البركة بمعناها الدقيق هي باتّجاه إحياء القيم الإسلامية .
ومن جهة اُخرى فإنّنا إذا نظرنا إلى حادثة عاشوراء نظرة عامّة وموضوعية، فإنّنا سنرى أنّها تشتمل على بعدين: أحدهما الجريمة والمظلومية ، والآخر الملحمة والعزّة والعظمة. ولذلك لايمكننا تحليل هذا الحدث وتبيينه بشكل صحيح إلّا إذا نظرنا إليهما وقدّمناهما إلى جانب بعضهما البعض، وإلّا فإنّ المخاطَب سوف لا يُدرك بشكل صحيح هذا الحادث المهمّ في التاريخ الإسلامي .
يقول الاُستاذ المطهّري في هذا المجال:
لحادثة عاشوراء وتاريخ كربلاء وجهان، وجه أبيض ونوراني، ووجه أسود وظلماني ، وكلاهما عديما النظير، أو قليلا النظير.
فأمّا الوجه الأسود والمظلم، فإنّه أسود ومظلم لأنّنا لا نرى فيه سوى الجريمة المنقطعة النظير أو القليلة النظير... .
فمن وجهة النظر هذه، تعدّ حادثة كربلاء جريمة ومأساة، مصيبة ورثاء. وعندما ننظر إلى هذا الوجه نرى فيه قتل الأبرياء وقتل الشاب، وقتل الطفل الرضيع، كما نرى فيه وط ء الخيول بحوافرها أجساد القتلى ، ومنع الماء عن العطاشى ، وضرب النساء والأطفال بالسياط، وحمل الأسرى على الجمال دون هوادج ووطاء . فمن هذه النظرة من هو البطل في هذه الحادثة؟ من الواضح أنّنا عندما ننظر إلى هذا الحدث من بُعد الجريمة، فإنّ من يتحمّل تلك المصائب والجرائم لا يعدّ بطلاً، وإنّما هو مظلوم. وإنّما البطل في هذه النظرة وهذا البعد هو يزيد بن معاوية، وعبيد اللّه بن زياد، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وخولى ، وعدد آخر . ولذلك فنحن حينما نطالع هذه الصفحة السوداء ، لا نرى فيها سوى الجريمة ورثاء البشرية! فماذا علينا أن نقول إن أردنا أن ننظم الشعر؟ علينا أن ننظم المراثي ، وليس هناك من شيء نقوله سوى نظم المراثي .