51
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

فَقالَ : هاهُنا قَريبا وأعودُ . فَقُلتُ لِغُلامي : أسرِج ، فَرَكِبتُ وأتبعَتُهُ ، فَإِذا هُوَ واقِفٌ فِي الكِناسِ ـ وهِيَ مَحَلَّةُ بَني أسَدٍ ـ وقَد ثَنى رِجلَهُ عَلى مَعرِفَةِ فَرَسِهِ ، فَما لَبِثَ أن أطلَعَ قَومٌ مَعَهُم حَرمَلَةُ بنُ كاهِلٍ الأَسَدِيُّ ، في عُنُقِهِ حَبلٌ ، وهُوَ مَكتوفُ اليَدَينِ إلى وَرائِهِ .
فَقالَ المُختارُ : قَطِّعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ . فَوَاللّهِ ، ما تَمَّ الأَمرُ حَتّى قَطَّعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ وهُوَ واقِفٌ ، ثُمَّ أمَرَ بِنَفطٍ وقَصَبٍ ، فَصَبَّ عَلَيهِ النَّفطَ وألقى عَلَيهِ القَصَبَ ، وطَرَحَ فيهَا النّارَ ، فَاُحرِقَ ، فَقُلتُ : لا إلهَ إلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، فَقالَ يا بِشرُ : أنكَرتَ فِعلي بِحَرمَلَةَ هذا ، أنسَيتَ فِعلَهُ بِآلِ عَلِيٍّ ومَوقِفَهُ فيهِم يَومَ الحُسَينِ عليه السلام وقَد رَمى طِفلاً لِلحُسَينِ عليه السلام وهُوَ في حِجرِهِ بِسَهمٍ ؟!
فَقُلتُ : أيُّهَا الأَميرُ ! ما أنكَرتُ ذلِكَ ، وإنَّ هذا قَليلٌ في جَنبِ ما أعَدَّ اللّهُ لَهُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ الإِثمَ الدّائِمَ ، ولكِنّي اُحَدِّثُ الأَميرَ بِشَيءٍ ذَكَرتُهُ ، يَسُرَّهُ ويُثَبِّتُ قَلبَهُ ويُقَوّي عَزمَهُ .
قالَ : وما هُوَ يا مُبارَكُ ؟
قُلتُ : حَجَجتُ سَنَةً ، فَأَتَيتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام زائِرا ومُسَلِّما عَلَيهِ ، فَسَأَلَني عَن حَرمَلَةَ بنِ كاهِلٍ هذا ، فَقُلتُ : هُوَ أحَدُ بَني مَوقِدِ النّارِ . فَقالَ : قَطَّعَ اللّهُ يَدَيهِ ورِجلَيهِ ، وأوقَدَ عَلَيهِ النّارَ عاجِلاً غَيرَ آجِلٍ .
قالَ : فَخَرَّ المُختارُ ساجِدا عَلى قَرَبوسِ سَرجِهِ ، وكادَ أن يَطيرَ مِنَ السَّرجِ فَرَحا وسُرورا ، وقالَ : الحَمدُ للّهِِ ، بَشَّرَكَ اللّهُ ـ يا بِشرُ ـ بِخَيرٍ .
فَلَمَّا انصَرَفنا وصارَ إلى بابِ داري ، قُلتُ : إن رَأَى الأَميرُ أن يُكرِمَني بِنُزولِهِ عِندي ، ويُشَرِّفَني بِأَكلِهِ طَعامي ؟ فَقالَ : سُبحانَ اللّهِ ، ولَهُ الحَمدُ ! تُحَدِّثُني بِما حَدَّثتَني بِهِ عَن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام وتَسأَلُنِي الغَداءَ! لا وَاللّهِ ـ يا بِشرُ ـ ، ما هذا يَومُ


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
50

فَقُلتُ : أيُّهَا الأَميرُ ! دَخَلتُ في سَفرَتي هذِهِ مُنصَرَفي مِن مَكَّةَ عَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ لي : يا مِنهالُ ، ما فَعَلَ حَرمَلَةُ بنُ كاهِلَةَ الأَسَدِيُّ ؟ فَقُلتُ : تَرَكتُهُ حَيّا بِالكوفَةِ . فَرَفَعَ يَدَيهِ جَميعا ، فَقالَ : اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ الحَديدِ ، اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ الحَديدِ ، اللّهُمَّ أذِقهُ حَرَّ النّارِ .
فَقالَ لِيَ المُختارُ : أسَمِعتَ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام يَقولُ هذا ؟ فَقُلتُ : وَاللّهِ ، لَقَد سَمِعتُهُ قالَ .
فَنَزَلَ عَن دابَّتِهِ وصَلّى رَكعَتَينِ ، فَأَطالَ السُّجودَ ، ثُمَّ قامَ فَرَكِبَ ، وقَدِ احتَرَقَ حَرمَلَةُ ، ورَكِبتُ مَعَهُ وسِرنا ، فَحاذَيتُ داري ، فَقُلتُ : أيُّهَا الأَميرُ ! إن رَأَيتَ أن تُشَرِّفَني وتُكَرِّمَني وتَنزِلَ عِندي وتَحَرَّمَ بِطَعامي .
فَقالَ : يا مِنهالُ ! تُعلِمُني أنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام دَعا بِأَربَعِ دَعَواتٍ ، فَأَجابَهُ اللّهُ عَلى يَدَيَّ ، ثُمَّ تَأمُرُني أن آكُلَ ! هذا يَومُ صَومٍ شُكرا للّهِِ عز و جل عَلى ما فَعَلتُهُ بِتَوفيقِهِ .
حَرمَلَةُ هُوَ الَّذي حَمَلَ رَأسَ الحُسَينِ عليه السلام . ۱

۲۶۲۱.الأمالي للشجري عن بشر بن غالب الأسدي :حَجَجتُ سَنَةً ، فَأَتَيتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام زائِرا ومُسَلِّما ، فَقالَ لي : يا بِشرُ ، أيُّكُم حَرمَلَةُ بنُ كاهِلٍ ؟ قُلتُ : ذاكَ أحَدُ بَني موقِدٍ . قالَ : أوقَدَ اللّهُ عَلَيهِ النّارَ ، وقَطَّعَ يَدَيهِ ورِجلَيهِ عاجِلاً غَيرَ آجِلٍ ، فَإِنَّهُ رَمى صَبِيّا مِن صِبيانِنا بِسَهمٍ فَذَبَحَهُ .
قالَ بِشرٌ : فَخَرَجَ المُختارُ بنُ أبي عُبَيدٍ وأنَا بِالكُوفَةِ ، وإنّي لَجالِسٌ عَلى بابِ داري ، إذ أقبَلَ المُختارُ في جَماعَةٍ كَثيرَةٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ، فَقُلتُ : أينَ يُريدُ الأَميرُ ؟

1.الأمالي للطوسي : ص ۲۳۸ ح ۴۲۳ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۳۲۴ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۳۳۲ ح ۱ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۳۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5450
صفحه از 430
پرینت  ارسال به