359
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن

والحكمة ـ إلى أرقى مراتب معرفة النفس ومعرفة اللّه فينال بذلك مقام الإمامة ۱ .
وعلى ضوء ما تقدّم فإنّ الأنبياء الإلهيّين وأوصيائهم الّذين ارتقوا إلى قمّة الحكمة العلميّة والعمليّة والحقيقيّة مكلّفون من قبل اللّه سبحانه بتعليم العلم والحكمة للناس .

ورثةُ علم الأنبياء عليهم السلام وحكمتهم

إنّ من أبرز خصائص أهل البيت عليهم السلام هي أنّهم ورثة علم النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم وحكمته، بل إنّهم ورثة جميع الأنبياء عليهم السلام ، ۲ ومن هنا فإنّهم مظهر الحكمة الإلهيّة ورأس الحكماء الإلهيّين .
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في شأن هذه الخصيصة لأهل البيت عليهم السلام ـ طبقا لهذا النقل ـ :
ألا إنَّ العِلمَ الّذي هَبَطَ بِهِ آدمُ وجَميعُ ما فُضِّلَت بِهِ النَّبيّونَ إلى خاتَمِ النَّبيّينَ في عِترَةِ خاتَمِ النَّبيّينَ والمُرسَلينَ ، فَأينَ يُتاهُ بِكُم وأينَ تَذهَبونَ؟! ۳
وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام حول هذا الموضوع قوله :
نَحنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وبَيتُ الرَّحمَةِ، ومَفاتيحُ الحِكمَةِ، ومَعدِنُ العِلمِ . ۴

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج۲ ص۷۳ (القسم الخامس / الفصل الأوّل / تحقيق في معنى الحكمة وأقسامها) .

2.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۶ ص ۲۵ (القسم الحادي عشر / الفصل الثاني / المنزلة العلميّة) وأهل البيت عليهم السلام في الكتاب والسنّة : ص ۱۳۱ (القسم الثالث / الفصل الأوّل / خلفاء النبيّ صلى الله عليه و آله ) و ص ۱۳۲ (اوصياء النبي صلى الله عليه و آله ) وص ۱۷۷ (القسم الرابع / الفصل الأوّل : خصائصهم فى العلم) .

3.تفسير العيّاشي : ج۱ ص۱۰۲ ح۳۰۰ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، الاحتجاج : ج۱ ص۳۶۷ ح۶۴ نحوه ، بحار الأنوار : ج۲ ص۱۰۰ ح۵۹ .

4.الكافي : ج ۱ ص ۲۲۱ ح ۳ ، بصائر الدرجات : ص ۷۷ ، بحار الأنوار : ج ۲۶ ص ۲۴۵ ح ۸ وراجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۲ ص ۴۷۲ (القسم العاشر / الفصل الخامس : الأمثال العليا في العلم والحكمة / آل محمّد) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
358

مع هذا الفارق ، وهو أنّ العلم يمثّل الدرجة الاُولى ، والعمل يمثّل الدرجة الثانية . وقد أشارت الأحاديث الّتي فسّرت الحكمة بامتثال أوامر اللّه سبحانه ومداراة الناس واجتناب المعاصي والمكر والحيلة إلى الحكمة العملية .

۳ . الحكمة الحقيقيّة

الحكمة الحقيقيّة عبارة عن نورٍ وبصيرةٍ تحصل للإنسان عن طريق تطبيق الحكمة العمليّة في الحياة . والواقع هو أنّ الحكمة العلميّة مقدّمة للحكمة العمليّة ، والحكمة العمليّة تمثّل نقطة البدء في الحكمة الحقيقيّة ، وما لم يصل الإنسان إلى هذه المرتبة من الحكمة فلا يعدّ حكيماً حقيقة ، وإن كان أكبر أساتذة الحكمة .
إنّ الحكمة الحقيقيّة فيالواقع هي عبارة عن جوهر العلم ونوره وعلم النور ، ولذا تترتّب عليها خواصّ العلم الحقيقي وآثاره الّتي يأتي على رأسها خشية اللّه ومخافته ، كما جاء بذلك الذكر الحكيم بقوله : «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ» ۱ .
وقد رُتّب هذا الأثر بعينه في كلام النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم على الحكمة الحقيقيّة حيث قال :
خَشيَةُ اللّهِ عز و جل رَأسُ كُلِّ حِكمَةٍ. ۲
إنّ الحكمة الحقيقيّة هي قوّة عقلية تضادّ الميول النفسانيّة ، وكلّما اشتدّت هذه القوّة ضعفت في قبالها تلك الميول إلى أن تضمحلّ وتزول بشكلٍ تامّ ، فيحيى العقل بشكلٍ كامل ويمسك بزمام الإنسان ، وتتهيّأ الأرضية بعد ذلك لزوال واندثار كافّة القبائح من وجوده ، فتكون الحكمة بالمآل ملازمة للعصمة ومقرونة بها ، فتحصل بذلك صفة الحكيم والعالم الحقيقي للإنسان ، ثمّ يصل ـ وهو في أعلى مراتب العلم

1.فاطر : ۲۸ .

2.الفردوس : ج ۲ ص ۱۹۳ ح ۲۹۶۴ عن أنس بن مالك ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۱۴۱ ح ۵۸۷۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3968
صفحه از 438
پرینت  ارسال به