يعدّون أنفسهم للثورة، دخل المختار بن أبي عبيدة الكوفة ـ وكان قبل ذلك يتعاون لفترة مع عبد اللّه بن الزبير ثمّ اعتزل عنه ـ ولكنّه رفض قيادة سليمان بن صرد ، وادّعى أنّه غير عارف بفنون الحرب، وأنّه سيعرّض الناس للقتل ، ۱ وبذلك دعا الناس لقيادته بهدف الثأر للإمام الحسين عليه السلام ، و في جوابه للذين كانوا ينهونه عن هذا الأمر طرح نفسه بعنوان أنّه ممثّل المهديّ محمّد بن الحنفيّة للثأر للإمام . ۲
وهكذا فقد ظهر الانشقاق بين أنصار النهضة، فكان معظمهم مع سليمان بن صرد لكنّ عدداً منهم انضمّوا إلى المختار . ۳
وعلى أيّ حال ، فقد بدأت نهضة التوّابين بقيادة سليمان بن صرد حركتها في سنة ۶۵ هـ بهدف الإطاحة بحكومة الشام، في ظلّ الظروف التي كانت فيها الكوفة تحت سيطرة عبداللّه بن الزبير . وأمر سليمان أنصاره بأن يجتمعوا في النخيلة استعداداً لقتال جيش الشام ، إلّا أنّه بعد وصوله إلى هذا المعسكر وجد أنّه لم يبق من الذين كانوا بايعوه ـ أي حوالي ۱۶ ألف شخصٍ ـ سوى أربعة آلاف ! ۴
فسار سليمان مع ما تبقّى من أنصاره من النخيلة إلى كربلاء ، واستغفروا اللّه عند قبر الإمام الحسين عليه السلام بعد أن اعترفوا بذنوبهم وتعاهدوا على أن يواصلوا طريقه، وقد كتب الطبري في هذا المجال قائلاً :
لمّا انتهى سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين ، نادوا صيحةً واحدة : يا ربّ، إنّا قد خذلنا ابن بنت نبيّنا ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم ، وارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصدّيقين ، وإنّا نشهدك يا ربّ أنّا على
1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰.
2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۷۹، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.
3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰ و ۵۸۰، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.
4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۳.