الإمام عليه السلام ، ۱ ومنع في النهاية اضطهاد الشيعة وإلحاق الأذى بهم . ۲
وبعد ذلك يبدو أنّ هناك اضطهاداً وضغوطاً ما كانت تمارس ضدّ الشيعة بعض الحدود (مثل: عهد سيطرة الحنابلة على بغداد قبل تولّي البويهيّين لزمام الحكم) ۳ ؛ وأمّا بقية الخلفاء العباسيّين فلم يكونوا مثل المتوكّل أبداً ، فلم يسبّبوا مضايقات كثيرة لزوّار مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، حيث كان الشيعة يتوجّهون لزيارة كربلاء في يوم عاشوراء وعرفة والنصف من شعبان ويقيمون العزاء عند قبر الإمام عليه السلام ، حتّى صار قبر الإمام عليه السلام شيئاً فشيئاً مكاناً دائميّاً لإقامة العزاء .
وفي عهد الغيبة الصغرى أيضاً وصلتنا وثائق تاريخيّة تدلّ على إقامة العزاء والرثاء عند قبر الإمام عليه السلام . ومن جملة ذلك رواية ابن الأثير بشأن الحوادث الأخيرة لحدود العام ۲۹۶ ه . ق ، حيث تدلّ على حضور الشيعة عند مرقد الإمام عليه السلام وما حدث لأحد اليمنيّين الشيعة خلال تلك الحوادث . ۴ كما ذكر القاضي أبو عليّ التنوخي (ت ۳۸۴ ه . ق) أنّ ابن الأصدق كان منشغلاً بالنوح على الإمام عليه السلام أيّام تسلّط الحنابلة على بغداد ، وكان الراوي يسعى
1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۲ ص ۲۱۱.
2.مروج الذهب : ج ۴ ص ۱۳۵.
3.بلغت النظرة الضيّقة لهذه الفئة حدّاً بحيث إنّ الخليفة العبّاسي نفسه هبّ لمواجهتهم في معرض إرساله كتاباً في هذا المجال، يقول ابن الأثير في هذا الشأن : وفيها [سنة ۳۲۳ هـ . ق] عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم... فخرج توقيع الراضي بما يقرأ على الحنابلة ينكر عليهم فعلهم ويوبّخهم... ثمّ طعنكم على خيار الأئمّة ونسبتكم شيعة آل محمّد صلى الله عليه و آله إلى الكفر والضلال ، ثمّ استدعاؤكم المسلمين إلى الدين بالبدع الظاهرة والمذاهب الفاجرة التي لا يشهد بها القرآن ، وإنكاركم زيارة قبور الأئمّة وتشنيعكم على زوّارها بالابتداع ، وأنتم مع ذلك تجتمعون على زيارة قبر رجل من العوام ليس بذي شرف و لا نسب ولا سبب برسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وتأمرون بزيارته وتدعون له معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ، فلعن اللّه شيطاناً زيّن لكم هذه المنكرات وما أغواه ، وأمير المؤمنين يقسم باللّه قسماً جهداً إليه يلزم الوفاء به لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعوّج طريقتكم ليوسعنّكم ضرباً وتشريداً وقتلاً وتبديداً ، وليستعملنّ السيف في رقابكم والنار في منازلكم ومحالكم (الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۱۷۵) .
4.الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۱۴.