( ۴)
مجالس العزاء الهادفة
مع الأخذ بنظر الاعتبار فلسفة إقامة العزاء على سيّد الشهداء، والآفات التي قد تصيبها والتي يجب تجنّبها، فإنّ هذه المجالس لا يمكن أن تقود المشاركين فيها باتّجاه تحقيق هذا الهدف، إلّا إذا توفّرت فيها ثلاث خصوصيّات :
۱ . المحورية الإلهية
إنّ جهاد سيّد الشهداء وجميع الذين استشهدوا في طريق الحقّ والفضيلة على مرّ التاريخ، إنّما هو بهدف التعريف باللّه تعالى ، وإقرار التوحيد في ظلّ الحكومة الدينية في العالم، وبناءً على ذلك فإنّ من غير الممكن تقديم تحليل صحيح عن نهضة عاشوراء دون المعرفة الدينية الصحيحة ، ولذلك فإنّ المحورية الإلهية وربط القلوب باللّه والقيم المعنوية يجب أن يكون أساس برامج مجالس العزاء والمحاضرات وقراءة المراثي ، وهو درسٌ كبير علّمنا إيّاه الإمام الحسين عليه السلام من أجل تقديمه إلى عموم المسلمين وخاصّة أتباعه، حيث طلب في عصر التاسع من محرّم أن يمهله العدو ليلةً .
إذ أنّه استناداً لما ورد في المصادر التاريخية المعتبرة، فقد أصدر ابن سعد في عصر التاسع من محرّم الأمرَ بالهجوم على الإمام وأصحابه، وعندما رأى عليه السلام استعداد جيش العدو للهجوم قال لأخيه العبّاس :
اِرجِع إلَيهِم ، فَإِنِ استَطَعتَ أن تُؤَخِّرَهُم إلى غُدوَةٍ وتَدفَعَهُم عِندَ العَشِيَّةِ ؛ لَعَلَّنا نُصَلّي لِرَبِّنَا اللَّيلَةَ ، ونَدعوهُ ونَستَغفِرُهُ ، فَهُوَ يَعلَمُ أنّي قَد كُنتُ اُحِبُّ الصَّلاةَ لَهُ ، وتِلاوَةَ