63
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

ثُمَّ فَعَلَ مَن كانَ مَعَهُ مِن أصحابِهِ مِثلَ ذلِكَ ، ثُمَّ قامَ فَصَلّى رَكعَتَينِ ، فَعَجِبتُ أنَا وفَتَياتُ الحَيِّ مِن ذلِكَ ، وما كانَ عَهدُنا بِالصَّلاةِ ، ولا رَأَينا مُصَلِّيا قَبلَهُ .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ أصبَحنا وقَد عَلَتِ العَوسَجَةُ ، حَتّى صارَت كَأَعظَمِ دَوحَةٍ عالِيَةٍ وأبهى ، وقَد خَضَدَ ۱ اللّهُ شَوكَها ، ووَشَجَت عُروقُها وكَثُرَت أفنانُها ۲ ، وَاخضَرَّ ساقُها ووَرَقُها ، ثُمَّ أثمَرَت بَعدَ ذلِكَ ، فَأَينَعَت بِثَمَرٍ كانَ كَأَعظَمِ ما يَكونُ مِنَ الكَمأَةِ في لَونِ الوَرسِ المَسحوقِ ، ورائِحَةِ العَنبَرِ ، وطَعمِ الشَّهدِ .
وَاللّهِ ، ما أكَلَ مِنها جائِعٌ إلّا شَبِعَ ، ولا ظَمآنُ إلّا رَوِيَ ، ولا سَقيمٌ إلّا بَرَأَ ، ولا ذوحاجَةٍ وفاقَةٍ إلَا استَغنى ، ولا أكَلَ مِن وَرَقِها بَعيرٌ ولا ناقَةٌ ولا شاةٌ إلّا سَمِنَت ، ودَرَّ لَبَنُها ، فَرَأَينَا النَّماءَ وَالبَرَكَةَ فِي أموالِنا مُنذُ يَومَ نَزَلَ صلى الله عليه و آله ، وأخصَبَت بِلادُنا وأمرَعَت ، فَكُنّا نُسَمّي تِلكَ الشَّجَرَةَ المُبارَكَةَ ، وكانَ يَنتابُنا مَن حَولَنا مِن أهلِ البَوادي ، يَستَظِلّونَ بِها ، ويَتَزَوَّدونَ مِن وَرَقِها فِي الأَسفارِ ، ويَحمِلونَ مَعَهُم لِلأَرضِ القِفارِ ، فَيَقومُ لَهُم مَقامَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ .
فَلَم تَزَل كَذلِكَ وعَلى ذلِكَ حَتّى أصبَحنا ذاتَ يَومٍ ، وقَد تَساقَطَ ثِمارُها ، وَاصفَرَّ وَرَقُها ، فَأَحزَنَنا ذلِكَ ، وفَزِعنا مِن ذلِكَ ، فَما كانَ إلّا قَليلٌ حَتّى جاءَ نَعيُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَإِذا هُوَ قَد قُبِضَ ذلِكَ اليَومَ .
فَكانَت بَعدَ ذلِكَ تُثمِرُ ثَمَرا دونَ ذلِكَ فِي العِظَمِ وَالطَّعمِ وَالرّائِحَةِ ، فَأَقامَت عَلى ذلِكَ نَحوَ ثَلاثينَ سَنَةً ، فَلَمّا كانَ ذاتَ يَومٍ أصبَحنا ، وإذا بِها قَد شاكَت مِن أوَّلِها إلى آخِرِها ، وذَهَبَت نَضارَةُ عيدانِها ، وتَساقَطَت جَميعُ ثَمَرَتِها ، فَما كانَ إلّا يَسيرٌ حَتّى وافى خَبَرُ مَقتَلِ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَما أثمَرَت بَعدَ ذلِكَ ،

1.الخضد : نزع الشوك عن الشجر (العين : ص ۲۲۸ «خضد») .

2.الفَنَن : الغصن ، جمعه أفنان (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۵۶ «فنن») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
62

فَأَصبَحنا وهِيَ كَأَعظَمِ دَوحَةٍ ، وجاءَت بِثَمَرٍ كَأَعظَمِ ما يَكونُ في لَونِ الوَرسِ ، ورائِحَةِ العَنبَرِ ، وطَعمِ الشَّهدِ ، ما أكَلَ مِنها جائِعٌ إلّا شَبِعَ ، ولا ظَمآنُ إلّا رَوِيَ ، ولا سَقيمٌ إلّا بَرِئَ ، ولا أكَلَ مِن وَرَقِها بَعيرٌ ولا شاةٌ إلّا دَرَّ لَبَنُها ، فَكُنّا نُسَمّيهَا المُبارَكَةَ ، ويَنتابُنا مِنَ البَوادي مَن يَستَسقي بِها ، ويُزَوِّدُ مِنها .
حَتّى أصبَحنا ذاتَ يَومٍ ، وقَد تَساقَطَ ثَمَرُها ، وصَغُرَ وَرَقُها ، فَفَزِعنا ، فَما راعَنا إلّا نَعيُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
ثُمَّ إنَّها بَعدَ ثَلاثينَ سَنَةً أصبَحَت ذاتَ شَوكٍ ، مِن أسفَلِها إلى أعلاها ، وتَساقَطَ ثَمَرُها ، وذَهَبَت نَضرَتُها ، فَما شَعَرنا إلّا بِمَقتَلِ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَما أثَمَرَت بَعدَ ذلِكَ ، وكُنّا نَنتَفِعُ بِوَرَقِها .
ثُمَّ أصبَحنا وإذا بِها قَد نَبَعَ مِن ساقِها دَمٌ عَبيطٌ ، وقَد ذَبَلَ وَرَقُها ، فَبَينا نَحنُ فَزِعينَ إذ أتانا خَبَرُ مَقتَلِ الحُسَينِ عليه السلام ، ويَبِسَتِ الشَّجَرَةُ عَلى أثَرِ ذلِكَ وذَهَبَت . ۱

۲۱۲۴.مقتل الحسين عليه السلام للخوارمي عن هند بنت الجون :نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِخَيمَةِ خالَتي ، ومَعَهُ أصحابٌ لَهُ ، فَكانَ مِن أمرِهِ فِي الشّاةِ ما قَد عَرَفَهُ النّاسُ ، فَقالَ ۲ فِي الخَيمَةِ هُوَ وأصحابُهُ حَتّى أبرَدَ ، وكانَ اليَومُ قائِظا ۳ شَديدا حَرُّهُ .
فَلَمّا قامَ مِن رَقدَتِهِ دَعا بِماءٍ ، فَغَسَلَ يَدَيهِ ، فَأَنقاهُما ، ثُمَّ مَضمَضَ فاهُ ، ومَجَّهُ عَلى عَوسَجَةٍ كانَت إلى جَنبِ خَيمَةِ خالَتي ثَلاثَ مَرّاتٍ ... ثُمَّ قالَ : إنَّ لِهذِهِ العَوسَجَةِ شَأنا .

1.ربيع الأبرار : ج ۱ ص ۲۸۵ ؛ كشف الغمّة : ج ۱ ص ۲۵ وفيه «يستشفى» بدل «يستسقى» ، الثاقب في المناقب : ص ۱۱۱ ح ۱۰۷ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۱ كلاهما نحوه .

2.القَيلولة : نومة نصف النهار ، قال يقيل (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۵۷۷ «قيل») .

3.القَيْظ : شدّة الحرّ ، والقَيظ : الفصل الذي يسمّيه الناس الصيف (المصباح المنير : ص ۵۲۱ «قيظ») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5683
صفحه از 414
پرینت  ارسال به