297
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

العقل ، ففي يوم عاشوراء فاز الإمام عليه السلام بدرجة الشهادة الرفيعة ، ومكث عمر بن سعد يوماً لدفن قتلاه ، وانطلق في اليوم الحادي عشر ، وتبلغ المسافة بين كربلاء المقدّسة والكوفة إذا لوحظت بخطّ مستقيم ثمانية فراسخ تقريباً ، وقد أبقى اللعين عبيد اللّه أهل بيت العصمة بضعة أيّام في الكوفة كي يشتهر عمله ويدخل الرعب في قلوب قبائل العرب ، حتّى بلغه الخبر من يزيد، بإرسال الاُسارى إلى دمشق ، وأرسلهم عن طريق حرّان وزيرة وحلب، وهي مسافة بعيدة وتبلغ من الكوفة إلى دمشق بخطّ مستقيم حوالي ۱۷۵ فرسخا .
وبعد وصولهم إلى الشام أبقوهم فيها ستّة أشهر استناداً إلى إحدى الروايات ، حتّى سكن غضب يزيد اللعين وحصل له الاطمئنان ، وأذن للإمام السجّاد بالرجوع مع النساء والأطفال ، فكيف يمكن أن يحدث ذلك الإياب والذهاب في مدّة أربعين يوماً؟!
فالمراد هو أربعين السنة اللّاحقة قطعا ، والتي هي سنة اثنين وستّين للهجرة، وكلّ من نظر بتدبّر فسوف يصدّق كاتب الرسالة ، وأنّ جابر بن عبد اللّه تشرّف بالزيارة في الأربعين من عام ۶۲ . ويعود شرف جابر إلى أنّه أوّل كبار الصحابة المخلصين والمعزّين الذين شدّوا الرحال لزيارة سيد الشهداء، ونال هذه السعادة وكفاه فخراً ، وإنّ كاتب الرسالة منفرد في هذا القول، أقول ذلك وأخرج من عهدته، واللّه وليّ التوفيق . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّ الكاتب لم يقم دليلاً على إثبات رأيه، ومن البديهيّ أنّ القرائن المؤدّية إلى استبعاد وصول أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الاُولى لا تُثبِت أنّه كان في الأربعين الثانية .

د ـ عودة أهل البيت إلى كربلاء في غير الأربعين

يُعدّ الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني (م ۴۴۰ه . ق) المصدر الوحيد بين المصادر القديمة، والكتاب الوحيد الذي صرّح بأنّ أهل بيت سيّد الشهداء عادوا إلى كربلاء في

1.قمقام زخار (بالفارسية): ص ۵۸۶.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
296

عليّ بن الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر، وفي غيره أنّهم وصلوا كربلاء في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر، وكلاهما مستبعد ؛ لأنّ عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه كتب إلى يزيد يعرّفه ما جرى و يستأذنه في حملهم ، ولم يحملهم حتّى عاد الجواب إليه، وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوماً، أو أكثر منها؛ ولأنّه لمّا حملهم إلى الشام روي أنّهم أقاموا فيها شهراً في موضعٍ لا يقيهم من حرّ ولا برد، ومقتضى الحال أنّهم تأخّروا أكثر من أربعين يوماً من يوم قتل الحسين عليه السلام إلى أن وصلوا العراق، أو المدينة. فرجوعهم إلى كربلاء ممكن، إلّا أنّه لا يكون وصولهم إليها يوم العشرين من صفر... . ۱
ويتّضح من خلال التأمّل في هذا الكلام ، أن لا تعارض بين كلام السيّد ابن طاووس هنا وبين ما نقله في كتاب اللهوف ، من أنّ أهل البيت مرّوا بكربلاء خلال عودتهم من الشام ، وما استبعده هو وصول أهل البيت في الأربعين الاُولى إلى كربلاء، لا مجيئهم مطلقاً. وبناءً على ذلك ، فما قيل من أنّ السيّد ابن طاووس عدل في كتاب الإقبال عن كلامه في اللهوف ۲ ، ليس صحيحاً ، وسببه هو عدم التأمّل في كلامه .

ج ـ عودة أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الثانية

يرى البعض، استناداً إلى القرائن الدالّة على عدم إمكان عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في الأربعين الاُولى ، أنّ وصولهم ووصول جابر بن عبد اللّه الأنصاري إلى كربلاء كان في الأربعين الثانية وفي عام ۶۲ للهجرة، يقول صاحب كتاب قمقام زخّار في هذا المجال :
من الصعب تصديق مجيء أهل بيت سيّد الشهداء في يوم الأربعين من سنة ۶۱ للهجرة إلى كربلاء المقدّسة ، إذا لاحظنا المسافة والسفر المتعارف ، بل هو خلاف

1.الإقبال : ج ۳ ص ۱۰۰.

2.راجع : حماسه حسيني (بالفارسية) : ج ۱ ص ۳۰، منتهى الآمال (بالفارسية): ص ۴۸۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4289
صفحه از 414
پرینت  ارسال به