15
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

يَدَي إبراهيمَ بنِ الأَشتَرِ النَّخَعِيِّ ، وذلِكَ أنَّ إبراهيمَ بنَ الأَشتَرِ خَرَجَ مِنَ الكوفَةِ يَومَ السَّبتِ لِثَمانٍ بَقينَ مِن ذِي الحِجَّةِ فِي السَّنَةِ الماضِيَةِ ، ثُمَّ استَهَلَّت هذِهِ السَّنَةُ وهُوَ سائِرٌ لِقَصدِ ابنِ زِيادٍ في أرضِ المَوصِلِ ، فَكانَ اجتِماعُهُما بِمَكانٍ يُقالُ لَهُ الخازِرُ ، بَينَهُ وبَينَ المَوصِلِ خَمسَةٌ فَراسِخَ ، فَباتَ ابنُ الأَشتَرِ تِلكَ اللَّيلَةَ ساهِرا لا يَستَطيعُ النَّومَ ، فَلَمّا كانَ قَريبُ الصُّبحِ نَهَضَ ، فَعَبّى جَيشَهُ ، وكَتَّبَ كَتائِبَهُ ، وصَلّى بِأَصحابِهِ الفَجرَ في أوَّلِ وَقتٍ ، ثُمَّ رَكِبَ ، فَناهَضَ جَيشَ ابنَ زِيادٍ ، وزَحَفَ بِجَيشِهِ رُوَيدا وهُوَ ماشٍ فِي الرَّجّالَةِ ، حَتّى أشرَفَ مِن فَوقِ تَلٍّ عَلى جَيشِ ابنِ زِيادٍ ، فَإِذا هُم لَم يَتَحَرَّك مِنهُم أحَدٌ ، فَلَمّا رَأَوهُم نَهَضوا إلى خَيلِهِم وسِلاحِهِم مَدهوشينَ .
فَرَكِبَ ابنُ الأَشتَرِ فَرَسَهُ ، وجَعَلَ يَقِفُ عَلى راياتِ القَبائِلِ ، فَيُحَرِّضُهُم عَلى قِتالِ ابنِ زِيادٍ ، ويَقولُ : هذا قاتِلُ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، قَد جاءَكُمُ اللّهُ بِهِ ، وأمكَنَكُمُ اللّهُ مِنهُ اليَومَ ، فَعَلَيكُم بِهِ ، فَإِنَّهُ قَد فَعَلَ فِي ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ما لَم يَفعَلهُ فِرعَونُ في بَني إسرائيلَ ، هذَا ابنُ زِيادٍ قاتِلُ الحُسَينِ عليه السلام ، الَّذي حالَ بَينَهُ وبَينَ ماءِ الفُراتِ أن يَشرَبَ مِنهُ هُوَ وأولادُهُ ونِساؤُهُ ، ومَنَعَهُ أن يَنصَرِفَ إلى بَلَدِهِ ، أو يَأتِيَ يَزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ حَتّى قَتَلَهُ .
وَيحَكُم ! اشفوا صُدورَكُم مِنهُ ، وَاروُوا رِماحَكُم وسُيوفَكُم مِن دَمِهِ ، هذَا الَّذي فَعَلَ في آلِ نَبِيِّكُم ما فَعَلَ ، قَد جاءَكُمُ اللّهُ بِهِ . ثُمَّ أكثَرَ مِن هذَا القَولِ وأمثالِهِ ، ثُمَّ نَزَلَ تَحتَ رايَتِهِ .
وأقبَلَ ابنُ زِيادٍ في خَيلِهِ ورِجلِهِ في جَيشٍ كَثيفٍ ، قَد جَعَلَ عَلى مَيمَنَتِهِ حُصَينَ بنَ نُمَيرٍ ، وعَلَى المَيسَرَةِ عُمَيرَ بنَ الحُبابِ السُّلَمِيَّ ـ وكانَ قَدِ اجتَمَعَ بِابنِ الأَشتَرِ ووَعَدَهُ أنَّهُ مَعَهُ ، وأَنَّهُ سَيَنهَزِمُ بِالنّاسِ غَدا ـ وعَلى خَيلِ ابنِ زِيادٍ شُرَحبيلُ بنُ


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
14

العَرَبِ ، فَكَسَرَ الخَراجَ ، فَتَقَدَّمتُ إلَيهِ أو أغرَمتُ صُدورَ قَومِهِ ، أو أغرَمتُ عَشيرَتَهُ أضرَرتُ بِهِم ، وإن تَرَكتُهُ تَرَكتُ مالَ اللّهِ وأنَا أعرِفُ مَكانَهُ ، فَوَجَدتُ الدَّهاقينَ أبصَرَ بِالجِبايَةِ ، وأوفى بِالأَمانَةِ ، وأهوَنَ فِي المُطالَبَةِ مِنكُم ، مَعَ أنّي قَد جَعَلتُكُم اُمناءَ عَلَيهِم ؛ لِئَلّا يَظلِموا أحَدا .
وأمّا قَولُكَ فِي السَّخاءِ فَوَاللّهِ ، ما كان لي مالٌ فَأَجودَ بِهِ عَلَيكُم ، ولَو شِئتُ لَأَخَذتُ بَعضَ مالِكُم ، فَخَصَصتُ بِهِ بَعضَكُم دونَ بَعضٍ ، فَيَقولونَ ما أسخاهُ ! ولكِنّي عَمَّمتُكُم ، وكانَ عِندي أنفَعَ لَكُم .
وأمّا قَولُكَ : لَيتَني لَم أكُن قَتَلتُ مَن قَتَلتُ ، فَما عَمِلتُ بَعدَ كَلِمَةِ الإِخلاصِ عَمَلاً هُوَ أقرَبُ إلَى اللّهِ عِندي مِن قَتلي مَن قَتَلتُ مِنَ الخَوارِجِ .
ولكِنّي سَاُخبِرُكَ بِما حَدَّثتُ بِهِ نَفسي .
قُلتُ : لَيتَني كُنتُ قاتَلتُ أهلَ البَصرَةِ ، فَإِنَّهُم بايَعوني طائِعينَ غَيرَ مُكرَهينَ ، وَايمُ اللّهِ ، لَقَد حَرَصتُ عَلى ذلِكَ ، ولكِنَّ بَني زِيادٍ أتَوني ، فَقالوا : إنَّكَ إذا قاتَلتَهُم فَظَهَروا عَلَيكَ لَم يُبقوا مِنّا أحَدا ، وإن تَرَكتَهُم تَغَيَّبَ الرَّجُلُ مِنّا عِندَ أخوالِهِ وأصهارِهِ ، فَرَفَقتُ لَهُم ، فَلَم اُقاتِل .
وكُنتُ أقولُ : لَيتَني كُنتُ أخرَجتُ أهلَ السِّجنِ فَضَرَبتُ أعناقَهم ، فَأَمّا إذ فاتَت هاتانِ فَلَيتَني كُنتُ أقدَمُ الشّامَ ولَم يُبرِموا أمرا .
قالَ بَعضُهُم : فَقَدِمَ الشّامَ ولَم يُبرِموا أمرا ، فَكَأَنَّما كانوا مَعَهُ صِبياناً ، وقالَ بَعضُهُم : قَدِمَ الشّامَ وقَد أبرَموا ، فَنَقَضَ ما أبرَموا إلى رَأيِه . ۱

۲۵۶۳.البداية والنهاية :ثُمَّ دَخَلَت سَنَةُ سَبعٍ وسِتّينَ ، فَفيها كانَ مَقتلُ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ عَلى

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۵۲۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۶۱۱ نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۸۴ والفتوح : ج ۵ ص ۱۶۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5560
صفحه از 430
پرینت  ارسال به