أهمّية الحجّ بمفهومه الحقيقيّ ، فلو لم يكن للحجّ أهمّية بالغة، لما كان هناك من معنى لجعله معياراً لتقييم القيم الاُخرى ، كما هو الحال بالنسبة إلى الروايات التي ذكرت أنّ ثواب الإصلاح بين الزوجة والزوج، أو الصبر عند المصائب يعادل ثواب ألف شهيد، فإنّ المراد منها ليس هو تثبيط الناس عن التوجّه إلى الجبهة والجهاد ، والانشغال بإصلاح شؤون الاُسرة بدلاً عن الجهاد ، أو أن يسلكوا سبيل الصبر عند المصائب، بل إنّ الهدف هو بيان أهمّية الحيلولة دون تفكّك الروابط الاُسريّة ، وكذلك الصبر و المقاومة عند الشدائد .
وبعبارة أوضح : لمّا كانت قيمة الحجّ والشهادة في سبيل اللّه وأهمّيتهما واضحتان وبديهيّتان لجميع المسلمين، فقد اتّخذ أئمّة الإسلام من الحجّ والشهادة معياراً لتقييم الاُمور التي لها دور أساسي في بناء المجتمع من أجل لفت أنظار المسلمين إليها، وبشّروا الذين يؤدّون هذا النوع من الاُمور الاجتماعيّة إلى جانب أدائهم للواجبات، بأنّ اللّه ينعم عليهم من فضله بأجر لا تمكن مقارنته مع ثواب القيام بالواجبات .
وبناءً على ذلك، فإنّ سبب مضاعفة الثواب في الاُمور التي مرّت الإشارة إليها، هو عدم وجود ملاك الوجوب فيها من جهة كي يوجب الشارع أداءها ، ومن جهة اُخرى فإنّ أداءها ضروريّ لبناء المجتمع الإسلامي المطلوب ، ولذلك فإنّ الشارع يحضّ ويشجّع الناس على القيام بها من خلال مضاعفة الثواب .
۳ . لفت الانتباه إلى حقيقة الحجّ
تتمثّل الملاحظة الأهمّ في الروايات التي اعتبرت زيارة الإمام الحسين عليه السلام أفضل من الحجّ ، في لفت انتباه المسلمين إلى روح الحجّ وحقيقته .
فروح جميع العبادات ـ والتي يعتبر الحجّ أكثرها شموليّة ـ هو حاكميّة النظام القائم على التوحيد بقيادة الإمام العادل في المجتمع، ففي ظلّ هذا النظام وحده