155
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

ثُمَّ قالَ : يَابنَ شَبيبٍ ! إنَّ المُحَرَّمَ هُوَ الشَّهرُ الَّذي كانَ أهلُ الجاهِلِيَّةِ يُحَرِّمونَ فيهِ الظُّلمَ وَالقِتالَ لِحُرمَتِهِ ، فَما عَرَفَت هذِهِ الاُمَّةُ حُرمَةَ شَهرِها ، ولا حُرمَةَ نَبِيِّها ، لَقَد قَتَلوا في هذَا الشَّهرِ ذُرِّيَّتَهُ ، وسَبَوا نِساءَهُ ، وَانتَهَبوا ثَقَلَهُ ، فَلا غَفَرَ اللّهُ لَهُم ذلِكَ أبَدا .
يَابنَ شَبيبٍ ! إن كُنتَ باكِيا لِشَيءٍ فَابكِ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَما يُذبَحُ الكَبشُ ، وقُتِلَ مَعَهُ مِن أهلِ بَيتِهِ ثَمانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً ، ما لَهُم فِي الأَرضِ شَبيهونَ ، ولَقَد بَكَتِ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرَضونَ لِقَتلِهِ ، ولَقَد نَزَلَ إلَى الأَرضِ مِنَ المَلائِكَةِ أربَعَةُ آلافٍ لِنَصرِهِ ، فَلَم يُؤذَن لَهُم ، فَهُم عِندَ قَبرِهِ شُعثٌ غُبرٌ إلى أن يَقومَ القائِمُ عليه السلام ، فَيَكونونَ مِن أنصارِهِ و شِعارُهُم : يا لَثاراتِ الحُسَينِ عليه السلام .
يَابنَ شَبيبٍ ! لَقَد حَدَّثَني أبي عَن أبيهِ عَن جَدِّهِ عليهم السلام ، أنَّهُ لَمّا قُتِلَ جَدِّيَ الحُسَينُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ أمطَرَتِ السَّماءُ دَما و تُرابا أحمَرَ .
يَابنَ شَبيبٍ ! إن بَكَيتَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام حَتّى تَصيرَ دُموعُكَ عَلى خَدَّيكَ ، غَفَرَ اللّهُ لَكَ كُلَّ ذَنبٍ أذنَبتَهُ ، صَغيرا كانَ أو كَبيرا ، وقَليلاً كانَ أو كَثيرا.
يَابنَ شَبيبٍ ! إن سَرَّكَ أن تَلقَى اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ ولا ذَنبَ عَلَيكَ فَزُرِ الحُسَينَ عليه السلام .
يَابنَ شَبيبٍ ! إن سَرَّكَ أن تَسكُنَ الغُرَفَ المَبنِيَّةَ فِي الجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَالعَن قَتَلَةَ الحُسَينِ عليه السلام .
يَابنَ شَبيبٍ ! إن سَرَّكَ أن يَكونَ لَكَ مِنَ الثَّوابِ مِثلُ ما لِمَنِ استُشهِدَ مَعَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام فَقُل مَتى ذَكَرتَهُ : يا لَيتَني كُنتُ مَعَهُم فَأَفوزَ فَوزا عَظيما .
يَابنَ شَبيبٍ ! إن سَرَّكَ أن تَكونَ مَعَنا فِي الدَّرَجاتِ العُلى مِنَ الجِنانِ فَاحزَن لِحُزنِنا ، وَافرَح لِفَرَحِنا ، وعَلَيكَ بِوِلايَتِنا ، فَلَو أنَّ رَجُلاً أحَبَّ حَجَرا لَحَشَرَهُ اللّهُ عز و جل


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
154

الجاهِلِيَّةِ يُحَرِّمونَ فيهِ القِتالَ ، فَاستُحِلَّت فيهِ دِماؤُنا ، وهُتِكَت فيهِ حُرمَتُنا ، وسُبِيَ فيهِ ذَرارِيُّنا ، ونِساؤُنا ، واُضرِمَتِ النّيرانُ في مَضارِبِنا ، وَانتُهِبَ ما فيها مِن ثَقَلِنا ، ولَم تُرعَ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حُرمَةٌ في أمرِنا .
إنَّ يَومَ الحُسَينِ عليه السلام أقرَحَ جُفونَنا ، وأسبَلَ دُموعَنا ، وأذَلَّ عَزيزَنا ، بِأَرضِ كَربٍ وبَلاءٍ أورَثَتنَا الكَربَ وَالبَلاءَ ، إلى يَومِ الاِنقِضاءِ ، فَعَلى مِثلِ الحُسَينِ عليه السلام فَليَبكِ الباكونَ ، فَإِنَّ البُكاءَ يَحُطُّ الذُّنوبَ العِظامَ .
ثُمَّ قالَ عليه السلام : كانَ أبي صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ إذا دَخَلَ شَهرُ المُحَرَّمِ لا يُرى ضاحِكا ، وكانَتِ الكَآبَةُ تَغلِبُ عَلَيهِ حَتّى يَمضِيَ مِنهُ عَشَرَةُ أيّامٍ ، فَإِذا كانَ يَومُ العاشِرِ كانَ ذلِكَ اليَومُ يَومَ مُصيبَتِهِ وحُزنِهِ وبُكائِهِ ، ويَقولُ : هُوَ اليَومُ الَّذي قُتِلَ فيهِ الحُسَينُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ. ۱

۲۶۹۵.عيون أخبار الرضا عليه السلام عن الريّان بن شبيب :دَخَلتُ عَلَى الرِّضا عليه السلام في أوَّلِ يَومٍ مِنَ المُحَرَّمِ .
فَقالَ : يَابنَ شَبيبٍ ، أصائِمٌ أنتَ؟ قُلتُ : لا ، فَقالَ : إنَّ هذَا اليَومَ هُوَ اليَومُ الَّذي دَعا فيهِ زَكَرِيّا عليه السلام رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ ، فَقالَ : «رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ» ۲ ، فَاستَجابَ اللّهُ لَهُ ، و أمَرَ المَلائِكَةَ ، فَنادَت زَكَرِيّا «وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى» ۳ ، فَمَن صامَ هذَا اليَومَ ، ثُمَّ دَعَا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ، استَجابَ اللّهُ لَهُ كَمَا استَجابَ اللّهُ لِزَكَرِيّا .

1.الأمالي للصدوق : ص ۱۹۰ ح ۱۹۹ ، الإقبال : ج ۳ ص ۲۸ ، روضة الواعظين : ص ۱۸۷ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۸۶ و ليس فيه ذيله من «ثمّ قال عليه السلام :» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۸۳ ح ۱۷ .

2.آل عمران : ۳۸ .

3.آل عمران : ۳۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5525
صفحه از 430
پرینت  ارسال به