333
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

۲ . ثورة أهل مكّة

قائد هذه الثورة هو عبد اللّه بن الزبير ، وهو ممّن لم يبايع يزيد ، و كان مثل بني اُميّة من الأعداء الألدّاء لأهل البيت عليهم السلام ، بحيث إنّه أجبر أباه الزبير على معاداة هذا البيت ، كما نُقل عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال :
مازالَ الزُّبَيرُ رَجُلاً مِنّا أهلَ البَيتِ حَتّى نَشَأَ ابنُهُ المَشؤومُ عَبدُ اللّهِ . ۱
ويقول ابن أبي الحديد:
وعبد اللّه هو الذي حمل الزبير على الحرب ، وهو الذي زيّن لعائشة مسيرها إلى البصرة، وكان سبّابا فاحشا ، يُبغِض بني هاشم . ۲
دخل عبد اللّه مكّة قبل وصول الإمام الحسين عليه السلام إليها؛ بهدف تهيئة الأرضيّة للاستيلاء على مقاليد الحكم، ولكنّ الناس لم يرحّبوا به ترحيباً كبيراً ، خاصّة بعد وصول الإمام الحسين عليه السلام إلى مكّة ، حيث استقطب وجوده الرأي العامّ، ولذلك لم يكن يرغب في بقاء الإمام الحسين عليه السلام فيها . كما لم تتهيّأ الأرضيّة المناسبة للاستنفار العامّ ضدّ حكومة يزيد بقيادة ابن الزبير بعد خروج الإمام منها ، وإنّما أصبح الجوّ العامّ مهيّأً للثورة ضدّ حكومة يزيد بعد واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام ، فاستغلّ ابن الزبير هذا الجوّ غاية الاستغلال لبلوغ الحكم ، رغم أنّه كان العدوّ اللدود لأهل بيت الرسالة، وهذا هو نصّ رواية الطبري في هذا المجال :
لمّا قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزّبير في أهل مكّة ، وعظّم مقتله ، وعاب على أهل الكوفة خاصّة ، ولام أهل العراق عامّة ، فقال ـ بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على محمّد صلى الله عليه و آله ـ :

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۲۰ ص ۱۰۲، اُسد الغابة: ج ۳ ص ۲۴۴، الاستيعاب: ج ۳ ص ۴۰ وليس فيهما«المشؤوم».

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۴ ص ۷۹.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
332

لحاكم المدينة الأرضيّة لهذه الثورة . ۱
ويرى البعض أنّ سبب واقعة الحرّة هو الحقد الذي كان يحمله بنو اُميّة ضدّ قبيلتي الأوس والخزرج وأهل المدينة؛ ذلك لأنّهم هبّوا لنصرة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقتلوا الكثير من بني اُميّة وقريش في الحروب المختلفة. ۲
ويمكن القول إنّ جميع هذه العوامل كان لها دور بشكلٍ مّا في ثورة أهل المدينة، ولكن إلى جانب العوامل المذكورة ، فإنّ الذي نشر الوعي بين الناس ومنحهم الجرأة وشجّعهم على الثورة ضدّ حكومة يزيد، هو واقعة عاشوراء دون شكّ ؛ ذلك لأنّ الإمام الحسين عليه السلام عندما أعلن معارضته لمبايعة يزيد قبل واقعة عاشوراء وصرّح قائلاً :
وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ . ۳
فلم يُبدِ أهل المدينة أيّ ردّ فعل تجاه ذلك ، فغادر المدينة ، ولكنّ الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة لهذه الحادثة قلبت أجواء المدينة بعد واقعة كربلاء.
ويصف السيّد ابن طاووس أوضاعَ المدينة عند عودة أهل بيت سيّد الشهداء بعد واقعة عاشوراء، نقلاً عن بشير بن حذلم، قائلاً:
فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزن من خدورهنّ ، مكشوفة شعورهنّ ، مخمشة وجوههنّ ، ضاربات خدودهنّ ، يدعون بالويل والثبور . [قال الراوي :] فلم أرَ باكيا أكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله . ۴
ولا شكّ في أنّ هذا الوضع خلق موجة من الغضب، وأيقظ الناس، ومنحهم الجرأة كي يثوروا ضدّ حكومة يزيد ، إلى جانب العوامل الاُخرى .

1.تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۲۵۰؛ الإمامة والسياسة: ج ۱ ص ۲۲۷.

2.راجع: كتاب تأملي در نهضت عاشوراء«بالفارسية» .

3.راجع: ج ۲ ص ۳۹۸ ح ۹۷۰ .

4.راجع : ج ۶ ص ۱۷۰ ح ۲۷۲۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4300
صفحه از 414
پرینت  ارسال به