179
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

قالَ : وكَيفَ لا أعرِفُ جَعفَرا ، وقَد أنبَتَ اللّهُ لَهُ جَناحَينِ يَطيرُ بِهِما مَعَ المَلائِكَةِ كَيفَ يَشاءُ!
قالَ: أفَتَعرِفُ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ ؟
قالَ: وكَيفَ لا أعرِفُ عَلِيّا ، وهُوَ ابنُ عَمِّ نَبِيّي وأخو نَبِيّي! قالَ لَهُ : يا شَيخُ ، فَنَحنُ مِن عِترَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، ونَحنُ مِن وُلدِ مُسلِمِ بنِ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ، بِيَدِكَ اُسارى ، نَسأَلُكَ مِن طَيِّبِ الطَّعامِ فَلا تُطعِمُنا، ومِن بارِدِ الشَّرابِ فَلا تَسقينا، وقَد ضَيَّقتَ عَلَينا سِجنَنا .
فَانكَبَّ الشَّيخُ عَلى أقدامِهِما يُقَبِّلُهُما ويَقولُ: نَفسي لِنَفسِكُمَا الفِداءُ، ووَجهي لِوَجهِكُمَا الوِقاءُ، يا عِترَةَ نَبِيِّ اللّهِ المُصطَفى، هذا بابُ الِّسجنِ بَينَ يَدَيكُما مَفتوحٌ، فَخُذا أيَّ طَريقٍ شِئتُما .
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّيلُ أتاهُما بِقُرصَينِ مِن شَعيرٍ وكوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ ووَقَّفَهُما عَلَى الطَّريقِ، وقالَ لَهُما: سيرا ـ يا حَبيبَيَّ ـ اللَّيلَ ، وَاكمُنَا النَّهارَ حَتّى يَجعَلَ اللّهُ عز و جللَكُما مِن أمرِكُما فَرَجا ومَخرَجا . فَفَعَلَ الغُلامانِ ذلِكَ.
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّيلُ، انتَهَيا إلى عَجوزٍ عَلى بابٍ، فَقالا لَها: يا عَجوزُ، إنّا غُلامانِ صَغيرانِ غَريبانِ حَدَثانِ غَيرُ خَبيرَينِ بِالطَّريقِ، وهذَا اللَّيلُ قَد جَنَّنا، أضيفينا سَوادَ لَيلَتِنا هذِهِ، فَإِذا أصبَحنا لَزِمنَا الطَّريقَ. فَقالَت لَهُما: فَمَن أنتُما يا حَبيبَيَّ ؟ فَقَد شَمَمتُ الرَّوائِحَ كُلَّها ، فَما شَمَمتُ رائِحَةً أطيَبَ مِن رائِحَتِكُما، فَقالا لَها: يا عَجوزُ، نَحنُ مِن عِترَةِ نَبِيِّكِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، هَرَبنا مِن سِجنِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ مِنَ القَتلِ.
قالَتِ العَجوزُ : يا حَبيبَيَّ ! إنَّ لي خَتُنا فاسِقا ، قَد شَهِدَ الواقِعَةَ مَعَ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، أتَخَوَّفُ أن يُصيبَكُما هاهُنا فَيَقتُلَكُما . قالا: سَوادَ لَيلَتِنا هذِهِ، فَإِذا أصبَحنا لَزِمنا الطَّريقَ. فَقالَت: سَآتيكُما بِطَعامٍ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
178

فَجاءَ ابنُ قُطبَةَ إلى مَنزِلِهِ فَقالَت لَهُ امرَأَتُهُ : إنَّ غُلامَينِ لَجَآ إلَينا فَهَل لَكَ أن تُشرِفَ بِهِما فَتَبعَثَ بِهِما إلى أهلِهِما بِالمَدينَةِ ؟ قالَ : نَعَم أرِنيهِما .
فَلَمّا رَآهُما ذَبَحَهُما وجاءَ بِرُؤوسِهِما إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَلَم يُعطِهِ شَيئاً، فَقالَ عُبَيدُ اللّهِ: وَدِدتُ أنَّهُ كانَ جاءَني بِهِما حَيَّينِ فَمَنَنتُ بِهِما عَلى أبي جَعفَرٍ ـ يَعني عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ ـ .
وبَلَغَ ذلِكَ عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ فَقالَ : وَدِدتُ أنَّهُ كانَ جاءَنى بِهِما فَأَعطَيتُهُ ألفَي ألفٍ . ۱

۲۳۱۶.الأمالي للصدوق عَن حُمرانَ بنِ أعيَنَ عَن أبي مُحَمَّدٍ شَيخٍ لِأَهلِ الكوفَةِ :لَمّا قُتِلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيِّ عليهماالسلام اُسِرَ مِن مُعَسكَرِهِ غُلامانِ صَغيرانِ ، فَاُتِيَ بِهِما عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ ، فَدَعا سَجّانا لَهُ ، فَقالَ : خُذ هذَينِ الغُلامَينِ إلَيكَ ، فَمِن طَيِّبِ الطَّعامِ فَلا تُطعِمهُما، ومِنَ البارِدِ فَلا تَسقِهِما ، وضَيِّق عَلَيهِما سِجنَهُما، وكانَ الغُلامانِ يَصومانِ النَّهارَ، فَإِذا جَنَّهُمَا اللَّيلُ اُتِيا بِقُرصَينِ مِن شَعيرٍ وكَوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ .
فَلَمّا طالَ بِالغُلامَينِ المَكثُ حَتّى صارا فِي السَّنَةِ، قالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: يا أخي، قَد طالَ بِنا مَكثُنا، ويوشِكُ أن تفنى أعمارُنا وتبلى أبدانُنا ، فَإِذا جاءَ الشَّيخُ فَأَعلِمهُ مَكانَنا ، وتَقَرَّب إلَيهِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله لَعَلَّهُ يُوسِّعُ عَلَينا في طَعامِنا، ويَزيدُ في شَرابِنا.
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّيلُ أقبَلَ الشَّيخُ إلَيهِما بِقُرصَينِ مِن شَعيرٍ وكوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ، فَقالَ لَهُ الغُلامُ الصَّغيرُ : يا شَيخُ ، أتَعرِفُ مُحَمَّدا ؟
قالَ : فَكَيفَ لا أعرِفُ مُحَمَّدا وهُوَ نَبِيّي!
قالَ : أفَتَعرِفُ جَعفَرَ بنَ أبي طالِبٍ ؟

1.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): ج ۱ ص ۴۷۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5798
صفحه از 414
پرینت  ارسال به