83
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

يوم دفن الشهداء

ذكرت المصادر القديمة أنّ دفن الشهداء كان بعد يوم من شهادتهم .
فإن كان المراد هو اليوم الحادي عشر ـ كما ذكر ذلك المحدّث القمّي ۱ ـ ، فمن المستبعد أن تكون هذه الرواية صحيحة ؛ لأنّ عمر بن سعد بقي في كربلاء تمام اليوم الحادي عشر أو ـ على الأقلّ ـ حتّى الظهر؛ لأجل دفن القتلى من عسكره ۲ ، كما أنّ أهل الغاضرية من بني أسد ـ والذين كانوا يقطنون ـ كما يُفترض ـ على بعدٍ من ساحة القتال ـ يبعد أيضا أن يجرؤوا أو يتمكّنوا من المجيء خلال هذه الفترة القصيرة ، إلّا إذا قلنا: إنّ المراد من اليوم التالي للشهادة هو اليوم الثاني عشر.
وفيما يتعلّق بدفن سيّد الشهداء وأصحابه اشتهرت بعض الاُمور وجرت على الألسنة، إلّا إنها لم تُذكر في المصادر الحديثيّة والتاريخيّة القديمة والمعتبرة. نعم، جاء في كتاب الدمعة الساكبة في رواية مفصّلة :
إنّ بني أسد عندما جاؤوا لدفن الإمام وأصحابه، رأوا أعرابيّاً فأرشدهم لدفن الشهداء، حتّى انتهى إلى جسد سيّد الشهداء، فبكى بكاءً شديداً، ولم يدعهم يدفنونه، وقال : مَعي مَن يُعينُني . ثمّ أنّه بسط كفّيه تحت ظهره الشريف ، وقال : «بِسمِ اللّهِ وبِاللّهِ وفي سَبيلِ اللّهِ وعَلى مِلَّةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ تَعالى ورَسولُهُ ، وصَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ ، ما شاءَ اللّهُ ، لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ» .
ثمّ أنزله وحده ولم يشرك معه أحداً منّا، ثمّ وضع خدّه بنحره الشريف وهو يبكي ، و يقول: «طوبى لِأَرضٍ تَضَمَّنَت جَسَدَكَ الشَّريفَ ، أمَّا الدُّنيا فَبَعدَكَ مُظلِمَةٌ ، وَالآخِرَةُ فَبِنورِكَ مُشرِقَةٌ ، أمَّا الحُزنُ فسَرمَدٌ ، وَاللَّيلُ فَمُسَهَّدٌ ، حَتّى يَختارَ اللّهُ لي دارَكَ الَّتي أنتَ مُقيمٌ بِها ، فَعَلَيكَ مِنّي السَّلامُ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ورَحمَةُ اللّهِ وبَركاتُهُ» .

1.منتهى الآمال : ص ۴۸۱.

2.راجع : ص۱۳۵ (الفصل السادس / إشخاص أهل البيت إلى الكوفة) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
82

هذا الإذن من ابن زياد يبدو مستبعداً.
كما أنّ تكفين غلام زهير لجسد الإمام والذي جاء في رواية اُخرى في كتاب الطبقات الكبرى ۱ ، لا يخلو من الاستبعاد أيضا .

دفن الشهداء

روي دفن سيّد الشهداء وأصحابه بشكلين :
الأوّل : إنّه عليه السلام دُفن بشكل إعجازي على يد الإمام زين العابدين عليه السلام وبحضور رسول اللّه صلى الله عليه و آله والإمام عليّ عليه السلام والإمام الحسن عليه السلام والملائكة . ۲
وهذه الرواية تنسجم مع الروايات الدالّة على أنّ الاُمور المتعلّقة بتجهيز أئمّة أهل البيت عليه السلام ودفنهم لا تتمّ إلّا على يد الإمام اللّاحق . ۳
الثاني : إنّ أهل الغاضرية من بني أسد هم الذين دفنوا أجساد الشهداء المطهّرة . ۴
ويمكن الجمع بين هاتين الروايتين بأن نقول : إنّ بني أسد لم يلتفتوا إلى حضور الإمام السجّاد عليه السلام نظراً إلى حدوث ذلك بشكل إعجازي، وهكذا الحال بالنسبة إلى حضور النبيّ صلى الله عليه و آله والملائكة فإنّهم لم يلتفتوا إليهم، أو إنّهم رأوا الإمام السجّاد ولكنّهم لم يعرفوه .

1.راجع : ص ۷۷ ح ۲۱۵۱.

2.راجع: ص ۷۴ (من تولّى دفن الإمام عليه السلام وأصحابه).

3.مثل الروايات التي تقول: لا يلي (تجهيز) الوصي إلّا الوصي (الكافي: ج ۸ ص ۲۰۶ ح ۲۵۰، الغيبة للطوسي : ص ۵۷ ح ۵۲، بحار الأنوار : ج ۵۳ ص ۹۴ ح ۱۰۳) أو «أنّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله». (راجع : ص ۷۴ ح۲۱۴۲).

4.راجع : ص ۷۶ ح ۲۱۴۷ وما بعدها .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5522
صفحه از 414
پرینت  ارسال به