فَأَصبَحنا وهِيَ كَأَعظَمِ دَوحَةٍ ، وجاءَت بِثَمَرٍ كَأَعظَمِ ما يَكونُ في لَونِ الوَرسِ ، ورائِحَةِ العَنبَرِ ، وطَعمِ الشَّهدِ ، ما أكَلَ مِنها جائِعٌ إلّا شَبِعَ ، ولا ظَمآنُ إلّا رَوِيَ ، ولا سَقيمٌ إلّا بَرِئَ ، ولا أكَلَ مِن وَرَقِها بَعيرٌ ولا شاةٌ إلّا دَرَّ لَبَنُها ، فَكُنّا نُسَمّيهَا المُبارَكَةَ ، ويَنتابُنا مِنَ البَوادي مَن يَستَسقي بِها ، ويُزَوِّدُ مِنها .
حَتّى أصبَحنا ذاتَ يَومٍ ، وقَد تَساقَطَ ثَمَرُها ، وصَغُرَ وَرَقُها ، فَفَزِعنا ، فَما راعَنا إلّا نَعيُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
ثُمَّ إنَّها بَعدَ ثَلاثينَ سَنَةً أصبَحَت ذاتَ شَوكٍ ، مِن أسفَلِها إلى أعلاها ، وتَساقَطَ ثَمَرُها ، وذَهَبَت نَضرَتُها ، فَما شَعَرنا إلّا بِمَقتَلِ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَما أثَمَرَت بَعدَ ذلِكَ ، وكُنّا نَنتَفِعُ بِوَرَقِها .
ثُمَّ أصبَحنا وإذا بِها قَد نَبَعَ مِن ساقِها دَمٌ عَبيطٌ ، وقَد ذَبَلَ وَرَقُها ، فَبَينا نَحنُ فَزِعينَ إذ أتانا خَبَرُ مَقتَلِ الحُسَينِ عليه السلام ، ويَبِسَتِ الشَّجَرَةُ عَلى أثَرِ ذلِكَ وذَهَبَت . ۱
۲۱۲۴.مقتل الحسين عليه السلام للخوارمي عن هند بنت الجون :نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِخَيمَةِ خالَتي ، ومَعَهُ أصحابٌ لَهُ ، فَكانَ مِن أمرِهِ فِي الشّاةِ ما قَد عَرَفَهُ النّاسُ ، فَقالَ ۲ فِي الخَيمَةِ هُوَ وأصحابُهُ حَتّى أبرَدَ ، وكانَ اليَومُ قائِظا ۳ شَديدا حَرُّهُ .
فَلَمّا قامَ مِن رَقدَتِهِ دَعا بِماءٍ ، فَغَسَلَ يَدَيهِ ، فَأَنقاهُما ، ثُمَّ مَضمَضَ فاهُ ، ومَجَّهُ عَلى عَوسَجَةٍ كانَت إلى جَنبِ خَيمَةِ خالَتي ثَلاثَ مَرّاتٍ ... ثُمَّ قالَ : إنَّ لِهذِهِ العَوسَجَةِ شَأنا .
1.ربيع الأبرار : ج ۱ ص ۲۸۵ ؛ كشف الغمّة : ج ۱ ص ۲۵ وفيه «يستشفى» بدل «يستسقى» ، الثاقب في المناقب : ص ۱۱۱ ح ۱۰۷ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۱ كلاهما نحوه .
2.القَيلولة : نومة نصف النهار ، قال يقيل (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۵۷۷ «قيل») .
3.القَيْظ : شدّة الحرّ ، والقَيظ : الفصل الذي يسمّيه الناس الصيف (المصباح المنير : ص ۵۲۱ «قيظ») .