183
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع

شاغِرَةٌ ۱ ، وأيديهِم فيها مَبسوطَةٌ ، وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ ۲ ، لا يَدفَعونَ يدَ لامِسٍ ، فَمِن بَينِ جَبّارٍ عَنيدٍ ، وذي سَطوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَديدٍ ، مُطاعٍ لا يَعرِفُ المُبدِئَ المُعيدَ .
فَيا عَجَبا وما لي لا أعجَبُ ! وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ ۳ ، ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ ، وعامِلٍ عَلَى المُؤمِنينَ بِهِم غَيرِ رَحيمٍ ، فَاللّهُ الحاكِمُ فيما فيهِ تَنازَعنا ، وَالقاضي بِحُكمِهِ فيما شَجَرَ بَينَنا .
اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم يَكُن ما كانَ مِنّا تَنافُسا في سُلطانٍ ، ولَا التِماسا مِن فُضولِ الحُطامِ ، ولكِن لنُِرِيَ المَعالِمَ مِن دينِكَ ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِكَ ، ويَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ ، ويُعمَلَ بِفَرائِضِكَ وسُنَنِكَ وأحكامِكَ ، فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِيَ الظَّلَمَةُ عَلَيكُم ، وعَمِلوا في إطفاءِ نورِ نَبِيِّكُم ، وحَسبُنَا اللّهُ وعَلَيهِ تَوَكَّلنا وإلَيهِ أنَبنا ۴ وإلَيهِ المَصيرُ . ۵

1.شاغرة : أي واسعة (لسان العرب : ج ۴ ص ۴۱۸ «شغر») .

2.الخَوَل : مثال الخَدَم والحَشَم وزنا ومعنى (المصباح المنير : ص ۱۸۴ «خول») .

3.الغَشْمُ : الظُلْمُ (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۹۶ «غشم») .

4.الإنابة : الرجوع إلى اللّه بالتوبة (النهاية : ج ۵ ص ۱۲۳ «نوب») .

5.تحف العقول : ص ۲۳۷ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۰ ص ۷۹ ح ۳۷ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
182

لَقَد خَشيتُ عَلَيكُم أيُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَى اللّهِ أن تَحُلَّ بِكُم نَقِمَةٌ مِن نَقِماتِهِ ، لِأَنَّكُم بَلَغتُم مِن كَرامَةِ اللّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها ، ومَن يُعرَفُ بِاللّهِ لا تُكرِمونَ ، وأنتُم بِاللّهِ في عِبادِهِ تُكرَمونَ ، وقَد تَرَونَ عُهودَ اللّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ ، وأنتُم لِبَعضِ ذِمَمِ آبائِكُم تَفزَعونَ ، وذمَِّةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَحقورَةٌ ، وَالعُميُ وَالبُكمُ وَالزَّمنى ۱ فِي المَدائِنِ مُهمَلَةٌ لا تَرحَمونَ ، ولا في مَنزِلَتِكُم تَعمَلونَ ، ولا مَن عَمِلَ فيها تُعينونَ ، وبِالاِدِّهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ ، كُلُّ ذلِكَ مِمّا أمَرَكُمُ اللّهُ بِه مِنَ النَّهيِ وَالتَّناهي وأنتُم عَنهُ غافِلونَ ، وأنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصيبَةً لِما غُلِبتُم عَلَيهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ لَو كُنتُم تَشعُرونَ .
ذلِكَ بِأَنَّ مَجارِيَ الاُمورِ وَالأَحكامِ عَلى أيدِي العُلَماءِ بِاللّهِ ، الاُمَناءِ عَلى حَلالِهِ وحَرامِهِ ، فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلكَ المَنزِلَةَ ، وما سُلِبتُم ذلِكَ إلّا بِتَفَرُّقِكُم عَنِ الحَقِّ ، وَاختِلافِكُم فِي السُّنَّةِ بَعدَ البَيِّنَةِ الواضِحَةِ ، ولَو صَبَرتُم عَلَى الأَذى وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ في ذاتِ اللّهِ كانَت اُمورُ اللّهِ عَلَيكُم تَرِدُ ، وعَنكُم تَصدُرُ ، وإلَيكُم تَرجِعُ ، ولكِنَّكُم مَكَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِكُم ، وأسلَمتُم ۲ اُمورَ اللّهِ في أيديهِم ، يَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ ، ويَسيرونَ فِي الشَّهَواتِ ، سَلَّطَهُم عَلى ذلِكَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ ، وإعجابُكُم بِالحَياةِ الَّتي هِيَ مُفارِقَتُكُم ، فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ في أيديهِم ، فَمِن بَينِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ ، وبَينَ مُستَضعَفٍ عَلى مَعيشَتِهِ مَغلوبٍ .
يَتَقَلَّبونَ فِي المُلكِ بِآرائِهِم ، ويَستَشعِرونَ الخِزيَ بِأَهوائِهِمُ ، اقتِداءً بِالأَشرارِ ، وجُرأَةً عَلَى الجَبّارِ ، في كُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلى مِنبَرِهِ خَطيبٌ يَصقَعُ ۳ ، فَالأَرضُ لَهُم

1.الزَّمانَة : العاهة . يقال : هو زَمِنٌ ، والجمع : زَمنى (راجع : القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۳۲ «زمن») .

2.في المصدر : «واستسلمتم» ، والتصويب من بحار الأنوار .

3.الخَطيبُ المِصقَعُ : أيالبليغ الماهر في خطبته الداعي إلى الفتن الذي يحرّض الناس عليها ، والصّقع : رفع الصوت ومتابعته (النهاية : ج ۳ ص ۴۲ «صقع») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6260
صفحه از 491
پرینت  ارسال به