139
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

جذور الكذب في الرثاء من وجهة نظر المحدّث النوري

والآن يجبُ أن نتتبّع جذور هذه الأكاذيب، ولماذا يكذب البعض بكلّ بساطة على اللّه والرسول والأئمّة من أجل إبكاء الناس على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام ، وبذلك يحرّفون تاريخ عاشوراء الحافل بالمفاخر؟!
يرى المحدّث النوري أنّ هناك عاملَين رئيسين أدّيا إلى اختلاق الأكاذيب في المراثي:

۱. تجويز الكذب في التعزية!

نقل المحدّث النوري قدس سره أنّ الهدف من تجويز الكذب في إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام ـ كما يقول بعض مختلقي الأكاذيب ـ هو : أنّ الأحاديث التي توصي بالإبكاء على مصيبته عليه السلام مطلقة، وبناءً على ذلك فإنّ كلّ ما يؤدّي إلى بُكاء الناس حَسنٌ وإن كان كذباً. وتدلّ أرضيّة صُدور هذه الروايات على أنّ ما ورد في ذمّ الكذب وإن كان في غاية الاعتبار يختصّ بغير ذكر مصائب أبي عبد اللّه ! ۱
ويُضيف الاُستاذ المطهّري بعد نقل هذا الموضوع عن المحدّث النوري قائلاً :
وهو نفس الكلام الذي اختلقه المعاصرون في مذهب «ميكافيلي»؛ وهو أنّ الغايةُ تبرّر الوسيلة! ۲
ويجيب المحدّث النوري على هذا الكلام قائلاً:
لقد أباح المستدلّ بكلامه هذا ارتكاب أنواع الكبائر، بل جعلها مستحبّة ، وفسح المجال الواسع للفسّاق للسير باتّجاه تلك المعاصي ؛ ذلك لأنّ الأخبار الدالّة على فضل ومدح إدخال السرور على قلب المؤمن وقضاء حوائجه والاستجابة لطلبه والسعي من أجل إنجاحها، أضعاف الأخبار الدالّة على استحباب الإبكاء، وعلى

1.راجع : لؤلؤ ومرجان (بالفارسيّة) : ص ۲۷۲ (التنبيه الرابع) .

2.حماسة حسيني (بالفارسيّة) : ج ۱ ص ۴۸.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
138

كانت قد خرجت لزيارة الإمام الحسين في عهد المتوكّل ، وكان النظام الحاكم يمنع الناس من زيارته، فكانوا يقطعون الأيدي ، حتّى بلغ الأمرُ بهم أنّهم اقتادوا هذه المرأة وألقوها في البحر ، فنادت المرأة وهي على ذلك الحال بأعلى صوتها : يا أبا الفضل العبّاس! وعندما كانت في حالة الغرق جاء فارس وقال لها: أمسكي بركاب فرسي ، فأمسكت به، ثمّ قالت له : لماذا لم تمدّ إليَّ يدك لاُمسك بها ؟ فأجاب قائلاً : ليست لي يد ! فضجّ الناسُ بالبكاء.
وقد نقل المرحوم الحاج الشيخ محمّد حسن تاريخ هذه القضية قائلاً : إنّه كان مجلس عزاء ذات يوم في مقربة من السوق، حوالي مدرسة الصدر (وكانت هذه الحادثة قد وقعت قبله، ونقلها عن أشخاص موثوقين) وكان من أكبر مجالس العزاء في إصفهان ؛ حتّى إنّ المرحوم الحاج الملّا إسماعيل الخواجوئي الذي كان من كبار علماء إصفهان كان حاضراً فيه. وكان هناك خطيب معروف يقول: بأنّني كنت آخر الخطباء في هذا المجلس وكان هناك خطباء آخرون أيضا ، فكانوا يستعرضون مهارتهم في إبكاء الناس . وكان كلّ شخص يأتي يفوق من سبقه في الإبكاء ، ثمّ يجلس بعد قراءته الرثاء في المجلس كي يرى فنّ الخطيب التالي له . واستمرّ المجلس حتّى الظهر، وأظهر كلُّ خطيبٍ كلّ ماكان يمتلكه من قدرات، فأبكوا الناس .
يقول ذلك الخطيب المعروف: ففكّرت فيما يجب أن أفعله، فاختلقت هذه القصّة في ذلك المجلس نفسه، وصعدت المنبر وحكيتها وتفوّقت على الجميع . وفي عصر ذلك اليوم ذهبتُ إلى مجلسٍ آخر كان في منطقة (چهار سوق) فسمعت الخطيب الذي ارتقى المنبر قبلي يحكي القصّة نفسها! ثمّ شيئاً فشيئاً كُتبت في الكتب ثمّ طُبعت ! ۱

1.المصدر السابق : ج ۱ ص ۴۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5477
صفحه از 430
پرینت  ارسال به