الذّابّونَ عَن أحِبّائِهِ ، فَجَزاكَ اللّهُ أفضَلَ الجَزاءِ ، وأوفَرَ جَزاءِ أحَدٍ مِمَّن وَفى بِبَيعَتِهِ ، وَاستَجابَ لَهُ دَعوَتَهُ ، وأطاعَ وُلاةَ أمرِهِ .
وأشهَدُ أنَّكَ قَد بالَغتَ فِي النَّصيحَةِ ، وأعطَيتَ بِهِ غايَةَ المَجهودِ ، فَبَعَثَكَ اللّهُ فِي الشُّهَداءِ ، وجَعَلَ روحَكَ مَعَ أرواحِ السُّعَداءِ ، وأعطاكَ مِن جِنانِهِ أفسَحَها مَنزِلاً ، وأفضَلَها غُرَفا ، ورَفَعَ ذِكرَكَ فِي العِلِّيّينَ ، وحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ ، وحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقا .
أشهَدُ أنَّكَ لَم تَهِن ولَم تَنكُل ۱ ، وأنَّكَ مَضَيتَ عَلى بَصيرَةٍ مِن أمرِكَ ، مُقتَدِيا بِالصّالِحينَ ، ومُتَّبِعا لِلنَّبِييّنَ ، فَجَمَعَ اللّهُ بَينَنا وبَينَكَ ، وبَينَ رَسولِهِ وأولِيائِهِ ، في مَنازِلِ المُحسِنينَ ؛ فَإِنَّهُ أرحَمُ الرّاحِمينَ .
ثُمَّ انحَرِف إلى عِندِ الرَّأسِ فَصَلِّ رَكعَتَينِ ، ثُمَّ صَلِّ بَعدَهُما ما بَدا لَكَ ، وَادعُ اللّهَ كَثيرا ، وقُل عَقيبَ الرَّكَعاتِ :
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، ولا تَدَع لي في هذَا المَكانِ المُكَرَّمِ وَالمَشهَدِ المُعَظَّمِ ذَنبا إلّا غَفَرتَهُ ، ولا هَمّا إلّا فَرَّجتَهُ ، ولا مَرَضا إلّا شَفَيتَهُ ، ولا عَيبا إلّا سَتَرتَهُ ، ولا رِزقا إلّا بَسَطتَهُ ، ولا خَوفا إلّا آمَنتَهُ ، ولا شَملاً إلّا جَمَعتَهُ ، ولا غائِبا إلّا حَفِظتَهُ وأدَّيتَهُ ، ولا حاجَةً مِن حَوائِجِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ لَكَ فيها رِضىً ولي فيها صَلاحٌ إلّا قَضَيتَها ، يا أرحَمَ الرّاحِمين .
ثُمَّ عُد إلَى الضَّريحِ فَقِف عِندَ الرِّجلَينِ ، وقُل :
السَّلامُ عَلَيكَ يا أبَا الفَضلِ العَبّاسُ ابنُ أميرِ المُؤمِنينَ ، السَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ سَيِّدِ الوَصِيّينَ ، السَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ أوَّلِ القَومِ إسلاما ، وأقدَمِهِم إيمانا ،