277
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

وعبدالجبّار المعتزلي ۱ ـ أشاروا إلى ظاهرة إقامة مراسم العزاء في مدن العالم الإسلامي الكبرى في ظلّ الدول الشيعيّة في القرنين الرابع والخامس .

مراسم العزاء في بغداد

بعد مرسوم معزّ الدولة، تحوّل العزاء في بغداد إلى شعائر رسميّة كانت تقام سنويّاً في كلّ حارة وزقاق بحضور الشيعة . ۲ ولكنّ المجتمع السنّي الساكن في حاضرة الخلافة لم يكن يستسيغ هذه الظاهرة ، ولذلك كانت تقع بعض المصادمات أحياناً . ۳

1.قال القاضي عبدالجبار (م۴۱۵ هـ . ق) : وملوك الأرض منذ نحو مئة سنة من الديلم وبني حمدان ومَن بالبحرين وعمران في البطيحة ومَن باليمن والشام وآذربايجان، وكلّ هؤلاء الملوك أصحاب الإمامة ومشيعة وفي الأرض كلّها ، ودولة بني العبّاس لم يبق منها إلّا اسمها في بعض المواضع والموضع الذي فيه سلطانهم وملكهم وعزهم... . وفي هذا الزمان منهم مثل أبي جبلة إبراهيم بن عنسان... وأبي عبداللّه محمّدبن النعمان، فهؤلاء بمصر وبالرملة وبصور وبعكّا وبعسقلان وبدمشق وببغداد وبجبل البسماق، وكلّ هؤلاء يدّعون التشيّع ومحبّة رسول اللّه وأهل بيته، فيبكون على فاطمة وعلى ابنها المحسن الذي زعموا أنّ عمر قتله... ويقيمون المنشدين والمناحات في ذلك (تثبيت دلائل النبوّة للقاضي عبدالجبّار الهمداني: ص ۴۴۳ ). ومن خلال روايات العزاء في المناطق المذكورة على فاطمة سلام اللّه عليها يمكن أن نستنبط رواج العزاء بالأشكال المذكورة، أي النياحة وإنشاد المراثي والبكاء على حادثة عاشوراء الأليمة أيضاً من باب الأولويّة.

2.في المنتظم ـ في ذكر حوادث سنة ۳۶۱ ه . ق ـ : إنّه عمل ببغداد ما قد صار الرسم به جارياً في كلّ يوم عاشوراء، من غلق الأسواق وتعطيل البيع والشراء وتعليق المسوح (المنتظم : ج ۱۴ ص ۲۱۰) . وفي البداية والنهاية: قد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمئة وما حولها، فكانت الدبادب تُضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويُذرّ الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتُعلّق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ؛ موافقة للحسين لأنّه قُتل عطشاناً، ثمّ تخرج النساء حاسرات عن وجههنّ ينحن ويلطمن وجوههنّ وصدورهنّ، حافيات في الأسواق (البداية والنهاية : ج ۸ ص ۲۰۲) .

3.في الكامل في التاريخ والبداية والنهاية ـ في ذكر حوادث سنة خمسين وثلاثمئة ـ : في هذه السنة، عاشر المحرّم، اُغلقت الأسواق ببغداد يوم عاشوراء ، وفعل الناس ما تقدّم ذكره، فثارت فتنة عظيمة بين الشيعة والسنّة، جُرح فيها كثير ونُهبت الأموال (الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۳۳۶، البداية والنهاية : ج ۱۱ ص ۲۸۶ نحوه) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
276

في شمال أفريقيا ، واتّسع نطاقهما تدريجياً . وفي النصف الثاني من القرن الرابع كانت إيران (عدا مناطقها الشرقية) ووسط العراق، تحت سيطرة البويهيين ، كما كان الشمال الشرقي من أفريقيا والشام وفلسطين تحت سيطرة الفاطميين. وفي عام ۳۵۲ه . ق ، دعا معزّ الدولة الديلمي حاكم بغداد البويهيّ الناسَ إلى إقامة العزاء في يوم عاشوراء وفي الطرقات ۱ ؛ وبذلك اكتسب العزاء الطابع الرسمي. وقام الفاطميّون في مصر بالعمل نفسه بعد عقد من الزمن . ۲
وبالإضافة إلى هاتين الدولتين اللتين كانتا تسيطران على أرجاء واسعة من العالم الإسلامي ، اهتمّت دول اُخرى ذات ميول شيعيّة بهذا الموضوع، ورغم أنّنا لا نمتلك نصوصاً صريحة في هذا المجال إلّا أنّ هناك أشخاصاً ـ مثل: أبي الريحان البيروني ۳

1.ذكر المؤرّخون في حوادث سنة ۳۵۲ه : في هذه السنة عاشر المحرّم أمر معزّ الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم، ويبطلوا الأسواق والبيع والشراء، وأن يظهروا النياحة، ويلبسوا قباباً عملوها بالمسوح ، وأن يخرج النساء منشورات الشعور، مسوّدات الوجوه، قد شققن ثيابهنّ ، يدرن في البلد بالنوائح، ويلطمن وجوههنّ على الحسين بن عليّ عليه السلام ، ففعل الناس ذلك ، ولم يكن للسنّة قدرة على المنع منه؛ لكثرة الشيعة ، ولأنّ السلطان معهم (الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۳۳۱، المنتظم : ج ۱۴ ص ۱۵۰، النجوم الزاهرة : ج ۲ ص ۳۳۴، البداية والنهاية : ج ۱۱ ص ۲۷۶) .

2.ذكر المقريزي أنّ ابن زولاق قال في كتاب سيرة المعزّ لدين اللّه : في يوم عاشوراء من سنة ثلاث وستّين وثلاثمئة، انصرف خلق من الشيعة وأشياعهم إلى المشهدين قبر كلثوم ونفيسة ومعهم جماعة من فرسان المغاربة [ المراد بهم جيش الخليفة والذين كانوا من أهالي المغرب ] ورجالاتهم، بالنياحة والبكاء على الحسين عليه السلام (الخطط المقريزية : ج ۲ ص ۲۸۹).

3.قال: اليوم العاشر منه [المحرم] يُسمّى عاشوراء... وأمّا الشيعة فإنّهم ينوحون ويبكون أسفاً لقتل سيّد الشهداء فيه، ويظهرون ذلك بمدينة السلام [بغداد] وأمثالها من المدن والبلاد، ويزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء (آثار الباقية : ص ۴۲۰).

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5134
صفحه از 430
پرینت  ارسال به