كانَ بَينَنا وبَينَكَ . قالَ : اِجلِس ، فَدَعَا المُختارُ أبا عَمرَةَ ، فَجاءَ رَجُلٌ قَصيرٌ يَتَخَشخَشُ فِي الحَديدِ فَسارهُ ، ودَعا بِرَجُلَينِ ، فَقالَ : اِذهَبا مَعَهُ ، فَذَهَبَ فَوَاللّهِ ما أحسَبُهُ بَلَغَ دارَ عُمَرَ بنِ سَعدٍ حَتّى جاءَ بِرَأسِهِ .
فَقالَ المُختارُ لِحَفصٍ : أتَعرِفُ هذا ؟ فَقالَ : «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» ۱ ، نَعَم . قالَ : يا أبا عَمرَةَ ، ألحِقهُ بِهِ ، فَقَتَلَهُ . فَقالَ المُختارُ رَحِمَهُ اللّهُ : عُمَرُ بِالحُسَينِ عليه السلام ، وحَفصٌ بِعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام ، ولا سَواءَ . ۲
۲۵۸۲.تاريخ الطبري عن موسى بن عامر أبي الأشعر :إنَّ المُختارَ قالَ ذاتَ يَومٍ وهُوَ يُحَدِّثُ جُلَساءَهُ : لَأَقتُلَنَّ غَدا رَجُلاً عَظيمَ القَدَمَينِ ، غائِرَ العَينَينِ ، مُشرِفَ الحاجِبَينِ ، يَسُرُّ مَقتَلُهُ المُؤمِنينَ وَالمَلائِكَةَ المُقَرَّبينَ .
قالَ : وكانَ الهَيثَمُ بنُ الأَسوَدِ النَّخَعِيُّ عِندَ المُختارِ حينَ سَمِعَ هذِهِ المَقالَةَ ، فَوَقَعَ في نَفسِهِ أنَّ الَّذي يُريدُ عُمَرَ بنَ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ ، فَلَمّا رَجَعَ إلى مَنزِلِهِ دَعَا ابنَهُ العُريانَ ، فَقالَ : اِلقَ ابنَ سَعدٍ اللَّيلَةَ ، فَخَبِّرهُ بِكَذا وكَذا ، وقُل لَهُ : خُذ حِذرَكَ ، فَإِنَّهُ لا يُريدُ غَيرَكَ .
قالَ : فَأَتاهُ فَاستَخلاهُ ، ثُمَّ حَدَّثَهُ الحَديثَ ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : جَزَى اللّهُ أباكَ وَالإِخاءَ خَيرا ، كَيفَ يُريدُ هذا بي بَعدَ الَّذي أعطاني مِنَ العُهودِ وَالمَواثيقِ ؟
وكانَ المُختارُ أوَّلَ ما ظَهَرَ أحسَنَ شَيءٍ سيرَةً وتَأَلُّفا لِلنّاسِ ، وكانَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعدَةَ بنِ هُبَيرَةَ أكرَمَ خَلقِ اللّهِ عَلَى المُختارِ لِقَرابَتِهِ بِعَلِيٍّ ، فَكَلَّمَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ عَبدَ اللّهِ بنَ جَعدَةَ ، وقالَ لَهُ : إنّي لا آمَنُ هذَا الرَّجُلَ ـ يَعنِي المُختارَ ـ فَخُذ لي مِنهُ