175
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
174

ونَزَلَ ابنُ زِيادٍ عَنِ المِنبَرِ ودَخَلَ القَصرَ ، ودَخَلَ عَلَيهِ أشرافُ النّاسِ ، فَقالَ : أرَأَيتُم ما صَنَعَ هؤُلاءِ القَومُ ؟ فَقالوا : قَد رَأَينا أصلَحَ اللّهُ الأَميرَ ، إنَّمَا الأَزدُ فَعَلَت ذلِكَ فَشُدَّ يَدَيكَ بِساداتِهِم ، فَهُمُ الَّذينَ استَنقَذوهُ مِن يَدِكَ حَتّى صارَ إلى مَنزِلِهِ .
قالَ : فَأَرسَلَ ابنُ زِيادٍ إلى عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مِخنَفٍ الأَزدِيِّ ، فَأَخَذَهُ وأخَذَ مَعَهُ جَماعَةً مِنَ الأَزدِ فَحَبَسَهُم ، وقالَ : وَاللّهِ لا خَرَجتُم مِن يَدي أو تَأتُوني بِعَبدِ اللّهِ بنِ عَفيفٍ .
قالَ : ثُمَّ دَعَا ابنُ زِيادٍ لِعَمرِو بنِ الحَجّاجِ الزُّبَيدِيِّ ومُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وشَبَثِ بنِ الرِّبعِيِّ وجَماعَةٍ مِن أصحابِهِ ، وقالَ لَهُم : اِذهَبوا إلى هذَا الأَعمى ، أعمَى الأَزدِ الَّذي قَد أعمَى اللّهُ قَلبَهُ كَما أعمى عَينَيهِ ، ائتوني بِهِ .
قالَ : فَانطَلَقَت رُسُلُ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ إلى عَبدِ اللّهِ بنِ عَفيفٍ ، وبَلَغَ ذلِكَ الأَزدَ فَاجتَمَعوا ، وَاجتَمَعَ مَعَهُم أيضاً قَبائِلُ اليَمَنِ لِيَمنَعوا عَن صاحِبِهِم عَبدِ اللّهِ بنِ عَفيفٍ . وبَلَغَ ذلِكَ ابنَ زِيادٍ ، فَجَمَعَ قَبائِلَ مُضَرَ وضَمَّهُم إلى مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وأمَرَهُ بِقِتالِ القَومِ .
قالَ : فَأَقبَلَت قَبائِلُ مُضَرَ نَحوَ اليَمَنِ ودَنَت مِنهُمُ اليَمَنُ ، فَاقتَتَلوا قِتالاً شَديدا ، فَبَلَغَ ذلِكَ ابنَ زِيادٍ ، فَأَرسَلَ إلى أصحابِهِ يُؤَنِّبُهُم ، فَأَرسَلَ إلَيهِ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ يُخبِرُهُ بِاجتِماعِ اليَمَنِ عَلَيهِم . قالَ : وبَعَثَ إلَيهِ شَبَثُ بنُ الرِّبعِيِّ : أيُّهَا الأَميرُ ، إنَّكَ قَد بَعَثتَنا إلى اُسودِ الآجامِ فَلا تَعجَل ، قالَ : وَاشتَدَّ قِتالُ القَومِ حَتّى قُتِلَ جَماعَةٌ مِنهُم مِنَ العَرَبِ .
قالَ : ودَخَلَ أصحابُ ابنِ زِيادٍ إلى دارِ ابنِ عَفيفٍ ، فَكَسَرُوا البابَ وَاقتَحَموا عَلَيهِ ، فَصاحَت بِهِ ابنَتُهُ : يا أبَتِ! أتاكَ القَومُ مِن حَيثُ لا تَحتَسِبُ ، فَقالَ : لا عَلَيكِ يَا ابنَتي ، ناوِلينِي السَّيفَ : قالَ : فَناوَلَتهُ فَأَخَذَهُ وجَعَلَ يَذُبُّ عَن نَفسِهِ ، وهُوَ يَقولُ :
أنَا ابنُ ذِي الفَضلِ العَفيفِ الطّاهِرِعَفيفٌ شَيخي وَابنُ اُمِّ عامِرِ
كَم دارِعٍ مِن جَمعِهِم وحاسِرِوبَطَلٍ جَندَلتُهُ مُغادِرِ
قالَ : وجَعَلَتِ ابنَتُهُ تَقولُ : يا لَيتَني كُنتُ رَجُلاً فَاُقاتِلَ بَينَ يَدَيكَ اليَومَ هؤُلاءِ الفَجَرَةَ ، قاتِلِي العِترَةِ البَرَرَةِ . قالَ وجَعَلَ القَومُ يَدورونَ عَلَيهِ مِن خَلفِهِ وعَن يَمينِهِ وعَن شِمالِهِ ، وهُوَ يَذُبُّ عَن نَفسِهِ بِسَيفِهِ ، ولَيسَ يَقدِرُ أحَدٌ أن يَتَقَدَّمَ إلَيهِ .
قالَ : وتَكاثَروا عَلَيهِ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ حَتّى أخَذوهُ . فَقالَ جُندَبُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأَزدِيُّ : إنّا للّهِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، أخَذوا وَاللّهِ عَبدَ اللّهِ بنَ عَفيفٍ ، فَقَبُحَ وَاللّهِ العَيشُ مِن بَعدِهِ .
قالَ : ثُمَّ اُتِيَ بِهِ حَتّى اُدخِلَ عَلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَلَمّا رَآهُ قالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي أخزاكَ ، فَقالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفيفٍ : يا عَدُوَّ اللّهِ بِهذا أخزاني ، وَاللّهِ لَو فَرَّجَ اللّهُ عَن بَصَري لَضاقَ عَلَيكَ مَورِدي ومَصدَري .
قالَ : فَقالَ ابنُ زِيادٍ : يا عَدُوَّ نَفسِهِ ، ما تَقولُ في عُثمانَ بنِ عَفّانَ ؟ فَقالَ : يَابنَ عَبدِ بَني عِلاجٍ ، يَابنَ مَرجانَةَ وسُمَيِّةَ ، ما أنتَ وعُثمانُ بنُ عَفّانَ ؟ عُثمانُ أساءَ أم أحسَنَ ، وأصلَحَ أم أفسَدَ ، وَاللّهُ تَبارَكَ وتَعالى وَلِيُّ خَلقِهِ ، يَقضي بَينَ خَلقِهِ وبَينَ عُثمانَ بنِ عَفّانَ بِالعَدلِ وَالحَقِّ ، ولكِن سَلني عَن أبيكَ ، وعَن يَزيدَ وأبيهِ .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : وَاللّهِ لا سَأَلتُكَ عَن شَيءٍ أو تَذوقَ المَوتَ .
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفيفٍ : الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، أما إنّي كُنتُ أسأَلُ رَبّي عز و جل أن يَرزُقَنِي الشَّهادَةَ ، وَالآنَ فَالحَمدُ للّهِِ الَّذي رَزَقَني إيّاها بَعدَ الإِياسِ مِنها ، وعَرَّفَني الإِجابَةَ مِنهُ لي في قَديمِ دُعائي .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : اِضرِبوا عُنُقَهُ ، فَضُرِبَت رَقَبَتُهُ وصُلِبَ ، رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ . ۱

1.الفتوح : ج ۵ ص ۱۲۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۵۲ ؛ الملهوف : ص ۲۰۳ ، مثير الأحزان : ص ۹۲ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۱۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5588
صفحه از 414
پرینت  ارسال به