117
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

البركة بمعناها الدقيق هي باتّجاه إحياء القيم الإسلامية .
ومن جهة اُخرى فإنّنا إذا نظرنا إلى حادثة عاشوراء نظرة عامّة وموضوعية، فإنّنا سنرى أنّها تشتمل على بعدين: أحدهما الجريمة والمظلومية ، والآخر الملحمة والعزّة والعظمة. ولذلك لايمكننا تحليل هذا الحدث وتبيينه بشكل صحيح إلّا إذا نظرنا إليهما وقدّمناهما إلى جانب بعضهما البعض، وإلّا فإنّ المخاطَب سوف لا يُدرك بشكل صحيح هذا الحادث المهمّ في التاريخ الإسلامي .
يقول الاُستاذ المطهّري في هذا المجال:
لحادثة عاشوراء وتاريخ كربلاء وجهان، وجه أبيض ونوراني، ووجه أسود وظلماني ، وكلاهما عديما النظير، أو قليلا النظير.
فأمّا الوجه الأسود والمظلم، فإنّه أسود ومظلم لأنّنا لا نرى فيه سوى الجريمة المنقطعة النظير أو القليلة النظير... .
فمن وجهة النظر هذه، تعدّ حادثة كربلاء جريمة ومأساة، مصيبة ورثاء. وعندما ننظر إلى هذا الوجه نرى فيه قتل الأبرياء وقتل الشاب، وقتل الطفل الرضيع، كما نرى فيه وط ء الخيول بحوافرها أجساد القتلى ، ومنع الماء عن العطاشى ، وضرب النساء والأطفال بالسياط، وحمل الأسرى على الجمال دون هوادج ووطاء . فمن هذه النظرة من هو البطل في هذه الحادثة؟ من الواضح أنّنا عندما ننظر إلى هذا الحدث من بُعد الجريمة، فإنّ من يتحمّل تلك المصائب والجرائم لا يعدّ بطلاً، وإنّما هو مظلوم. وإنّما البطل في هذه النظرة وهذا البعد هو يزيد بن معاوية، وعبيد اللّه بن زياد، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وخولى ، وعدد آخر . ولذلك فنحن حينما نطالع هذه الصفحة السوداء ، لا نرى فيها سوى الجريمة ورثاء البشرية! فماذا علينا أن نقول إن أردنا أن ننظم الشعر؟ علينا أن ننظم المراثي ، وليس هناك من شيء نقوله سوى نظم المراثي .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
116

عليّ وعيسى المسيح، وكتب أنّ عمل المسيحيّين أفضل من عمل المسلمين (الشيعة)؛ ذلك لأنّهم يحتفلون بيوم شهادة عيسى المسيح ويظهرون السرور، وأمّا المسلمون فإنّهم ينشدون المراثي ويبكون في يوم شهادة الحسين بن علي، وهكذا فإنّ عمل اُولئك أفضل من عمل هؤلاء؛ ذلك لأنّهم يعتبرون الشهادة انتصاراً لعيسى المسيح، لا هزيمة، ولذلك فإنّهم يحتفلون بها، وأمّا المسلمون فيعتبرون الشهادة هزيمة ولذلك يبكون عليه! فهنيئاً للاُمّة التي تعتبر الشهادة انتصاراً وتحتفل بها، وتعساً لاُمّة تعتبر الشهادة هزيمة وتنوح بسببها !
والجواب عليه هو : أوّلاً: أنّ احتفال المسيحيين بهذه الشهادة قائمٌ على أساس تلك العقيدة الخرافية التي تقول إنّ عيسى قُتل كي يحطّ عنّا أوزار الذنوب، ولذلك فهم يحتفلون لزعمهم خفّة عب ء الذنوب عنهم! وهي خرافة. ثانياً: إنّ هذا هو الفرق بين الإسلام والمسيحية المحرّفة ؛ فالإسلام دين اجتماعي، والمسيحية دين كلّ مافيه مواعظ أخلاقية. ومن جهة اُخرى فإنّه يمكن النظر إلى الحادثة من وجهة نظر فردية تارة ومن وجهة نظر اجتماعية اُخرى ، وتُعدّ شهادةُ الحسين بن عليّ من وجهة النظر الفردية انتصاراً كما يرى الإسلام . ۱
الجدير بالذكر هو أنّ تحريف الهدف من إقامة مراسم العزاء على الإمام الحسين عليه السلام ، والمتمثّل في قصره على التطهّر من الذنوب، والذي يشبه عقيدة المسيحيين الخرافية حول صلب عيسى عليه السلام ؛ لا يعني إلغاء دور إقامة العزاء في غفران الذنوب .
وبعبارة اُخرى ، فإنّ الهدف من إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام هو محو الجهل وإحياء القيم الدينية، وإقامة العزاء بهذا الهدف تستتبع الكثير من البركات للفرد والمجتمع ۲ ؛ والذي يُعتبر غفران الذنوب والتزكية الروحية للبشر إحدى هذه البركات ؛ حيث إنّ هذه

1.المصدر السابق : ص ۱۲۸.

2.راجع : ص۲۰۳ (الفصل الرابع / ثواب البكاء عليهم) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5434
صفحه از 430
پرینت  ارسال به