وسَدِّدنا وَاعصِمنا وَاقبَل تَضَرُّعَنا ، يا خَيرَ مَن سُئِلَ ، ويا أرحَمَ مَنِ استُرحِمَ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ إغماضُ الجُفونِ ، ولا لَحظُ العُيونِ ، ولا مَا استَقَرَّ فِي المَكنونِ ، ولا مَا انطَوَت عَلَيهِ مُضمَراتُ القُلوبِ ، ألا كُلُّ ذلِكَ قَد أحصاهُ عِلمُكَ ، ووَسِعَهُ حِلمُكَ ، سُبحانَكَ وتَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرضُ ومَن فيهنَّ ، وإن مِن شَيءٍ إلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِكَ ، فَلَكَ الحَمدُ وَالمَجدُ ، وعُلُوُّ الجَدِّ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ ، وَالفَضلِ وَالإِنعامِ ، وَالأَيادِي الجِسامِ ، وأنتَ الجَوادُ الكَريمُ ، الرَّؤوفُ الرَّحيمُ ، أوسِع عَلَيَّ مِن رِزقِكَ ، وعافِني في بَدَني وديني ، وآمِن خَوفي ، وأعتِق رَقَبَتي مِنَ النّارِ .
اللّهُمَّ لا تَمكُر بي ولا تَستَدرِجني ولا تَخذُلني ، وَادرَأ عَنّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإِنسِ .
[ثُمَّ رَفَعَ عليه السلام صَوتَهُ وبَصَرَهُ إلَى السَّماءِ وعَيناهُ قاطِرَتانِ كَأَنَّهُما مَزادَتانِ ، وقالَ :] ۲
يا أسمَعَ السّامِعينَ ، ويا أبصَرَ النّاظِرينَ ، ويا أسرَعَ الحاسِبينَ ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وأسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِيَ الَّتي إن أعطَيتَنيها لَم يَضُرَّني ما مَنَعتَني ، وإن مَنَعتَنيها لَم يَنفَعني ما أعطَيتَني ، أسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، لا إلهَ إلّا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لَكَ المُلكُ ولَكَ الحَمدُ ، وأنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ! ۳

1.تَنَصَّلَ : أي انتفى من ذنبه واعتذر إليه (النهاية : ج ۵ ص ۶۷ «نصل») .

2.أثبتنا ما بين المعقوفين من البلد الأمين : ص ۲۵۸ وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ ومستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۵ ح ۱۱۳۷۰ .

3.عند هذه الكلمات تمّ دعاؤه عليه السلام في البلد الأمين ، ولم يذكر قوله بعد ذلك : «إلهي أنا الفقير . . .» إلى ف آخر الدعاء . ثمّ قال : فلم يكن له عليه السلام جهد إلّا قوله : يا ربّ ، يا ربّ ، بعد هذا الدعاء ، وشغل من حضر ممّن كان حوله وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لأنفسهم ، وأقبلوا على الاستماع له عليه السلام ، والتأمين على دعائه ، قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم ، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه ، وغربت الشمس ، وأفاض عليه السلام وأفاض الناس معه (البلد الأمين : ص ۲۵۸ وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ ومستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۶ ح ۱۱۳۷۰) . جدير بالذكر أنّنا نقلنا المقطع التالي من الدعاء عن كتاب الإقبال للسيّد ابن طاووس ، ولهذا وقع الاختلاف في كون المقطع المذكور من دعاء الإمام الحسين عليه السلام أم من غيره ، وسنتعرّض لذلك في البيان الذي نذكره بعد إيراد الدعاء .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6238
صفحه از 491
پرینت  ارسال به