الحُسَينُ بِأَرضِ العِراقِ» ، وعِندي تُربَةٌ دَفَعَها إلَيَّ في قارورَةٍ .
فَقالَ : وَاللّهِ ، إنّي مَقتولٌ كَذلِكَ ، وإن لَم أخرُج إلَى العِراقِ يَقتُلونَني أيضا ، وإن أحبَبتِ أن اُرِيَكِ مَضجَعي ومَصرَعَ أصحابي ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلى وَجهِها ، فَفَسَحَ اللّهُ في بَصَرِها حَتّى أراها ذلِكَ كُلَّهُ ، وأخَذَ تُربَةً ، فَأَعطاها مِن تِلكَ التُّربَةِ أيضا في قارورَةٍ اُخرى ، وقالَ عليه السلام : فَإِذا فاضَتا دَما فَاعلَمي أنّي قَد قُتِلتُ .
فَقالَت اُمُّ سَلَمَةَ : فَلَمّا كانَ يَومُ عاشوراءَ نَظَرتُ إلَى القارورَتَينِ بَعدَ الظُّهرِ ، فَإِذا هُما قَد فاضَتا دَما ، فَصاحَت . ۱
۲۰۴۳.الإرشاد عن اُمّ سلمة :خَرَجَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن عِندِنا ذاتَ لَيلَةٍ ، فَغابَ عَنّا طَويلاً ، ثُمَّ جاءَنا وهُوَ أشعَثُ أغبَرُ ، ويَدُهُ مَضمومَةٌ ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ! ما لي أراكَ شَعِثا مُغبَرّا ؟
فَقالَ : «اُسرِيَ بي في هذَا الوَقتِ إلى مَوضِعٍ مِنَ العِراقِ يُقالُ لَهُ كَربَلاءُ ، فَاُريتُ فيهِ مَصرَعَ الحُسَينِ ابني وجَماعَةٍ مِن وُلدي وأهلِ بَيتي ، فَلَم أزَل ألقُطُ دِماءَهُم ، فَها هِيَ في يَدي» ، وبَسَطَها إلَيَّ ، فَقالَ : «خُذيها وَاحتَفِظي بِها» ، فَأَخَذتُها ، فَإِذا هِيَ شِبهُ تُرابٍ أحمَرَ ، فَوَضَعتُهُ في قارورَةٍ ، وسَدَدتُ رَأسَها ، وَاحتَفَظتُ بِهِ .
فَلَمّا خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام مِن مَكَّةَ مُتَوَجِّها نَحوَ العِراقِ ، كُنتُ اُخرِجُ تِلكَ القارورَةَ في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ ، فَأَشُمُّها ، وأنظُرُ إلَيها ، ثُمَّ أبكي لِمُصابِهِ ، فَلَمّا كانَ فِي اليَومِ العاشِرِ مِنَ المُحَرَّمِ ـ وهُوَ اليَومُ الَّذي قُتِلَ فيهِ عليه السلام ـ أخرَجتُها في أوَّلِ النَّهارِ ، وهِيَ بِحالِها ، ثُمَّ عُدتُ إلَيها آخِرَ النَّهارِ ، فَإِذا هِيَ دَمٌ عَبيطٌ ، فَصِحتُ في بَيتي وبَكَيتُ ، وكَظَمتُ غَيظي ؛ مَخافَةَ أن يَسمَعَ أعداؤُهُم بِالمَدينَةِ ، فَيُسرِعوا بِالشَّماتَةِ ، فَلَم أزَل حافِظَةً