اللّهُمَّ إنَّهُ لا عُذرَ لي فِي التَّأَخُّرِ عَنهُ وَالإِخلالِ بِزِيارَتِهِ مَعَ قُرب المَسافَةِ ، إلَا المَخاوِفُ الحائِلَةُ بَيني وبَينَهُ ، ولَولا ذلِكَ لَتَقَطَّعَت نَفسي حَسرَةً لِانقِطاعي عَنهُ أسَفا عَلى ما يَفوتُني مِنهُ .
اللّهُمَّ يَسِّر لِيَ الإِتمامَ ، وأعِنّي عَلى تَأَدّيهِ وما اُضمِرُهُ فيهِ ۱ وأراهُ أهلَهُ ومُستَوجِبُهُ ، فَأَنتَ بِنِعمَتِكَ الهادي إلَيهِ وَالمُعينُ عَلَيهِ ، اللّهُمَّ فَتَقَبَّل فَرضي ونَوافِلي وزِيارَتي ، وَاجعَلها زِيارَةً مُستَمِرَّةً وعادَةً مُستَقِرِّةً ، ولا تَجعَل ذلِكَ مُنقَطِعَ التَّواتِرِ يا كَريمُ .
فَإِذا أرَدتَ الوَداعَ ، فَصَلِّ رَكعَتَينِ وقُل :
السَّلامُ عَلَيكَ يا خَيرَ الأَنامِ لِأَكرَمِ إمامٍ وأكرَمِ رَسولٍ ، وَلِيُّكَ يُوَدِّعُكَ تَوديعَ غَيرِ قالٍ ولا سَئِمٍ لِلمُقامِ لَدَيكَ ، ولا مُؤثِرٍ لِغَيرِكَ عَلَيكَ ، ولا مُنصَرِفٍ لِما هُوَ أنفَعُ لَهُ مِنكَ ، تَوديعَ مُتَأَسِّفٍ عَلى فِراقِكَ ومُتَشَوِّقٍ إلى عَودِ لِقائِكَ، وَداعَ مَن يَعُدُّ الأَيّامَ لِزِيارَتِكَ، ويُؤثِرُ الغُدُوَّ وَالرَّواحَ إلَيكَ، ويَتَلَهَّفُ عَلَى القُربِ مِنكَ ومُشاهَدَةِ نَجواكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيكَ ، مَا اختَلَفَ الجَديدانِ ۲
وتَناوَحَ العَصرانِ وتَعاقَبَ الأَيّامُ .
ثُمَّ انكَبَّ عَلَى القَبرِ وقُل :
يا مَولايَ ما تَروَى النَّفسُ مِن مُناجاتِكَ ، ولا يَقنَعُ القَلبُ إلّا بِمُجاوَرَتِكَ ، فَلَو عَذَرَتنِي الحالُ الَّتي وَرائي لَتَرَكتُها ولَا استَبدَلتُ بِها جِوارَكَ ، فَما أسعَدَ مَن يُغاديكَ ويُراوِحُكَ ، وما أرغَدَ عَيشَ مَن يُمسيكَ ويُصبِحُكَ!