فعندما هجم السلطان الأيّوبي على تلك المنطقة من أجل القضاء على حاكم حلب وطلب الحاكم من الناس المساعدة، اشترط الشيعة لحضورهم إظهار الشعائر ، ومن جملتها نداء «حيّ على خير العمل» في المسجد الجامع ، فوافق الحاكم على شرطهم . ۱
المرحلة الخامسة (إقامة العزاء في القرن السادس حتّى التاسع الهجري)
القرن السادس
بدأت المناطق الشيعيّة في إيران والعراق القرن السادس الهجري باستمرار حكم السلاجقة ، وفي هذا العهد كان الفاطميّون الشيعة الإسماعيليّون مايزالون يحكمون مصر. ومع مرور الزمن خفّف السلاجقة من ضغوطهم ، وأظهر الشيعة مراسم العزاء في عاشوراء تدريجيّاً بعد حصولهم على حرّية أكثر. وتدلّ الروايات المختلفة ـ سواءً ما ذكرناه حتّى الآن أو ما جاء بشكل متفرّق في صفحات التاريخ ـ على أنّ الشيعة كانوا يقيمون العزاء على الإمام الحسين عليه السلام من أجل بيان عقائدهم وأفكارهم، وكذلك بهدف إبراز تلك الحادثة باعتبارها رمزاً للمواقف الشيعيّة ، ولم يكفّوا أبداً عن إقامة ذلك العزاء ، وكانوا يستغلّون أيّة فرصة لإقامته سرّاً وعلناً بشكل يتناسب مع نوع أنظمة الحكم، والحرّيات المتاحة لهم، أو الضغوط المفروضة عليهم.
وتعدّ رواية عبد الجليل الرازي القزويني في كتاب النقض في القرن السادس الهجري في غاية الوضوح ، فهو من جهة يجيب على الشبهات ، ويروي من جهة اُخرى إقامة أهل السنّة مراسم العزاء في المناطق المختلفة كي يظهرها على أنّها ظاهرة طبيعيّة إنسانيّة ودينيّة ، كما يتحدّث عن مجالس العزاء لخطيبين معروفين هما (علي بن الحسين الغزنوي وقطب الدين مظفّر أمير عبادي) وأنّ عزاء الإمام الحسين عليه السلام يتجدّد كلّ عام يوم عاشوراء في بغداد مقترنا بالصراخ والعويل . ۲