فَجاءَ ابنُ قُطبَةَ إلى مَنزِلِهِ فَقالَت لَهُ امرَأَتُهُ : إنَّ غُلامَينِ لَجَآ إلَينا فَهَل لَكَ أن تُشرِفَ بِهِما فَتَبعَثَ بِهِما إلى أهلِهِما بِالمَدينَةِ ؟ قالَ : نَعَم أرِنيهِما .
فَلَمّا رَآهُما ذَبَحَهُما وجاءَ بِرُؤوسِهِما إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَلَم يُعطِهِ شَيئاً، فَقالَ عُبَيدُ اللّهِ: وَدِدتُ أنَّهُ كانَ جاءَني بِهِما حَيَّينِ فَمَنَنتُ بِهِما عَلى أبي جَعفَرٍ ـ يَعني عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ ـ .
وبَلَغَ ذلِكَ عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ فَقالَ : وَدِدتُ أنَّهُ كانَ جاءَنى بِهِما فَأَعطَيتُهُ ألفَي ألفٍ . ۱
۲۳۱۶.الأمالي للصدوق عَن حُمرانَ بنِ أعيَنَ عَن أبي مُحَمَّدٍ شَيخٍ لِأَهلِ الكوفَةِ :لَمّا قُتِلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيِّ عليهماالسلام اُسِرَ مِن مُعَسكَرِهِ غُلامانِ صَغيرانِ ، فَاُتِيَ بِهِما عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ ، فَدَعا سَجّانا لَهُ ، فَقالَ : خُذ هذَينِ الغُلامَينِ إلَيكَ ، فَمِن طَيِّبِ الطَّعامِ فَلا تُطعِمهُما، ومِنَ البارِدِ فَلا تَسقِهِما ، وضَيِّق عَلَيهِما سِجنَهُما، وكانَ الغُلامانِ يَصومانِ النَّهارَ، فَإِذا جَنَّهُمَا اللَّيلُ اُتِيا بِقُرصَينِ مِن شَعيرٍ وكَوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ .
فَلَمّا طالَ بِالغُلامَينِ المَكثُ حَتّى صارا فِي السَّنَةِ، قالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: يا أخي، قَد طالَ بِنا مَكثُنا، ويوشِكُ أن تفنى أعمارُنا وتبلى أبدانُنا ، فَإِذا جاءَ الشَّيخُ فَأَعلِمهُ مَكانَنا ، وتَقَرَّب إلَيهِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله لَعَلَّهُ يُوسِّعُ عَلَينا في طَعامِنا، ويَزيدُ في شَرابِنا.
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّيلُ أقبَلَ الشَّيخُ إلَيهِما بِقُرصَينِ مِن شَعيرٍ وكوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ، فَقالَ لَهُ الغُلامُ الصَّغيرُ : يا شَيخُ ، أتَعرِفُ مُحَمَّدا ؟
قالَ : فَكَيفَ لا أعرِفُ مُحَمَّدا وهُوَ نَبِيّي!
قالَ : أفَتَعرِفُ جَعفَرَ بنَ أبي طالِبٍ ؟