361
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

فَنَحنُ نُشهِدُ اللّهَ أنّا قَد شارَكنا أولِياءَكُم وأنصارَكُمُ المُتَقَدِّمينَ، في إراقَةِ دِماءِ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ ۱ ، وقَتَلَةِ أبي عَبدِ اللّهِ سَيِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ يَومَ كَربَلاءَ، بِالنِّيّاتِ وَالقُلوبِ، وَالتَّأَسُّفِ عَلى فَوتِ تِلكَ المَواقِفِ، الَّتي حَضَروا لِنُصرَتِكُم ، وَاللّهُ وَلِيّي يُبَلِّغُكُم مِنِّي السَّلامَ .
ثُمَّ اجعَلِ القَبرَ بَينَكَ وبَينَ القِبلَةِ وقُل:
اللّهُمَّ يا ذَا القُدرَةِ الَّتي صَدَرَ عَنهَا العالَمُ مُكَوَّنا مَبروءا عَلَيها، مَفطورا تَحتَ ظِلِّ العَظَمَةِ، فَنَطَقَت شَواهِدُ صُنعِكَ فيهِ بِأَنَّكَ أنتَ اللّهُ لا إلهَ إلّا أنتَ، مُكَوِّنُهُ وبارِئُهُ وفاطِرُهُ. ابتَدَعتَهُ لا مِن شَيءٍ، ولا عَلى شَيءٍ، ولا في شَيءٍ، ولا لِوَحشَةٍ دَخَلَت عَلَيكَ إذ لا غَيرُكَ، ولا حاجَةٍ بَدَت لَكَ في تَكوينِهِ، ولا لِاستِعانَةٍ مِنكَ عَلى ما تَخلُقُ بَعدَهُ، بَل أنشَأتَهُ لِيَكونَ دَليلاً عَلَيكَ، بِأَنَّكَ بائِنٌ مِنَ الصُّنعِ، فَلا يُطيقُ المُنصِفُ بِعَقلِهِ إنكارَكَ، وَالمَوسومُ بِصِحَّةِ المَعرِفَةِ جُحودَكَ.
أسأَلُكَ بِشَرَفِ الإِخلاصِ في تَوحيدِكَ، وحُرمَةِ التَّعَلُّقِ بِكِتابِكَ ، وأهلِ بَيتِ نَبِيِّكَ، أن تُصَلِّيَ عَلى آدَمَ بَديعِ فِطرَتِكَ، وبِكرِ حُجَّتِكَ، ولِسانِ قُدرَتِكَ ، وَالخَليفَةِ في بَسيطَتِكَ، وعَلى مُحَمَّدٍ الخالِصِ مِن صَفوَتِكَ، وَالفاحِصِ عَن مَعرِفَتِكَ، وَالغائِصِ المَأمونِ عَلى مَكنونِ سَريرَتِكَ، بِما أولَيتَهُ مِن نِعمَتِكَ بِمَعونَتِكَ، وعَلى مَن بَينَهُما مِنَ النَّبِيّينَ وَالمُكَرَّمينَ وَالأَوصِياءِ وَالصِّدّيقينَ، وأن تَهَبَني لِاءِمامي هذا .
وضَع خَدَّكَ عَلى سَطحِ القَبرِ وقُل:

1.الناكثون : أصحاب الجمل؛ لأنّهم نكثوا بيعتهم . والقاسطون : أهل صفّين؛ لأنّهم جاروا في حكمهم وبغوا عليه . والمارقون : الخوارج ؛ لأنّهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرميّة (النهاية : ج ۴ ص ۶۰ «قسط») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
360

وقَلبِ مَفخَرِهِ ، وإخفاءِ دينِهِ، وقَطعِ ذِكرِهِ.
يا مَوالِيَّ ، فَلَو عايَنَكُمُ المُصطَفى وسِهامُ الاُمَّةِ مُعرِقَةٌ ۱ في أكبادِكُم، ورِماحُهُم مُشرَعَةٌ في نُحورِكُم، وسُيوفُها مولَغَةٌ في دِمائِكُم، يَشفي أبناءُ العَواهِرِ غَليلَ الفِسقِ مِن وَرَعِكُم، وغَيظَ الكُفرِ مِن إيمانِكُم.
وأنتُم بَينَ صَريعٍ فِي المِحرابِ، قَد فَلَقَ السَّيفُ هامَتَهُ ، وشَهيدٍ فَوقَ الجِنازَةِ قَد شُكَّت ۲ أكفانُهُ بِالسِّهامِ، وقَتيلٍ بِالعَراءِ قَد رُفِعَ فَوقَ القَناةِ رَأسُهُ، ومُكَبَّلٍ فِي السِّجنِ قَد رُضَّت بِالحَديدِ أعضاؤُهُ، ومَسمومٍ قَد قُطِعَت بِجُرَعِ السَّمِّ أمعاؤُهُ، وشَملُكُم عَباديدُ ۳ تُفنيهِمُ العَبيدُ وأبناءُ العَبيدِ.
فَهَلِ المِحَنُ ـ يا ساداتي ـ إلَا الَّتي لَزِمَتكُم، وَالمَصائِبُ إلَا الَّتي عَمَّتكُم، وَالفَجايِعُ إلَا الَّتي خَصَّتكُم، وَالقَوارِعُ ۴ إلَا الَّتي طَرَقَتكُم، صَلَواتُ اللّهِ عَلَيكُم وعَلى أرواحِكُم وأجسادِكُم، ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ.
ثُمَّ قَبِّلهُ وقُل:
بِأَبي واُمّي يا آلَ المُصطَفى، إنّا لا نَملِكُ إلاّ أن نَطوفَ حَولَ مَشاهِدِكُم، ونُعَزِّيَ فيها أرواحَكُم، عَلى هذِهِ المَصائِبِ العَظيمَةِ الحالَّةِ بِفِنائِكُم ، وَالرَّزايَا الجَليلَةِ النّازِلَةِ بِساحَتِكُمُ، الَّتي أثبَتَت في قُلوبِ شيعَتِكُمُ القُروحَ، وأورَثَت أكبادَهُمُ الجُروحَ، وزَرَعَت في صُدورِهُمُ الغُصَصَ.

1.أعرَقَ الشجرُ : إذا امتدّت عروقه في الأرض (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۲۴ «عرق») .

2.شَكَكْتُه بالرمح : أي خرقته وانتظمته (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۹۵ «شكك») .

3.العَباديد : الفِرَق من الناس الذاهبون في كلّ وجه ، وكذلك العَبابيد (الصحاح : ج ۲ ص ۵۰۴ «عبد») .

4.القارِعَة : الشديدة من شدائد الدهر ، وهي الداهية . يقال : قَرَعَتهم قوارع الدهر؛ أي أصابتهم (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۶۳ «قرع») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5927
صفحه از 410
پرینت  ارسال به