337
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

نصرناه بأيدينا، ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قوّيناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا!! فما عذرُنا إلى ربّنا وعند لقاء نبينا صلى الله عليه و آله ، وقد قتل فينا ولده وحبيبه وذرّيته ونسله؟! لا واللّه لا عذر دون أن تقتُلوا قاتلَه والمُوالين عليه ، أو تُقتَلوا في طلب ذلك ، فعسى ربّنا أن يرضى عنّا عند ذلك، وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن . أيّها القوم ، ولّوا عليكم رجلاً منكم؛ فإنّه لابدّ لكم من أميرٍ تفزعون إليه ، وراية تحفّون بها ، أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم .
قال : فبدر القوم رفاعة بن شدّاد بعد المسيّب الكلام ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى الله عليه و آله ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فإنّ اللّه قد هداك لأصوب القول ، ودعوتَ إلى أرشد الاُمور ، بدأتَ بحمد اللّه والثناء عليه والصلاة على نبيّه صلى الله عليه و آله ، ودعوتَ إلى جهاد الفاسقين ، وإلى التوبة من الذنب العظيم ، فمسموع منك مستجاب لك مقبول قولك ، قلتَ : ولّوا أمركم رجلاً منكم تفزعون إليه وتحفّون برايته ، وذلك رأيٌ قد رأينا مثل الذي رأيت ، فإن تكن أنت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيّا ، وفينا متنصّحا في جماعتنا محبّا ، وإن رأيت ورأى أصحابنا ذلك ولينا هذا الأمر شيخ الشيعة ، صاحب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد ، المحمود في بأسه ودينه ، والموثوق بحزمه ، أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم .
قال: ثمّ تكلّم عبد اللّه بن وال وعبد اللّه بن سعد ، فحمدا ربّهما وأثنيا عليه، وتكلّما بنحوٍ من كلام رفاعة بن شدّاد ، فذكرا المسيّب بن نجبة بفضله ، وذكرا سليمان بن صرد بسابقته ورضاهما بتوليته .
فقال المسيب بن نجبة : أصبتم ووُفّقتم ، وأنا أرى مثل الذي رأيتم ، فَوَلّوا أمرَكم سليمانَ بنَ صرد . ۱
وذكر الطبري في رواية اُخرى :
كان أوّل ما ابتدعوا به من أمرهم سنة ۶۱ هـ ، وهي السنة التي قُتل فيها الحسين

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۵۲.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
336

الطبري في هذا المجال :
لمّا قتل الحسين بن عليّ ، ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ۱ فدخل الكوفة ، تلاقت الشيعة بالتلاوم والتندّم ، ورأت أنّها قد أخطأت خطأً كبيرا بدعائهم الحسين إلى النصرة وتركهم إجابته ، ومقتله إلى جانبهم لم ينصروه ، ورأوا أنّه لا يغسل عارهم والإثم عنهم في مقتله إلّا بقتل من قتله أو القتل فيه . ففزعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤوس الشيعة : إلى سليمان بن صرد الخزاعي ؛ وكانت له صحبة مع النبي صلى الله عليه و آله ، وإلى المُسيّب بن نجبة الفزاري ؛ وكان من أصحاب عليّ وخيارهم ، وإلى عبد اللّه بن سعد بن نفيل الأزدي ، وإلى عبد اللّه بن وال التيمي ، وإلى رفاعة بن شدّاد البجلي .
ثمّ إنّ هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد وكانوا من خيار أصحاب عليّ ، ومعهم اُناس من الشيعة وخيارهم ووجوههم . قال: فلمّا اجتمعوا إلى منزل سليمان بن صرد بدأ المسيّب بن نجبة القوم بالكلام ، فتكلّم فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على نبيّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ قال :
أمّا بعد، فإنّا قد ابتُلينا بطول العمر والتعرّض لأنواع الفتن ، فنرغب إلى ربّنا ألّا يجعلنا ممّن يقول له غدا: «أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَ جَآءَكُمُ النَّذِيرُ» ۲ ، فإنّ أمير المؤمنين قال : «العُمرُ الَّذي أعذَرَ اللّهُ فيهِ إلَى ابنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً» ، ۳ وليس فينا رجل إلّا وقد بلغه ، وقد كنّا مغرمين بتزكية أنفسنا وتقريظ شيعتنا ، حتّى بلا اللّه أخيارنا فوجدنا كاذبين في موطنين من مواطن ابن ابنة نبيّنا صلى الله عليه و آله ، وقد بلغتنا قبل ذلك كتبُه وقدمَت علينا رُسلُه ، وأعذر إلينا يسألنا نصره عودا وبدءا ، وعلانية وسرّا ، فبخلنا عنه بأنفسنا ، حتّى قُتل إلى جانِبنا ؛ لا نحن

1.معسكر الكوفة بالقرب منها وفي طريق الشام (راجع : الخريطة رقم ۴ في آخر المجلّد ۴) .

2.فاطر:۳۷

3.نهج البلاغة ، الحكمة ۳۲۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5627
صفحه از 414
پرینت  ارسال به