335
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

وفكّ الحصار عن مكّة بموته في الرابع عشر من ربيع الأوّل سنة ۶۴ للهجرة ، وعاد جيش الشام منهزماً. ۱
وبعد موت يزيد، بايع أهل الحجاز عبد اللّه بن الزبير ، ثمّ بايعه أهل العراق . ۲
ولكن سوء تدبير ابن الزبير وتعامله السيّئ مع الناس وخاصّة مع بني هاشم ، أدّيا إلى أن يفقد قاعدته الشعبيّة ، فتكبّد هزيمة فادحة خلال هجوم الحجّاج بن يوسف على مكّة ، وقُتل هو أيضاً ، وبذلك انتهى حكمه في أوائل سنة ۷۳ هجرية . ۳

۳ . ثورة التوّابين

رغم أنّ هذه الثورة اندلعت بعد ثورة أهل المدينة وأهل مكّة ، إلا أنّ مقدّماتها بدأت تزامناً مع ثورة المدينة ومكّة . وقد قام بهذه الثورة أشخاص تسبّبت دعوتهم قدوم الإمام الحسين عليه السلام إلى الكوفة وأدّى تقاعسهم عن نصرته إلى وقوع حادثة كربلاء الدمويّة ، وبذلك فقد ارتكبوا ذنباً كبيراً، وكانوا يريدون أن يغسلوا عار هذا الذنب بدمائهم، ولذلك سمّيت نهضتُهم نهضةَ التوّابين .
وبعبارة اُخرى، فإنّ قسماً كبيراً من أهل الكوفة والذين كان بإمكانهم أن يغيّروا مصير المجتمع من خلال نصرة الإمام الحسين عليه السلام ، إلّا أنهم استسلموا ـ لبعض الأسباب ـ لسياسة ابن زياد القائمة على الترغيب والترهيب والخداع ، ۴ انتبهوا إلى خطئهم التاريخيّ على إثر الأمواج الاجتماعيّة والسياسيّة لواقعة كربلاء ، وقرّروا أن يخفّفوا من عار هذا الذنب الذي لا يغتفر، عبر الثورة ضدّ حكومة يزيد والانتقام من قتلة سيّد الشهداء. وهذا هو نصّ رواية

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۸، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۶۲.

2.بايع أهل الشام مروان بن الحكم أيضا (بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵۴).

3.راجع: تاريخ الطبري: ج ۶ ص ۱۸۸، الكامل في التاريخ: ج ۳ ص ۶۹، مروج الذهب: ج ۳ ص ۸۵ و ۸۹، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۲۰ ص ۱۲۳.

4.راجع : ج ۳ ص ۳۹۹ (القسم السابع / الفصل السابع / تحليل حول تقييم سفر الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق وثورة الكوفة).


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
334

إنّ أهل العراق غدر فجر إلّا قليلاً ، وإنّ أهل الكوفة شرار أهل العراق ، وإنّهم دعوا حسينا عليه السلام لينصروه ويولّوه عليهم ، فلمّا قدم عليهم ثاروا عليه ، ۱ فقالوا له : إمّا أن تضع يدك في أيدينا ، فنبعث بك إلى ابن زياد بن سميّة سلما ، فيمضي فيك حكمه ، وإمّا أن تحارب ! فرأى ـ واللّه ـ ، أنّه هو وأصحابه قليلٌ في كثير ـ وإن كان اللّه عزّ وجلّ لم يطلع على الغيب أحدا ـ أنّه مقتول ، ولكنّه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذّميمة . فرحم اللّه حسينا عليه السلام ، وأخزى قاتل حسين عليه السلام .
لعمري ، لقد كان من خلافهم إيّاه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ وناه عنهم ، ولكنّه ما حمّ ۲ نازل ، وإذا أراد اللّه أمرا لن يدفع ، أفبعد الحسين عليه السلام نطمئنّ إلى هؤلاء القوم ، ونصدّق قولهم ، ونقبل لهم عهدا ؟ لا ، ولا نراهم لذلك أهلاً .
أما واللّه ، لقد قتلوه طويلاً بالّليل قيامه ، كثيرا في النّهار صيامه ، أحقّ بما هم فيه منهم ، وأولى به في الدّين والفضل .
أما واللّه ، ما كان يبدّل بالقرآن الغناء ، ولا بالبكاء من خشية اللّه الحداء ، ۳ ولا بالصّيام شرب الحرام ، ولا بالمجالس في حلق الذّكر الرّكض في تطلاب الصّيد ، ـ يعرّض بيزيد ـ فسوف يلقون غيّاً . ۴
وبعد هذه الخطبة طلب منه أصحابه أن يعلن بيعته وأن يمسك بزمام الحكم رسميّاً .
وقد بعث يزيد جيشاً إلى مكّة مرّتين ۵ لقمع ثورة أهلها ، ولكنّه لم يحقّق شيئاً في النهاية ،

1.في المصدر: «إليه» وما أثبتناه من الكامل في التاريخ ، وهو الأنسب للسياق.

2.حُمَّ هذا الأمرُ : إذا قُضِيَ . وحُمَّ له ذلك : قُدِّرَ (لسان العرب : ج۱۲ ص۱۵۱ «حمم» ).

3.حدا بالإبل حدواً وحِداءً: إذا غنّى لها (مجمع البحرين: ج ۱ ص ۳۷۶ «حدا»).

4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۷۴، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۸۵، تذكرة الخواصّ: ص ۲۶۸ كلاهمانحوه وراجع: البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۱۲

5.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۸، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۵۷، العقد الفريد: ج ۳ ص ۳۷۵، تاريخ دمشق: ج ۲۸ ص ۲۳۰، الفتوح: ج ۵ ص ۱۵۳ - ۱۶۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4311
صفحه از 414
پرینت  ارسال به