الجاهِلِيَّةِ يُحَرِّمونَ فيهِ القِتالَ ، فَاستُحِلَّت فيهِ دِماؤُنا ، وهُتِكَت فيهِ حُرمَتُنا ، وسُبِيَ فيهِ ذَرارِيُّنا ، ونِساؤُنا ، واُضرِمَتِ النّيرانُ في مَضارِبِنا ، وَانتُهِبَ ما فيها مِن ثَقَلِنا ، ولَم تُرعَ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حُرمَةٌ في أمرِنا .
إنَّ يَومَ الحُسَينِ عليه السلام أقرَحَ جُفونَنا ، وأسبَلَ دُموعَنا ، وأذَلَّ عَزيزَنا ، بِأَرضِ كَربٍ وبَلاءٍ أورَثَتنَا الكَربَ وَالبَلاءَ ، إلى يَومِ الاِنقِضاءِ ، فَعَلى مِثلِ الحُسَينِ عليه السلام فَليَبكِ الباكونَ ، فَإِنَّ البُكاءَ يَحُطُّ الذُّنوبَ العِظامَ .
ثُمَّ قالَ عليه السلام : كانَ أبي صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ إذا دَخَلَ شَهرُ المُحَرَّمِ لا يُرى ضاحِكا ، وكانَتِ الكَآبَةُ تَغلِبُ عَلَيهِ حَتّى يَمضِيَ مِنهُ عَشَرَةُ أيّامٍ ، فَإِذا كانَ يَومُ العاشِرِ كانَ ذلِكَ اليَومُ يَومَ مُصيبَتِهِ وحُزنِهِ وبُكائِهِ ، ويَقولُ : هُوَ اليَومُ الَّذي قُتِلَ فيهِ الحُسَينُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ. ۱
۲۶۹۵.عيون أخبار الرضا عليه السلام عن الريّان بن شبيب :دَخَلتُ عَلَى الرِّضا عليه السلام في أوَّلِ يَومٍ مِنَ المُحَرَّمِ .
فَقالَ : يَابنَ شَبيبٍ ، أصائِمٌ أنتَ؟ قُلتُ : لا ، فَقالَ : إنَّ هذَا اليَومَ هُوَ اليَومُ الَّذي دَعا فيهِ زَكَرِيّا عليه السلام رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ ، فَقالَ : «رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ» ۲ ، فَاستَجابَ اللّهُ لَهُ ، و أمَرَ المَلائِكَةَ ، فَنادَت زَكَرِيّا «وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى» ۳ ، فَمَن صامَ هذَا اليَومَ ، ثُمَّ دَعَا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ، استَجابَ اللّهُ لَهُ كَمَا استَجابَ اللّهُ لِزَكَرِيّا .