275
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

حيث كانوا يسعون قدر إمكانهم من أجل أن لا يطوي النسيان حادثة عاشوراء .
وفي مصر أيضاً كان الناس في عهد حكومتي الإخشيد وكافور غير الشيعيتين (۳۲۳ ـ ۳۵۸ ه . ق)، يتجمّعون عند قبري السيّدتين اُمّ كلثوم ونفيسة ، ويقيمون العزاء، حتّى أنّ حكومة كافور كانت قد بثّت الشرطة في الصحراء لمنع إقامته . ۱
ويبدو أنّ هذه الروايات القليلة تيسّر للمؤرّخين روايتها بعد عهد اكتساب مراسم العزاء الطابع الرسمي في بغداد ومصر؛ ذلك لأنّ الدول الشيعيّة كانت قد اُقيمت ، والمؤسّسات الرسميّة قد اُوجدت ، فاضطرّ المؤرّخون إلى أن يرووا ماكان يحدث، ومن جملتها مراسم العزاء والحداد وغيرها .

المرحلة الرابعة (اكتساب مراسم العزاء في محرّم الطابع الرسمي في القرنين الرابع والخامس الهجريّين)

في بداية القرن الرابع الهجري تأسّست دولة البويهيّين ۲ في إيران ، ودولة الفاطميّين ۳

1.قال ابن زولاق في كتاب سيرة المعزّ لدين اللّه : في يوم عاشوراء من سنة ثلاث وستّين وثلاثمئة [۳۶۳ ]انصرف خلق من الشيعة وأشياعهم إلى المشهدين قبر كلثوم ونفيسة ومعهم جماعة من فرسان المغاربة ورجالتهم بالنياحة والبكاء على الحسين عليه السلام ... وقد كانت مصر لا تخلو منهم في أيّام الإخشيدية والكافورية ـ (وكافور من موالي محمّد الإخشيد، كان قد اشتراه وأعتقه، ثمّ جعله وزيرا ، ثمّ تولّى حكومة مصر وسوريا بالتدريج) ـ [سنة ۳۲۳ إلى ۳۵۸ ]في يوم عاشوراء عند قبر كلثوم وقبر نفيسة ، وكان السودان وكافور يتعصّبون على الشيعة وتتعلّق السودان في الطرقات بالناس ويقولون للرجل من خالك؟ فإن قال معاوية أكرموه ، وإن سكت لقي المكروه واُخذت ثيابه وما معه ، حتّى كان كافور قد وكّل بالصحراء ومنع الناس من الخروج (الخطط المقريزية: ج ۲ ص ۲۸۹) .

2.مسقط رأس البويهيين هو منطقة الديلم الإيرانية (وهي محافظة جيلان الفعلية) وكانت هذه المنطقة والمناطق حولها نظير طبرستان من المناطق الشيعية، خاصّة وأنّها كانت قد جرّبت دولة العلويين لفترة. ولذلك فقد عُرفوا أيضاً باسم «الديلميين»، كما اشتهروا باعتناق المذهب الشيعي.

3.أثّرت جهود الدعاة الإسماعيليين في عام ۲۹۶ هـ . ق ، وأسّس عبيد اللّه المهدي دولة الإسماعيليين المعروفين ب «الفاطميين» بنزعة شيعية إسماعيلية، في المغرب ، وهيّأ الفراغ الذي تركته دولة المقتدر في مصر الأرضيةَ لاستيلاء الفاطميين على هذا البلد في سنة ۳۶۲ه . ق ، ونقلوا حاضرة خلافتهم إلى الفسطاط في مصر. وقد وسعت هذه الدولة من رقعتها تدريجياً واستولت على الشام والحجاز أيضاً. استمرّ عهد حكم الفاطميين لأكثر من قرنين، وانتهى بموت العاضد ـ آخر الخلفاء الفاطميين ـ عام ۵۶۸ ه . ق .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
274

للتعرّف عليه والالتقاء به من أجل التوصية بالرثاء، فرآه في ليلة النصف من شعبان حيث كان الشيعة متواجدين عند قبر سيّد الشهداء مقتحمين جميع المخاطر ، وهو يمضي ليله في تلك الأجواء بالنياحة فيما كان الناس يبكون معه . ۱
وفي أواخر عهد الغيبة الصغرى أصدر البربهاري ۲ إمام الحنابلة في بغداد (ت ۳۲۹ ه . ق) ، الأمر بقتل «خلب» التي كانت تنشد المراثي على الإمام الحسين عليه السلام سرّاً في بيوت الشيعة . ۳
وتحدّث ابن حجر أيضاً في لسان الميزان عن شاعر شيعيّ رثى الإمام عليه السلام عام ۳۴۶ ه . ق حتّى ظهر يوم عاشوراء ، وبكى الناس معه . ۴
ويبدو أنّ هذه الروايات قليلة، ولكنّنا يمكن أن نستنتج آخذين بنظر الاعتبار التعتيم الإعلامي للنظام الحاكم، أنّ كلّ ذلك يدلّ على إقامة الشيعة مراسم العزاء والبكاء والنياحة،

1.نشوار المحاضرة : ج ۲ ص ۲۳۰، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۵۴ نقلاً عن التنوخي .

2.الحسن بن عليّ بن خلف البربهاري، كان رئيس الحنابلة، وكان يحثّهم على الإتيان بأنواع الضغوط، فأخذوا يغيرون على البيوت ليلاً ويعتدون على الناس في بيعهم وشرائهم، ويغتالون كلّ من لا يرى رأيهم، حتّى إنّ الإمام الطبري صاحب التفسير والتاريخ، ظلّ حبيس داره مدّة، ولمّا توفّي حالوا دون تشييعه ودفنه، وزاد شرّهم وفتنهم، واستظهروا بالعميان الذين كانوا يأوون إلى المساجد، فإذا مرّ بهم شافعي المذهب، أغروا به العميان فضربوه بعصيهم حتّى يكاد يموت، الأمر الذي اضطرّ الخليفة العبّاسي الراضي أن يصدر بشأنهم قرارا، قال فيه: «إنّ من نافق بإظهار الدين، وتوثّب على المسلمين، وأكل به أموال المعاهدين، كان قريباً من سخط ربّ العالمين، وغضب اللّه ، وهو من الضالّين». مات البربهاري سنة ۳۲۹ وهو ابن ۹۶ سنة ( راجع: تجارب الاُمم: ج ۵ ص:۴۱۴، الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۲۲۳).

3.قال أبي وابن عيّاش: كانت ببغداد نائحة مجيدة حاذقة تُعرف ب «خلب»، تنوح بهذه القصيدة [يعني القصيدة المذكورة في القصّة السابقة]، فسمعناها في دور بعض الرؤساء؛ لأنّ الناس إذ ذاك كانوا لا يتمكّنون من النياحة إلّا بعزّ سلطان، أو سرّاً؛ لأجل الحنابلة. ولم يكن النوح إلّا مراثي الحسين وأهل البيت عليهم السلام فقط، من غير تعريض بالسلف. قالا: فبلغنا أنّ البربهاري قال: بلغني أنّ نائحة يقال لها خلب، تنوح، اطلبوها فاقتلوها (نشوار المحاضرة : ج ۲ ص ۲۳۳.)

4.لسان الميزان: ج ۴ ص ۲۳۸- ۲۴۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5360
صفحه از 430
پرینت  ارسال به