375
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن

فَأَمَّا الحَيَواناتُ فَهُوَ يُقَلِّبُها في قُدرَتِهِ ، ويَغذوها مِن رِزقِهِ ، ويَحوطُها بِكَنَفِهِ ، ويُدَبِّرُ كُلّاً مِنها بِمَصلَحَتِهِ . وأمَّا الجَماداتُ فَهُوَ يُمسِكُها بِقُدرَتِهِ ، ويُمسِكُ المُتَّصِلَ مِنها أن يَتَهافَتَ ۱ ، ويُمسِكُ المُتَهافِتَ مِنها أن يَتَلاصَقَ ، ويُمسِكُ السَّماءَ أن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إلّا بِإِذنِهِ ، ويُمسِكُ الأَرضَ أن تَنخَسِفَ إلّا بِأَمرِهِ ، إنَّهُ بِعِبادِهِ لَرَؤوفٌ رَحيمٌ .
وقالَ عليه السلام : «رَبِّ الْعَــلَمِينَ» مالِكُهُم وخالِقُهُم وسائِقُ أرزاقِهِم إلَيهِم ، مِن حَيثُ يَعلَمونَ ومِن حَيثُ لا يَعلَمونَ ، وَالرِّزقُ مَقسومٌ ، وهُوَ يَأتِي ابنَ آدَمَ عَلى أيِّ سيرَةٍ سارَها مِنَ الدُّنيا ، لَيسَ تَقوى مُتَّقٍ بِزائِدِهِ ، ولا فُجورُ فاجِرٍ بِناقِصِهِ ، وبَينَهُ وبَينَهُ سِترٌ وهُوَ طالِبُهُ ، فَلَو أنَّ أحَدَكُم يَفِرُّ مِن رِزقِهِ لَطَلَبَهُ رِزقُهُ كَما يَطلُبُهُ المَوتُ .
فَقالَ اللّهُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : قولوا : «الْحَمْدُ لِلَّهِ» عَلى ما أنعَمَ بِهِ عَلَينا وذَكَرَنا بِهِ مِن خَيرٍ في كُتُبِ الأَوَّلينَ قَبلَ أن نَكونَ ، فَفي هذا إيجابٌ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وعَلى شيعَتِهِم أن يَشكُروهُ بِما فَضَّلَهُم ، وذلِكَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : لَمّا بَعَثَ اللّهُ عز و جلموسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام وَاصطَفاهُ نَجِيّا ، وفَلَقَ لَهُ البَحرَ ونَجّى بَني إسرائيلَ ، وأعطاهُ التَّوراةَ وَالأَلواحَ ، رَأى مَكانَهُ مِن رَبِّهِ عز و جل فَقالَ : يا رَبِّ لَقَد أكرَمتَني بِكَرامَةٍ لَم تُكرِم بِها أحَدا قَبلي !
فَقالَ اللّهُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : يا موسى ! أما عَلِمتَ أنَّ مُحَمَّدا عِندي أفضَلُ مِن جَميعِ مَلائِكَتي وجَميعِ خَلقي ؟
قالَ موسى عليه السلام : يا رَبِّ ! فَإِن كانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله أكرَمَ عِندَكَ مِن جَميعِ خَلقِكَ ، فَهَل في آلِ الأَنبِياءِ أكرَمُ مِن آلي ؟
قالَ اللّهُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : يا موسى ! أما عَلِمتَ أنَّ فَضلَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلى جَميعِ آلِ النَّبِيّينَ كَفَضلِ مُحَمَّدٍ عَلى جَميعِ المُرسَلينَ ؟

1.التَّهافُت : التساقُط قطعةً قطعةً (الصحاح : ج ۱ ص ۲۷۱ «هفت») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
374

لَاُعينَنَّهُ عَلى أمرِهِ ، ولَاُغيثَنَّهُ في شَدائِدِهِ ، ولَاخُذَنَّ بِيَدِهِ يَومَ نَوائِبِهِ .
فَإِذا قالَ : «اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ» إلى آخِرِ السّورَةِ ، قالَ اللّهُ عز و جل : هذا لِعَبدي ولِعَبدي ما سَأَلَ ، فَقَدِ استَجَبتُ لِعَبدي وأعطَيتُهُ ما أمَّلَ ، وآمَنتُهُ مِمّا مِنهُ وَجِلَ .
وقيلَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أخبِرنا عَن «بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ» أهِيَ مِن فاتِحَةِ الكِتابِ ؟
فَقالَ : نَعَم ، كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقرَؤُها ويَعُدُّها آيَةً مِنها ، ويَقولُ : فاتِحَةُ الكِتابِ هِيَ السَّبعُ المَثاني ۱ . ۲

۳۶۹۹.عيون أخبار الرضا عليه السلام عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار عن الحسن بن علي عن أبيه عن جدّه [الجواد] عليهم السلام :جاءَ رَجُلٌ إلَى الرِّضا عليه السلام فَقالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، أخبِرني عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ما تَفسيرُهُ ؟
فَقالَ : لَقَد حَدَّثَني أبي عَن جَدّي ، عَنِ الباقِرِ ، عَن زَينِ العابِدينَ، عَن أبيهِ عليهم السلام أنَّ رَجُلاً جاءَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : أخبِرني عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ما تَفسيرُهُ ؟
فَقالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ» هُوَ أن عَرَّفَ عِبادَهُ بَعضَ نِعَمِهِ جُمَلاً ، إذ لا يَقدِرونَ عَلى مَعرِفَةِ جَميعِها بِالتَّفصيلِ ، لِأَنَّها أكثَرُ مِن أن تُحصى أو تُعرَفَ ، فَقالَ لَهُم : قولوا :
«الْحَمْدُ لِلَّهِ» عَلى ما أنعَمَ بِهِ عَلَينا «رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ، وهُمُ الجَماعاتُ مِن كُلِّ مَخلوقٍ؛ مِنَ الجَماداتِ وَالحَيَواناتِ .

1.سميت سورة الفاتحة بالسبع المثاني (المثاني بمعنى الآية) ؛ لاشتمالها على سبع آيات ، وهذا يعني أنّ البسملة آية وجزء منها . أو أنّ «المثاني» بمعنى التثنية ، باعتبار تكرارها في تمام الصلوات اليومية . أو أنّ «المثاني» من «الثناء» باعتبار اشتمالها على الحمد والثناء الإلهي .

2.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۳۰۰ ح ۵۹ ، الأمالي للصدوق : ص ۲۳۹ ح ۲۵۳ ـ ۲۵۴ كلاهما عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار عن الإمام العسكري عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۲۲۶ ح ۳ وراجع : التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۵۸ ح ۳۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5026
صفحه از 438
پرینت  ارسال به