297
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

أساليب اُخرى أحيانا ، بنحو لم يكن بعضها مرضيّا عند العلماء ، وعلى حدّ تعبير عبد اللّه الأفندي «أطواراً غريبة» ۱ ، لكنّها لم تبلغ الحدّ الذي يدفع العلماء إلى أن يمنعوا الناس منها .وقد أدّى اتّساع مراسم العزاء في البلدان المختلفة وبأشكال متباينة، إلى أن تنفذ شيئاً فشيئاً بين الشعائر المحلّية والوطنيّة أيضاً وتحوّلت إلى شعائر وطنيّة ودينيّة . وقد تعدّت شعائر العزاء النطاق الجغرافي لإيران إلى المناطق الاُخرى . ۲ وعلى سبيل المثال فقد انتشرت بين شيعة الهند، واكتسبت هناك الطابع المحلّي بشكل مدهش ، ثمّ انتقلت مع المهاجرين الهنود إلى بلدان مثل أندونيسيا، بل وحتّى بلدان أميركا الوسطى.

1.صفوية در عرصة دين، فرهنگ وسياست (بالفارسية): ج ۱ ص ۴۶۵ نقلاً عن تحفة فيروزيه، ميرزا عبد اللّه أفندي : ص ۱۶۶.

2.وصلنا نقل تاريخي طريف من «رحلة محمّد ربيع بن محمّد إبراهيم»، سفير الدولة الصفوية في دولة سيام الواقعة في منطقة الهند والصين، والتي عُرفت بـ «السفينة السليمانية»، ويمكن أن تكون من مصاديق هذا الادّعاء. وقد كان هذا البلد الذي هو اليوم جزء من الأراضي التايلندية الحالية، يستعين عادةً بحكومة إيران في المنافسات المحلّية مع الحكومات الاُخرى؛ وذلك على إثر نفوذ التجّار الإيرانيين في حكومتها، وكانت تربطها علاقات جيّدة للغاية مع الدولة الصفوية. وقد أشار السفير الذي سافر إلى هذا البلد في عهد الشاه سليمان في مذكرات سفره، إلى موضوع إقامة مراسم العزاء فيه قائلاً: «حلّ محرّم سنة ۱۰۹۸، وكان هذا الملك [ملك سيام] في بادئ الأمر حيث جلس على مسند حكم تلك الولاية بمساعدة شعب إيران الذين كانوا منشغلين بإقامة مراسم العزاء لأبي عبداللّه الحسين عليه السلام بالنحو الذي سنذكره عاجلاً، كان قد قرّر أن يقيم أهالي مغولية [أي أهالي منطقة الهند والصين وسيام ]مراسم العزاء حسب طقوسهم وشعائرهم، وقام المرحوم آقا محمّد بهدم بيت الأصنام إلى جوار ديارهم بعد أن رأى المصلحة في ذلك، وبنى مسجداً له فضوة، وقرّر أن يمنحهم سنوياً المفروشات والآثاث والشربت والشموع والمصابيح وما يحتاجونه من أجل إقامة المراسم مع مبلغ نقدي من مخصّصات كلّ سنة، وكان قد بذل الاهتمام في هذه السنّة من باب أولى. ولذلك فقد انشغل الإيرانيون [المقيمون في ذلك البلد ]بالتعزية، وكلّف بأن ينقل هؤلاء العبيد كلّ يوم إلى ذلك المسجد ثمّ يعتلي الخطيب المنبر ليلعن بصوت عال عبدة الأوثان والكفّار، وكان في سنواته السابقة يقف ليلاً على ظهر الفيل ويتجوّل ويتفرّج، وكانوا حسب السنّة العريقة والمراسيم المتينة يقرؤون في أوّل الاحتفال وآخره، الفاتحة لسلامة إمام الدين والدنيا وولي النعمة التحقيقي، وكذلك لإفناء واستعدام أعداء أهل البيت، وبعد ذلك يقرؤون الفاتحة للاستهداء (سفينة سليماني «بالفارسية»: ص ۷۴ و ۷۵) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
296

وعلى أيّ حال، فقد كان لمراسم العزاء في هذا العصر نطاق واسع ملفت للنظر، وعلى سبيل المثال، فقد وصلتنا من بين الوثائق الحكوميّة للدولة العثمانيّة تقارير عن شعائر العزاء التي كانت تقيمها الفرقة البكتاشية ۱ في يوم عاشوراء، رغم كلّ التشدّد الذي كانت تمارسه هذه الدولة . ۲ وكان الشيعة في العراق والشام وحلب وحتّى في شرق الإمبراطوريّة العثمانيّة يمارسون هذه الشعائر، ويروي المؤرّخ «مارينو سالزتون» أنّ الشيعة كانوا يشكّلون في أعتاب القرن العاشر الهجري أربعة أخماس آسيا الصغرى (تركيا) . ۳ ومن الطبيعيّ أنّهم كانوا يقيمون مراسم العزاء وخاصّة في مدن الحلّة وكربلاء والنجف نظراً إلى أنّ إقامة العزاء كان قد أصبح سنّة ثابتة. ومن الطريف أنّ ابن طولون، مؤرّخ القرن العاشر، يخبرنا عن مسيرة العزاء وكيفيّته في الشام خلال تقرير حوادث عامي ۹۰۷ ۴ و ۹۲۴ ه . ق .وقد كان العزاء على الإمام الحسين عليه السلام واسعاً للغاية في العهد الصفوي ؛ نظراً إلى تمتّعه بدعم حكوميّ مضافا الى تنوّعه ، وأصبح الناس الذين كانوا قد حافظوا على هذه السنّة وأقاموا العزاء سرّاً وعلناً على مرّ التاريخ، أصبحوا الآن يقيمون العزاء بشكل علني ودون أن يعيروا الأهمّية لانتقادات المعارضين، بل صاروا يضيفون إلى أساليب العزاء الرائجة

1.هي إحدى طرق التصوّف ، ولا زالت موجودة بوضوح في الآناضول والبلقان (راجع : فرهنگ فرق إسلامي «بالفارسية»: ص۱۰۲) .

2.مجلّة معارف: الدورة العاشرة، العدد ۱، فروردين ـ تير ۱۳۷۲ ص ۶۲ ـ ۱۱۶ .

3.إسلام در إيران (بالفارسية) لپطروشفسكي : ص ۳۸۷ نقلاً عن «سفيران وينزي»۹۲۰ ه . ق/ ۱۵۱۴م.

4.مفاكهة الخلّان في حوادث الزمان لابن طولون- في سنة ۹۰۷-: وفي يوم عاشوراء اجتمع جماعة من أوباش الأعاجم والقلندرية وأظهروا قاعدة الروافض من إدماء الوجوه وغير ذلك، فقام عليهم بعض الناس. و ـ في سنة ۹۲۴ـ : وفي يوم الثلاثاء سابعه [سابع المحرم ]دارت أعاجم يندبون الحسين قدس سره ، في أسواق دمشق، وطلعوا إلى الصالحية ومعهم سنجق وباسوس مملوء دراهم، فصاحت صوفية دمشق، وذهبوا إلى القاضي زين الدين الرومي، وأخبروه بهذه البدعة، فأمر بالقبض عليهم، ففتّشوا عليهم فرأوهم في سوق جقمق، فربطوهم وجاؤوا بهم إلى القاضي المذكور. فأمر بكسر سنجقهم وضربهم، فخرجوا هاربين (مفاكهة الخلّان في حوادث الزمان : ج ۲ ص ۷۸).

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5537
صفحه از 430
پرینت  ارسال به