51
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن

أنَّ اُمَّةً قَتَلَتكَ أشرارُ خَلقِ اللّهِ وكَفَرَتُهُ ، وإنّي أستَشفِعُ بِكَ إلَى اللّهِ رَبِّكَ ورَبّي مِن جَميعِ ذُنوبي ، وأتَوَجَّهُ بِكَ إلَى اللّهِ في حَوائِجي ورَغبَتي في أمرِ آخِرَتي ودُنيايَ .
ثُمَّ ضَع خَدَّكَ الأَيمَنَ عَلَى القَبرِ ، وقُل :
اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِحَقِّ هذَا القَبرِ ومَن فيهِ ، وبِحَقِّ هذِهِ القُبورِ ومَن أسكَنتَها ، أن تَكتُبَ اسمي عِندَكَ في أسمائِهِم ؛ حَتّى تورِدَني مَوارِدَهُم ، وتُصدِرَني مَصادِرَهُم ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .
وتَقولُ :
رَبِّ أفحَمَتني ذُنوبي وقَطَعَت مَقالَتي ، فَلا حُجَّةَ لي ولا عُذرَ لي ، فَأَنَا المُقِرُّ بِذُنوبي ، الأَسيرُ بِبَلِيَّتي ، المُرتَهَنُ بِعَمَلي ، المُتَجَلِّدُ ۱ في خَطيئَتي ، المُتَحَيِّرُ عَن قَصدي ، المُنقَطَعُ بي .
قَد أوقَفتُ يا رَبِّ نَفسي مَوقِفَ الأَشقِياءِ الأَذِلّاءِ المُذنِبينَ ، المُجتَرِئينَ عَلَيكَ بِوَعيدِكَ ، يا سُبحانَكَ! أيَّ جُرأَةٍ اجتَرَأتُ عَلَيكَ ، وأيَّ تَغريرٍ غَرَّرتُ بِنَفسي ، وأيُّ سَكرَةٍ أوبَقَتني ۲ ، وأيُّ غَفلَةٍ أعطَبَتني ؟! ما كانَ أقبَحَ سوءَ نَظَري ، وأوحَشَ فِعلي !
يا سَيِّدي ! فَارحَم كَبوَتي لِحُرِّ وَجهي ۳ ، وزَلَّةَ قَدَمي ، وتَعفيري فِي التُّرابِ خَدّي ، ونَدامَتي عَلى ما فَرَطَ مِنّي ، وأقِلني عَثرَتي ، وَارحَم صَرخَتي

1.الجَلَدُ : القُوّة والصبر (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۴ «جلد») .

2.أوبَقَهُ : أهلكه (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۶۲ «وبق») .

3.حُرُّ الوَجه: ما أقبلَ عليك منه (لسان العرب : ج ۴ ص ۱۸۳ «حرر»).


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
50

بِأَبي أنتَ واُمّي يا سَيِّدي ، بَكَيتُكَ يا خِيَرَةَ اللّهِ وَابنَ خِيَرَتِهِ ، وحُقَّ لي أن أبكِيَكَ ، وقَد بَكَتكَ السَّماواتُ وَالأَرَضونَ ، وَالجِبالُ وَالبِحارُ ، فَما عُذري إن لَم أبكِكَ ، وقَد بَكاكَ حَبيبُ رَبّي ، وبَكَتكَ الأَئِمَّةُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم ، وبَكاكَ مَن دونَ سِدرَةِ المُنتَهى ۱ إلَى الثَّرى جَزَعا عَلَيكَ .
ثُمَّ استَلِمِ القَبرَ وقُل :
السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللّهِ ، يا حُسَينَ بنَ عَلِيٍّ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللّهِ وَابنَ حُجَّتِهِ ، أشهَدُ أنَّكَ عَبدُ اللّهِ وأمينُهُ ، بَلَّغتَ ناصِحا ، وأدَّيتَ أميناً ، وقُلتَ صادِقا ، وقُتِلتَ صِدّيقا ، ومَضَيتَ عَلى يَقينٍ ، لَم تُؤثِر عَمىً عَلى هُدىً ، ولَم تَمِل مِن حَقٍّ إلى باطِلٍ ، ولَم تُجِب إلَا اللّهَ وَحدَهُ .
وأشهَدُ أنَّكَ كُنتَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّكَ ، بَلَّغتَ ما اُمِرتَ بِهِ ، وقُمتَ بِحَقِّهِ ، وصَدَّقتَ مَن كانَ قَبلَكَ ، غَيرَ واهِنٍ ولا موهِنٍ ، فَصَلَّى اللّهُ عَلَيكَ وسَلَّمَ تَسليما ، جَزاكَ اللّهُ مِن صِدّيقٍ خَيرا ، أشهَدُ أنَّ الجِهادَ مَعَكَ جِهادٌ ، وأنَّ الحَقَّ مَعَكَ وإلَيكَ ، وأنتَ أهلُهُ ومَعدِنُهُ ، وميراثُ النُّبُوَّةِ عِندَكَ وعِندَ أهلِ بَيتِكَ .
وأشهَدُ أنَّكَ قَد بَلَّغتَ ونَصَحتَ ووَفَيتَ ، وجاهَدتَ في سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ ، ومَضَيتَ لِلَّذي كُنتَ عَلَيهِ شَهيدا ومُستَشهَدا ومَشهودا ، فَصَلَّى اللّهُ عَلَيكَ وسَلَّمَ تَسليما .
أشهَدُ أنَّكَ طُهرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ ، مِن طُهرٍ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ ، طَهُرتَ وطَهُرَت أرضٌ أنتَ بِها ، وطَهُرَ حَرَمُكَ ، أشهَدُ أنَّكَ أمَرتَ بِالقِسطِ ودَعَوتَ إلَيهِ ، وأشهَدُ

1.سِدْرَةُ المُنتهى : شجرة في أقصى الجنّة إليها ينتهي علم الأوّلين والآخرين (النهاية : ج ۲ ص ۳۵۳ «سدر») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5101
صفحه از 438
پرینت  ارسال به