273
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

الإمام عليه السلام ، ۱ ومنع في النهاية اضطهاد الشيعة وإلحاق الأذى بهم . ۲
وبعد ذلك يبدو أنّ هناك اضطهاداً وضغوطاً ما كانت تمارس ضدّ الشيعة بعض الحدود (مثل: عهد سيطرة الحنابلة على بغداد قبل تولّي البويهيّين لزمام الحكم) ۳ ؛ وأمّا بقية الخلفاء العباسيّين فلم يكونوا مثل المتوكّل أبداً ، فلم يسبّبوا مضايقات كثيرة لزوّار مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، حيث كان الشيعة يتوجّهون لزيارة كربلاء في يوم عاشوراء وعرفة والنصف من شعبان ويقيمون العزاء عند قبر الإمام عليه السلام ، حتّى صار قبر الإمام عليه السلام شيئاً فشيئاً مكاناً دائميّاً لإقامة العزاء .
وفي عهد الغيبة الصغرى أيضاً وصلتنا وثائق تاريخيّة تدلّ على إقامة العزاء والرثاء عند قبر الإمام عليه السلام . ومن جملة ذلك رواية ابن الأثير بشأن الحوادث الأخيرة لحدود العام ۲۹۶ ه . ق ، حيث تدلّ على حضور الشيعة عند مرقد الإمام عليه السلام وما حدث لأحد اليمنيّين الشيعة خلال تلك الحوادث . ۴ كما ذكر القاضي أبو عليّ التنوخي (ت ۳۸۴ ه . ق) أنّ ابن الأصدق كان منشغلاً بالنوح على الإمام عليه السلام أيّام تسلّط الحنابلة على بغداد ، وكان الراوي يسعى

1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۲ ص ۲۱۱.

2.مروج الذهب : ج ۴ ص ۱۳۵.

3.بلغت النظرة الضيّقة لهذه الفئة حدّاً بحيث إنّ الخليفة العبّاسي نفسه هبّ لمواجهتهم في معرض إرساله كتاباً في هذا المجال، يقول ابن الأثير في هذا الشأن : وفيها [سنة ۳۲۳ هـ . ق] عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم... فخرج توقيع الراضي بما يقرأ على الحنابلة ينكر عليهم فعلهم ويوبّخهم... ثمّ طعنكم على خيار الأئمّة ونسبتكم شيعة آل محمّد صلى الله عليه و آله إلى الكفر والضلال ، ثمّ استدعاؤكم المسلمين إلى الدين بالبدع الظاهرة والمذاهب الفاجرة التي لا يشهد بها القرآن ، وإنكاركم زيارة قبور الأئمّة وتشنيعكم على زوّارها بالابتداع ، وأنتم مع ذلك تجتمعون على زيارة قبر رجل من العوام ليس بذي شرف و لا نسب ولا سبب برسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وتأمرون بزيارته وتدعون له معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ، فلعن اللّه شيطاناً زيّن لكم هذه المنكرات وما أغواه ، وأمير المؤمنين يقسم باللّه قسماً جهداً إليه يلزم الوفاء به لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعوّج طريقتكم ليوسعنّكم ضرباً وتشريداً وقتلاً وتبديداً ، وليستعملنّ السيف في رقابكم والنار في منازلكم ومحالكم (الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۱۷۵) .

4.الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۱۴.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
272

مركز السعي والنشاط والحركة ؛ أي الإمام عليه السلام .
وفي قبال ذلك فقد اهتمّ الأئمّة عليهم السلام بنظام الوكالة الذي تمّ تأسيسه في عهد الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام، فوسّعوا نطاقها، بحيث كانوا ينقلون إلى الشيعة ما يرونه واجباً وأساسيّاً في الهداية. وكان الشيعة أيضاً قد عملوا على تنظيم صفوفهم استناداً إلى هذه التعاليم ، وكانوا يرسّخون علاقتهم مع العلماء والمفكّرين الذين كانوا قد تخرّجوا من مدرسة الأئمّة عليهم السلام ويواصلون حياتهم الدينيّة . وهكذا، فقد كان ارتباط الشيعة في الغالب مع العلماء ؛ نظراً إلى أوضاع المجتمع من جهة .
ومن جهة اُخرى فإنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا تحت المراقبة الشديدة والحصار، ولهذا فإنّ ارتباطهم بالشيعة كان ضعيفا ، وعلى هذا فمن الواضح أنّ التاريخ سوف لا يستعرض من أقوالهم وسيرتهم حول «إقامة العزاء في عاشوراء»، وخاصّة في عهد المتوكّل ، حيث بلغ الاختناق العامّ ذروته وخاصّة فيما يتعلّق بالذهاب إلى كربلاء وزيارة المرقد الطاهر لسيّد الشهداء عليه السلام .
ومع كلّ ذلك، ونظراً إلى التربية التي كان الشيعة قد تلقّوها في هذا المجال على يد الأئمّة عليهم السلام ، فقد أبرزوا اهتماما بالعزاء على أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام بشكلٍ جدّي ومارسوه في بيوتهم وأوساطهم، كما كان يقام في عهد الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام ، إلّا أنّ تكتّم الشيعة من جهة، والتعتيم الإعلامي للحكومة من جهة اُخرى، حالا دون انعكاس هذه المراسم في المصادر التاريخيّة .
وهكذا وكما سبقت الإشارة ، فإنّ التضييق على الشيعة ، والمشاكل والعراقيل التي وضعت أمامهم في زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام وإقامة العزاء عليه في عصر المتوكّل ، كلّ ذلك كان قد بلغ ذروته. لكن لمّا تولّى المنتصر العباسي زمام الحكم (عام ۲۴۸ ه . ق) ، طلب من الشيعة أن يواصلوا زيارة كربلاء كالسابق ۱ ، وأمر من جهةٍ اُخرى بإعادة بناء مرقد

1.الكامل في التاريخ : ج ۴ ص ۳۵۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5535
صفحه از 430
پرینت  ارسال به