الميل والعدول. وبناءً على ذلك فإنّ مفهوم كلمة «الزيارة» يختلف عن معاني كلماتٍ ، مثل : «الرؤية»، «المشاهدة» و«الإبصار » ؛ ذلك أنّ هذه الكلمات تعني الرؤية الحضورية فقط ، وأمّا الزيارة فهي الرؤية مع الميل والمحبّة والاُنس والإكرام ، بالإضافة إلى الإعراض عن الاُسرة والآخرين .
جذور الزيارة في الفطرة
الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، حيث يأنس إلى أبناء جنسه ويقيم العلاقة معهم، ولذلك فإنّ زيارة الناس بعضهم لبعض مع الميل والمحبّة تمتدّ جذورها في فطرتهم ، وفي الحقيقة فإنّ الزيارة تؤمّن قسماً من حاجات الإنسان الفطرية .
وتستمرّ هذه الحاجة الفطرية بعد موت محبوب الإنسان أيضاً، رغم تضاؤل شدّتها، وبسبب هذه الحاجة الفطرية فإنّ زيارة قبور الأقارب والأصدقاء كانت وما تزال بشكلٍ من الأشكال مرسومة لدى شعوب العالم .
الزيارة من وجهة نظر الإسلام
اهتمّ الإسلام الذي هو دين الفطرة، بموضوع الزيارة اهتماماً خاصّاً. وقد قدّمت الروايات الإسلامية إرشادات قيّمة حول الزيارة بهدف الاستغلال الأمثل لهذه الأرضية الفطرية لدى البشر باتّجاه نموّ الإنسانية وازدهارها وبناء المجتمع المثالي.
والنقطة الملفتة للنظر في روايات أهل البيت عليهم السلام ، هي أنّ معيار توصيتِهم بالزيارة وحثّهم عليها، تابِعٌ لمستوى تأثيرها ودورها في البناء الفردي والاجتماعي. وبذلك، فكلّما كانت الزيارة أكثر فائدة لبناء المجتمع التوحيدي، كان التأكيد على أدائها أكثر. وعلى هذا الأساس، فقد تمّ الحثّ على زيارة الأقارب، أهل الإيمان، العلماء، أولياء اللّه وخاصّة أهل البيت عليهم السلام في زمان حياتهم وبعد مماتهم .