259
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن

وَالإِلحادُ وَالتَّعطيلُ ، وَالأَهواءُ وَالأَضاليلُ ، وَالِفتَنُ وَالأَباطيلُ .
وقامَ ناعيكَ عِندَ قَبرِ جَدِّكَ الرَّسولِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ، فَنَعاكَ إلَيهِ بِالدَّمعِ الهَطولِ ، قائِلاً : يا رَسولَ اللّهِ ، قُتِلَ سِبطُكَ وفَتاكَ ، وَاستُبيحَ أهلُكَ وحِماكَ ، وسُبِيَ بَعدَكَ ذَراريكَ ، ووَقَعَ المَحذورُ بِعِترَتِكَ وبَنيكَ ، فَنَزَعَ الرَّسولُ الرِّداءَ ، وعَزّاهُ بِكَ المَلائِكَةُ وَالأَنبِياءُ ، وفُجِعَت بِكَ اُمُّكَ فاطِمَةُ الزَّهراءُ ، وَاختَلَفَ جُنودُ المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ تُعَزّي أباكَ أميرَ المُؤمِنينَ ، واُقيمَت عَلَيكَ المَآتِمُ ، تَلطِمُ عَلَيكَ فيهَا الحورُ العينُ ، وتَبكيكَ السَّماواتُ وسُكّانُها ، وَالجِبالُ وخُزّانُها ، وَالسَّحابُ وأقطارُها ، وَالأَرضُوقيعانُها ، وَالبِحارُ وحيتانُها ، ومَكَّةُ وبُنيانُها ، وَالجِنانُ ووِلدانُها ، وَالبَيتُ وَالمَقامُ ، وَالمَشعَرُ الحَرامُ ، وَالحَطيمُ وزَمزَمُ ، وَالمِنبَرُ المُعَظَّمُ ، وَالنُّجومُ الطّوالِعُ ، وَالبُروقُ اللَّوامِعُ ، وَالرُّعودُ القَعاقِعُ ، ۱ وَالرِّياحُ الزَّعازِعُ ، وَالأَفلاكُ الرَّوافِعُ . فَلَعَنَ اللّهُ مَن قَتَلَكَ وسَلَبَكَ ، وَاهتَضَمَكَ وغَصَبَكَ ، وبايَعَكَ وَاعتَزَلَكَ ، وحارَبَكَ وساقَكَ ، وجَهَّزَ الجُيوشَ إلَيكَ ، ووَثَّبََالظَّلَمَةَ عَلَيكَ ، أبرَأُ إلَى اللّهِ سُبحانَهُ مِنَ الآمِرِ وَالفاعِلِ وَالغاشِمِ وَالخاذِلِ .
اللّهُمَّ فَثَبِّتني عَلَى الإِخلاصِ وَالوَلاءِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِحَبلِ أهلِ الكِساءِ ، وَانفَعني بِمَوَدَّتِهِم ، وَاحشُرني في زُمرَتِهِم ، وأدخِلنِي الجَنَّةَ بِشَفاعَتِهِم ، إنَّكَ وَلِيُّ ذلِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
ثُمَّ تَحَوَّل إلى عِندِ رِجلَيِ الحُسَينِ عليه السلام ، وقِف عَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام وقُل :
السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا الصِّدّيقُ الطَّيِّبُ الطّاهِرُ ، الزِّكِيُّ الحَبيبُ المُقَرَّبُ وَابنُ

1.القَعَاقِعُ : تتابع أصوات الرعد (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۶۹ «قعع») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
258

فَهَوَيتَ إلَى الأَرضِ طَريحا ضَمآنَ جَريحا ، تَطَؤُكَ الخُيولُ بِحَوافِرِها ، وتَعلوكَ الطُّغاةُ بِبَواتِرِها ، قَد رَشَحَ لِلمَوتِ جَبينُكَ ، وَاختَلَفَت بِالاِنبِساطِ وَالاِنقِباضِ شِمالُكَ ويَمينُكَ ، تُديرُ طَرفا مُنكَسِرا إلى رَحلِكَ ، وقَد شُغِلتَ بِنَفسِكَ عَن وُلدِكَ وأهلِكَ ، فَأَسرَعَ فَرَسُكَ شارِدا ، وأتى خِيامَكَ قاصِدا ، مُحَمحِما باكِيا .
فَلَمّا رَأَينَ النِّساءُ جَوادَكَ مَخزِيّا، وأبصَرنَ سَرجَكَ مَلوِيّا ، بَرَزنَ مِنَ الخُدورِ، لِلشُّعورِ ناشِراتٍ ، ولِلخُدودِ لاطِماتٍ ، ولِلوُجوهِ سافِراتٍ ، وبِالعَويلِ داعِياتٍ ، وبَعدَ العِزِّ مُذَلَّلاتٍ ، وإلى مَصرَعِكَ مُبادِراتٍ ، وشِمرٌ جالِسٌ عَلى صَدرِكَ ، مُولِغٌ سَيفَهُ في نَحرِكَ ، قابِضٌ شَيبَتَكَ بِيَدِهِ ، ذابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ ، وقَد سَكَنَت حَواسُّكَ ، وخَمَدَت أنفاسُكَ ، ووَرَدَ عَلَى القَناةِ رَأسُكَ ، وسُبِيَ أهلُكَ كَالعَبيدِ ، وصُفِّدوا فِي الحَديدِ فَوقَ أقتابِ ۱ المَطِيّاتِ ، تَلفَحُ وُجوهَهُم حَرورُ الهاجِراتِ ، يُساقونَ فِي الفَلَواتِ ، أيديهِم مَغلولَةٌ إلَى الأَعناقِ ، يُطافُ بِهِم فِي الأَسواقِ .
فَالوَيلُ لِلعُصاةِ الفُسّاقِ ، لَقَد قَتَلوا بِقَتلِكَ الإِسلامَ ، وعَطَّلُوا الصَّلاةَ وَالصِّيامَ ، ونَقَضُوا السُّنَنَ وَالأَحكامَ ، وهَدَموا قَواعِدَ الإِيمانِ ، وحَرَّفوا آياتِ القُرآنِ ، وهَملَجوا ۲ فِي البَغيِ وَالعُدوانِ .
لَقَد أصبَحَ رَسولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ مِن أجلِكَ مَوتوراً ، وعادَ كِتابُ اللّهِ مَهجورا ، وغودِرَ الحَقُّ إذ قُهِرتَ مَقهورا ، فُقِدَ بِفَقدِكَ التَّكبيرُ وَالتَّهليلُ ، وَالتَّحريمُ وَالتَّحليلُ ، وَالتَّنزيلُ وَالتَّأويلُ ، وظَهَرَ بَعدَكَ التَّغييرُ وَالتَّبديلُ ،

1.القَتب : رحل صغير على قدر السنام (الصحاح : ج ۱ ص ۱۹۸ «قتب») .

2.الهملجة والهملاج : حسن سير الدابّة في سرعة (لسان العرب : ج ۲ ص ۳۹۴ «هملج») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّامن
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5126
صفحه از 438
پرینت  ارسال به