253
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

الحِرابَ ، وهَزَّ السُّيوفَ في وَجهِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، أشَدُّ العَرَبِ للّهِِ جُحودا ، وأنكَرُهُم لَهُ رَسولاً ، وأظهَرُهُم لَهُ عُدوانا ، وأعتاهُم عَلَى الرَّبِّ كُفرا وطُغياناً .
ألا إنَّها نَتيجَةُ خِلالِ الكُفرِ ، وضَبٌّ ۱ يُجَرجِرُ فِي الصَّدرِ لِقَتلى يَومِ بَدرٍ ، فَلا يَستَبطِي? في بُغضِنا أهلَ البَيتِ مَن كانَ نَظَرُهُ إلَينا شَنَفا وشَنَآنا وإحَنا وأظغانا ، يُظهِرُ كُفرَهُ بِرَسولِ اللّهِ ، ويُفصِحُ ذلِكَ بِلِسانِهِ ، وهُوَ يَقولُ فَرِحا بِقَتلِ وُلدِهِ وسَبيِ ذُرِّيَّتِهِ ، غَيرَ مُتَحَوِّبٍ ولا مُستَعظِمٍ ، يَهتِفُ بَأَشياخِهِ :

لَأَهَلّوا وَاستَهَلّوا فَرَحاولَقالوا يا يَزيدُ لا تَشَل
مُنتَحِيا عَلى ثَنايا أبي عَبدِ اللّهِ ، وكانَ مُقَبَّلَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، يَنكُتُها بِمِخصَرَتِهِ ، قَدِ التَمَعَ السُّرورُ بِوَجهِهِ .
لَعَمري لَقَد نَكَأتَ القُرحَةَ وَاستَأصَلتَ الشَّأفَةَ ، بِإِراقَتِكَ دَمَ سَيِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، وَابنِ يَعسوبِ العَرَبِ ، وشَمسِ آلِ عَبدِ المُطَّلِبِ ، وهَتَفتَ بِأَشياخِكَ ، وتَقَرَّبتَ بِدَمِهِ إلَى الكَفَرَةِ مِن أسلافِكَ ، ثُمَّ صَرَختَ بِنِدائِكَ ، ولَعَمري لَقَد نادَيتَهُم لَو شَهِدوكَ ! ووَشيكا تَشهَدُهُم ولَم يَشهَدوكَ ، ولَتَوَدُّ يَمينُكَ كَما زَعَمتَ شَلَّت بِكَ عَن مِرفَقِها وجُذَّت ، وأحبَبتَ اُمَّكَ لَم تَحمِلكَ ، وأباكَ لَم يَلِدكَ ، حينَ تَصيرُ إلى سَخَطِ اللّهِ ، ومُخاصِمُكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
اللّهُمَّ خُذ بِحَقِّنا ، وَانتَقِم مِن ظالِمِنا ، وأحلِل غَضَبَكَ عَلى مَن سَفَكَ دِماءَنا ونَقَضَ ذِمارَنا ، وقَتَلَ حُماتَنا ، وهَتَكَ عَنّا سُدولَنا .
وفَعَلتَ فَعلَتَكَ الَّتي فَعَلتَ ، وما فَرَيتَ إلّا جِلدَكَ ، وما جَزَزتَ إلّا لَحمَكَ ، وسَتَرِدُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِما تَحَمَّلتَ مِن دَمِ ذُرِّيَّتِهِ ، وَانتَهَكتَ مِن حُرمَتِهِ ، وسَفَكتَ مِن دِماءِ عِترَتِهِ ولُحمَتِهِ ، حَيثُ يَجمَعُ بِهِ شَملَهُم ، ويَلُمُّ بِهِ شَعَثَهُم ، ويَنتَقِمُ مِن ظالِمِهِم ،

1.الضَّبُّ : الغَضَبُ والحِقْدُ (النهاية : ج ۳ ص ۷۰ «ضبب») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
252

كَذلِكَ يَقولُ : «ثُمَّ كَانَ عَـقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤاْ السُّوأَى أَن كَذَّبُواْ بِايَاتِ اللَّهِ وَ كَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ » ۱ أظَنَنتَ يا يَزيدُ حينَ أخَذتَ عَلَينا أقطارَ الأَرضِ ، وضَيَّقتَ عَلَينا آفاقَ السَّماءِ ، فَأَصبَحنا لَكَ في إسارِ الذُّلِّ ، نُساقُ إلَيكَ سَوقا في قِطارٍ ، وأنتَ عَلَينا ذُو اقتِدارٍ ، أنَّ بِنا مِنَ اللّهِ هَوانا وعَلَيكَ مِنهُ كَرامَةً وَامتِناناً ، وأنَّ ذلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ ، وجَلالَةِ قَدرِكَ ، فَشَمَختَ بِأَنفِكَ ، ونَظَرتَ في عِطفِكَ ، تَضرِبُ أصدَرَيكَ ۲ فَرِحا وتَنفُضُ مِذرَوَيكَ ۳ مَرِحا ، حينَ رَأَيتَ الدُّنيا لَكَ مُستَوسِقَةً ، وَالاُمورَ لَدَيكَ مُتَّسِقَةً ، وحينَ صَفا لَكَ مُلكُنا ، وخَلَصَ لَكَ سُلطانُنا ؟!
فَمَهلاً مَهلاً لا تَطِش جَهلاً ! أنَسيتَ قَولَ اللّهِ عز و جل : «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ » . أمِنَ العَدلِ يَابنَ الطُّلَقاءِ ! تَخديرُكَ حَرائِرَكَ وإماءَكَ ، وسَوقُكَ بَناتِ رَسولِ اللّهِ سَبايا ؟ قَد هَتَكتَ سُتورَهُنَّ ، وأبدَيتَ وُجوهَهُنَّ ، يَحدو بِهِنَّ الأَعداءُ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ ، ويَستَشرِفُهُنَّ أهلُ المَناقِلِ ۴ ويَبرُزنَ لِأَهلِ المَناهِلِ ۵ ، ويَتَصَفَّحُ وُجوهَهُنَّ القَريبُ وَالبَعيدُ ، وَالغائِبُ وَالشَّهيدُ ، وَالشَّريفُ وَالوَضيعُ ، وَالدَّنِيُّ وَالرَّفيعُ ، لَيسَ مَعَهُنَّ مِن رِجالِهِنَّ وَلِيٌّ ، ولا مِن حُماتِهِنَّ حَميمٌ ، عُتُوّا مِنكَ عَلَى اللّهِ وجُحودا لِرَسولِ اللّهِ ، ودَفعا لِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ اللّهِ ، ولا غَروَ مِنكَ ولا عَجَبَ مِن فِعلِكَ ، وأنّى يُرتَجَى الخَيرُ مِمَّن لَفَظَ فوهُ أكبادَ الشُّهَداءِ ، ۶ ونَبَتَ لَحمُهُ بِدِماءِ السُّعَداءِ ، ونَصَبَ الحَربَ لِسَيِّدِ الأَنبِياءِ ، وجَمَعَ الأَحزابَ ، وشَهَرَ

1.الروم : ۱۰ .

2.أَصْدَرَيهِ : مَنكبَيهِ (النهاية : ج ۳ ص ۱۶ «صدر») .

3.في المصدر : «تَنقض» بالقاف ، وهو تصحيف . والمِذْروان : جانبا الأليتين ، جاء فلان ينفض مِذْرَوَيه : إذا جاء باغيا يتهدّد (النهاية : ج ۴ ص ۳۱۱ «مذر») .

4.الناقلة : ضدّ القاطنين (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۷۵۳ «نقل») .

5.المَنْهَلُ : المَشْرَبُ والشُرْبُ والمَوْضِعُ الذي فيه المشرَب (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۶۱ «نهل») .

6.إشارة لأفعال أبي سفيان وهند (أجداد يزيد) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5715
صفحه از 414
پرینت  ارسال به