119
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

الوجه الآخر ، فأجابها اللّه تعالى : «إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» . ۱
إنّ تلك الصفحة هي الصفحة التي يعترض بسببها الملائكة ، ويكون فيها البشر مُطَأطِئي الرؤوس . وأمّا هذه الصفحة فهي التي تفتخر بها البشرية .فلماذا يجب أن نطالع حادثة كربلاء من خلال صفحتها السوداء دوماً؟! ولماذا يجب الحديث عن جرائم كربلاء دوماً؟! ولماذا يجب أن ندرس شخصية الحسين بن عليّ من منظار تعرّضه لجريمة المجرمين دائماً؟! ولماذا نستلهم الشعارات التي نهتف بها ونكتبها باسم الحسين بن عليّ من الوجه المظلم لحادثة عاشوراء؟! ولماذا لا نطالع الصفحة المشرقة من هذه القصّة إلّا قليلاً ، في حين أنّ الجانب الملحمي من هذه القصّة يفوق جانبها الإجرامي بمئات المرّات ، وجانبها المشرق يتغلّب على جانبها المظلم كثيراً؟!إذن علينا أن نعترف أنّنا من الجناة على الحسين بن عليّ ، وذلك أنّنا لا نقرأ من هذا التاريخ سوى صفحةً واحدةً ولا نقرأ الصفحة الاُخرى . ۲

۲ . الاعتماد على المصادر غير المعتبرة

من الآفات التي تهدّد شعائر عزاء الإمام الحسين عليه السلام ـ خاصّةً في القرون الأخيرة ـ اعتماد الخطباء ومنشدي المراثي على المصادر الضعيفة وغير الصالحة للاعتماد . ۳ والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أنّ تاريخ عاشوراء يتمتّع بالمصادر المعتبرة الصالحة للاعتماد أكثر من أيّ موضوع آخر، بل إنّ المثقّفين والواعين من الخطباء الحسينيّين ليسوا بحاجة إلى الاعتماد على المصادر الضعيفة ، كما يقول الشهيد المطهّري :

1.البقرة : ۳۰ .

2.حماسة حسيني (بالفارسيّة) : ج ۱ ص ۱۲۱ - ۱۲۵.

3.للاطّلاع على المصادر الصالحة للاعتماد والمصادر غير الصالحة للاعتماد في تاريخ عاشوراء (راجع : ج ۱ ص۴۹ و ۸۸) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
118

علينا أن نقول:
(لا تزال صرخة «العطش» تنطلق من صحراء كربلاء وتصل إلى كوكب العيّوق ۱ ، من أفواه اُولئك العطاشى) . ۲
ولكن هل يقتصر تاريخ عاشوراء على هذا الوجه فقط؟ هل هو رثاء ومصيبة فقط وليس شيئاً آخر؟!هذا هو الخطأ ؛ فإنّ لهذا التاريخ وجهاً آخر أيضاً بطله ليس يزيد بن معاوية، ولا ابن زياد، ولا شمراً ، بل بطله الحسين . ولا وجود للجريمة ولا للمأساة في هذا الوجه، بل فيها الملحمة والفخر والنور ، وتجلّي الحقيقة والإنسانية، وتجلّي العبودية للّه سبحانه . وعندما ننظر إلى هذا الوجه نقول : إنّ من حقّ البشرية أن تفتخر بنفسها ، ولكنّنا عندما نطالع صفحته السوداء نرى البشريّة تطأطئ رأسها وترى نفسها مصداقاً للآية : «قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ» ! ۳
ومن المسلّم به أنّ جبرئيل لا يتساءل قائلاً : «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ» في مقابل قول اللّه تعالى : «إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً» ، ۴ وإنّما الذي يتساءل هو الملائكة التي كانت لا ترى سوى الوجه الأسود للبشرية ، ولم تكن ترى

1.العَيّوق : نجم أحمر مضيء في طرف المجرّة الأيمن ، يتلو الثريّا لا يتقدّمه (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۲۸۰ «عوق») .

2.هذه الجملة تعريبُ بيتٍ بالفارسية من ديوان محتشم الكاشاني ، وأصل البيت هو : زان تشنگان هنوز به عَيّوق ميرسدفرياد «اَلعَطَش» ز بيابان كربلا

3.البقرة : ۳۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5347
صفحه از 430
پرینت  ارسال به