305
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

يمكن للقيم الإلهيّة أن تتحقّق وتسمو، وكما روي عن الإمام الرضا عليه السلام ، فإنّ إمامة الإمام العادل يعتبر أساس سموّ الإسلام :
إنَّ الإِمامَةَ اُسُّ الإِسلامِ النّامي . ۱
وعلى هذا الأساس، فإنّ قيادة الإمام العادل التي هي مظهر هيمنة التوحيد، هي روح الحجّ وجوهره وحقيقته، والحجّ لا يكون حقيقيّا إلّا عندما يؤدّى في ظلّ قيادة الإمام العادل ، والبراءة من قيادة الحكّام الجائرين الذين يمثّلون هيمنة الشرك والطاغوت ؛ ذلك لأنّ الحجّ برمّته تلبية لوحدانيّة اللّه سبحانه وتعالى ، والبراءة من مطلق الشرك والمشرك ، وبذلك فإنّ الحجّ الذي لا يرتبط بالنظام التوحيديّ والإمامة ـ التي هي مظهره ـ ليس حجّاً حقيقيّاً ، بل هو حجّ الجاهليّة ، كما روى المحدّث الكبير ثقة الإسلام الكليني عن أحد أصحاب الإمام الباقر عليه السلام ويُدعى فضيلاً ، حيث قال :
نَظَرَ ( أبو جَعفَرٍ عليه السلام ) إلَى النّاسِ يَطوفونَ حَولَ الكَعبَةِ ، فَقال : هكَذا كانوا يَطوفونَ فِي الجاهِلِيَّةِ ، إنَّما اُمِروا أن يَطوفوا بِها ، ثُمَّ يَنفِروا إلَينا فَيُعلِمونا وَلايَتَهُم ومَوَدَّتَهُم ، ويَعرِضوا عَلَينا نُصرَتَهُم . ۲
وجاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام :
إنَّما اُمِرَ النّاسُ أن يَأتوا هذِهِ الأَحجارَ فَيَطوفوا بِها، ثُمَّ يَأتوا فَيُخبِرونا بِوَلايَتِهِم ، ويَعرِضوا عَلَينا نُصرَتَهُم . ۳
وصرّح في ثالثة قائلاً :

1.الكافي: ج ۱ ص ۲۰۰ ح ۱ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۲۱۸ ح ۱، كمال الدين: ص ۶۷۷ ح ۳۱، الأمالي للصدوق: ص ۷۷۵ ح ۱۰۴۹.

2.الكافي: ج ۱ ص ۳۹۲ ح ۱ ، تأويل الآيات: ج ۱ ص ۳۳۶ ح ۹.

3.علل الشرائع: ص ۴۵۹ ح ۴، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۲۶۲ ح ۳۰.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
304

أهمّية الحجّ بمفهومه الحقيقيّ ، فلو لم يكن للحجّ أهمّية بالغة، لما كان هناك من معنى لجعله معياراً لتقييم القيم الاُخرى ، كما هو الحال بالنسبة إلى الروايات التي ذكرت أنّ ثواب الإصلاح بين الزوجة والزوج، أو الصبر عند المصائب يعادل ثواب ألف شهيد، فإنّ المراد منها ليس هو تثبيط الناس عن التوجّه إلى الجبهة والجهاد ، والانشغال بإصلاح شؤون الاُسرة بدلاً عن الجهاد ، أو أن يسلكوا سبيل الصبر عند المصائب، بل إنّ الهدف هو بيان أهمّية الحيلولة دون تفكّك الروابط الاُسريّة ، وكذلك الصبر و المقاومة عند الشدائد .
وبعبارة أوضح : لمّا كانت قيمة الحجّ والشهادة في سبيل اللّه وأهمّيتهما واضحتان وبديهيّتان لجميع المسلمين، فقد اتّخذ أئمّة الإسلام من الحجّ والشهادة معياراً لتقييم الاُمور التي لها دور أساسي في بناء المجتمع من أجل لفت أنظار المسلمين إليها، وبشّروا الذين يؤدّون هذا النوع من الاُمور الاجتماعيّة إلى جانب أدائهم للواجبات، بأنّ اللّه ينعم عليهم من فضله بأجر لا تمكن مقارنته مع ثواب القيام بالواجبات .
وبناءً على ذلك، فإنّ سبب مضاعفة الثواب في الاُمور التي مرّت الإشارة إليها، هو عدم وجود ملاك الوجوب فيها من جهة كي يوجب الشارع أداءها ، ومن جهة اُخرى فإنّ أداءها ضروريّ لبناء المجتمع الإسلامي المطلوب ، ولذلك فإنّ الشارع يحضّ ويشجّع الناس على القيام بها من خلال مضاعفة الثواب .

۳ . لفت الانتباه إلى حقيقة الحجّ

تتمثّل الملاحظة الأهمّ في الروايات التي اعتبرت زيارة الإمام الحسين عليه السلام أفضل من الحجّ ، في لفت انتباه المسلمين إلى روح الحجّ وحقيقته .
فروح جميع العبادات ـ والتي يعتبر الحجّ أكثرها شموليّة ـ هو حاكميّة النظام القائم على التوحيد بقيادة الإمام العادل في المجتمع، ففي ظلّ هذا النظام وحده

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5849
صفحه از 410
پرینت  ارسال به