331
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

وقد ذُكرت عوامل مختلفة حول أسباب ودوافع ثورة أهل المدينة ضدّ حكومة يزيد، أحدها: أنّ بعض الشخصيات البارزة في المدينة قدّموا لأهل المدينة أخبارا ، فقام والي المدينة وبهدف الحيلولة دون حدوث ثورة عامّة بإرسال عدد من وجهاء المدينة إلى الشام؛ كي يشاهدوا قدرة يزيد عن كثب ، وكي يتأثّروا بعطاياه لهم فيمنعوا الناس عن الثورة ، ۱ ولكنّهم ذكروا للناس بعد عودتهم إلى المدينة نتيجة سفرهم، فقالوا :
إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويعزف بالطّنابير ، ويضرب عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسامر ۲ الخرّاب ۳ والفتيان . ۴
فما كان منهم إلّا أن عزلوا يزيد من الخلافة ، واتّبعهم أهل المدينة . ۵
وجاء في رواية اُخرى أنّ سبب ثورة أهل المدينة هو أنّ عامل الصوافي ۶ كان يريد أن يخرج عوائد الأملاك المتعلّقة بها من المدينة ، فمنعه الأهالي من ذلك، وهيّأ التعامل البارد

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۷۸.

2.السمَر: المسامرة: وهو الحديث بالليل (الصحاح: ج ۲ ص ۶۸۸ «سمر»).

3.الخارب: اللصّ، والجمع الخرّاب (الصحاح: ج ۱ ص ۱۱۹ «خرب»).

4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۸۰،أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۸ ، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۸۸، البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۱۶ كلها نحوه وراجع: فتح الباري: ج ۱۳ ص ۷۰ والعقد الفريد: ج ۳ ص ۳۷۲ والصواعق المحرقة: ص ۲۲۱.

5.راجع: تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۸۰ و أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۷ و الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۶ المنتظم : ج ۶ ص ۱۹.

6.الصَّوافي : الأملاك والأراضي التي جلا عنها أهلها أو ماتوا ولا وارث لها، واحدها صافية (النهاية : ج ۲ ص ۴۰).


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
330

وتعاملوا بقسوة مع الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة المطالبة بالإصلاح ، والتي كانت تمتدّ جذورها إلى وقعة عاشوراء، كما واجهوا آل رسول اللّه صلى الله عليه و آله الذين كانوا يمثّلون الدعامة الأساسيّة لهذه الحركات .
والملاحظة التي تستحقّ التأمّل أنّ هذه الحركات الشعبيّة المستلهمة من واقعة عاشوراء، رغم أنّها لم تؤدّ أبداً إلى حكم الإسلام الأصيل بقيادة أهل البيت عليهم السلام ، إلّا أنّها أدّت دوماً دوراً مؤثّراً في الحؤول دون تقوّض أساس الإسلام .
تأثير وقعة كربلاء على ثوراتٍ أربع
من البديهيّ أنّ دراسة وتبيين دور واقعة عاشوراء في الحركات الشعبيّة والدفاع عن كيان الإسلام الأصيل ، منذ ذلك الحين وحتّى انتصار الثورة الإسلامية ، ليس فقط أنّه لا يمكن استيعابها في هذا المقال، بل إنّها خارج نطاق هذه الموسوعة أيضاً، ولذلك فإنّنا سنكتفي بإشارة عابرة إلى أربع حركات انطلقت في العقد الأوّل بعد نهضة سيّد الشهداء، تحت التأثير المباشر أو غير المباشر لأمواج واقعة عاشوراء السياسيّة والاجتماعيّة .

۱ . ثورة أهل المدينة (واقعة الحرّة)

في السنة الثانية من حكم يزيد، وبعد سنتين من واقعة عاشوراء تقريبا، و في أواخر ذي الحجّة سنة ۶۳ هـ ، ۱ ثار أهل المدينة بقيادة عبد اللّه بن حنظلة غسيل الملائكة ۲ ضدّ حكومة يزيد، فبعث لهم يزيد جيشاً من الشام إلى المدينة بقيادة مسلم بن عقبة، وقمع بكلّ قسوه هذه الثورة الشعبيّة، ۳ وقد سُمّيت هذه المعركة بواقعة الحرّة؛لحدوثها في منطقة الحرّة .

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۴، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۵۰، الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۸.

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۵، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۸، الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۶.

3.تروي المصادر المعتبرة أنّ مسلم بن عقبة أباح نفوس أهل المدينة وأموالهم وأعراضهم لجنوده مدّة ثلاثة أيّام، وقتل الكثير من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقارئي القرآن، كما تمّ الاعتداء على الكثير من النساء، فولدن بسبب ذلك أولاداً سمّوا فيما بعد بأبناء الحرّة، واختلفت المصادر في عدد قتلى هذه الواقعة بين ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف، وبعد ثلاثة أيّام أخذ مسلم بن عقبة البيعة من الأهالي باعتبارهم عبيدا خالصين ليزيد، له الحقّ في أن يتصرّف في أموالهم وأعراضهم كما يشاء (راجع: أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۴۵- ۳۵۰ وتاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۵ ومروج الذهب: ج ۳ ص ۷۸ ومعجم البلدان: ج ۲ ص ۲۴۹ وتاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۲۵۰).

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4246
صفحه از 414
پرینت  ارسال به