115
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

عليه، و سنُبتلى بنفس التحريف الذي حدث في الديانة المسيحية فيما يتعلّق بالسيّد المسيح .
يقول الاُستاذ الشهيد المطهّري في هذا المجال:
أنا لا أعلم من هو المجرم أو المجرمون الذين أنزلوا الجريمة على الحسين بن عليّ بشكل آخر ، وذلك بأن حرّفوا هدف الحسين بن عليّ ، وهي نفس الأباطيل التي قالها المسيحيّون بشأن المسيح، فقد قيل حول الحسين إنّه قُتل كي يتحمّل أعباء ذنوب الاُمّة ، فلقد قُتل الحسين كي نرتكب الذنوب مرتاحي البال، قُتل الحسين لقلّة المذنبين آنذاك، فليزدادوا إذن! . ۱
ويقول الاُستاذ المطهّري حول نوع آخر من تحريف الهدف من إقامة العزاء والبكاء على الإمام الحسين عليه السلام :
لماذا قال الأئمّة الأطهار عليهم السلام ـ بل وردتنا روايات عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله أيضاً ـ : إنّ هذه النهضة يجب أن تبقى حيّة، وينبغي أن لا تُنسى، وعلى الناس أن يبكوا على الإمام الحسين، تُرى ماذا كان هدفهم من هذا الأمر؟ لقد مسخنا ذلك الهدف الحقيقي ، فقلنا : ليكن الأمرُ مقصوراً على مواساة السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام! مع أنّها في الجنّة مع ابنها العظيم، تُظهر الجزعَ دوماً كي نُريق نحن شيئاً من الدموع ونواسيها، فهل هناك إهانة أكبر من هذه للسيّدة الزهراء عليهاالسلام؟! ۲
نحن نتصوّر أنّ الحسين بن عليّ ينتظر في ذلك العالم بكاء الناس عليه أو أن السيّدة الزهراء عليهاالسلامتنتظر ـ والعياذ باللّه ـ بعد ألف وثلاثمئة سنة في جوار الرحمة الإلهية، أن يبكي الناس على سيّد الشهداء كي تخفّف من آلامها!
وقد قرأت قبل بضع سنواتٍ في أحد الكتب مقارنةً قام بها الكاتب بين الحسين بن

1.حماسة حسيني (بالفارسيّة) : ج ۱ ص ۱۲۷.

2.المصدر السابق : ص ۷۸ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
114

اجتثاث الجهل من المجتمع الإسلامي ـ وكذلك مع خصوصيّات مجالس العزاء الهادف ـ أي : المحورية الإلهية، وتقديم تحليل موضوعي عن حادثة عاشوراء والاستغلال الصحيح لعواطف الناس إزاء أهل البيت عليهم السلام ـ فهو يمثّل آفةً لمجالس إقامة العزاء لسيّد الشهداء. ولإيضاح هذا الاجمال سنُشير فيما يلي إلى أهمّ هذه الآفات :

۱ . تحريف الهدف من إقامة العزاء

يعدّ تحريف هدف إقامة العزاء على سيّد الشهداء أهمّ آفاتها. وقد أشرنا فيما سبق إلى أنّ فلسفة إقامة العزاء على الإمام الحسين هي نفسها فلسفة شهادته عليه السلام ، وبناءً على ذلك فإنّ تحريف الهدف من إقامة العزاء عليه، هو تحريف للهدف من شهادة سيّد الشهداء عليه السلام أيضا .
ويمكن أن يتجلّى هذا التحريف في شكلين :
أحدهما: أن يقتصر الهدف على غفران الذنوب والتزكية الروحية بدلاً من نشر الوعي وإحياء الإسلام الأصيل.
والآخر: أن يتمّ التأكيد على جرائم أتباع يزيد والظالمين في هذه الحادثة بدلاً من التركيز على البُعد الملحمي والحماسي لها .
وهذا لا يعني أنّ غفران الذنوب والتزكية الروحية ليسا من نتائج إقامة شعائر العزاء، أو أنّه لا ينبغي التطرّق إلى جرائم الظالمين، بل إنّ المراد هو تجنّب النظرة التجزيئية ۱ .
وسنسلّط الضوء فيما يلي على هذين الموضوعين :
لو اقتصرت فلسفة إقامة العزاء على سيّد الشهداء على تطهير المذنبين من الذنوب، بدلاً من محو الجهل وإحياء القيم الإسلامية، فهذا تحريف لهدف شهادة الإمام وإقامة العزاء

1.جدير بالذكر أنّ النظرة التجزيئية لأصل ثورة سيّد الشهداء له تبعات غير محمودة ، لمزيد الاطّلاع راجع : ج۲ ص۳۴۳ (القسم السابع / المدخل : أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام ) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5442
صفحه از 430
پرینت  ارسال به