147
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

قالَ حِذيَمٌ : فَرَأَيتُ النّاسَ حَيارى قَد رَدّوا أيدِيَهُم في أفواهِهِم ، فَالتَفَتُّ إلى شَيخٍ إلى جانِبي يَبكي وقَدِ اخضَلَّتِ لِحيَتُهُ بِالبُكاءِ ، ويَدُهُ مَرفوعَةٌ إلَى السَّماءِ ، وهُوَ يَقولُ : بِأَبي واُمّي كُهولُكُم خَيرُ الكُهولِ ، ونِساؤُكُم خَيرُ النِّساءِ ، وشَبابُكُم خَيرُ الشَّبابِ ، ونَسلُكُم نَسلٌ كَريمٌ ، وفَضلُكُم فَضلٌ عَظيمٌ ، ثُمَّ أنشَدَ :

كُهولُكُم خَيرُ الكُهولِ ونَسلُكُمإذا عُدَّ نَسلٌ لايَبورُ ولا يَخزى
فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : يا عَمَّةُ ! اُسكُتي فَفِي الباقي عَنِ الماضِي اعتِبارٌ ، وأنتِ بِحَمدِ اللّهِ عالِمَةٌ غَيرُ مُعَلَّمَةٍ ، فَهِمَةٌ غَيرُ مُفَهَّمَةٍ ، إنَّ البُكاءَ وَالحَنينَ لا يَرُدّانِ مَن قَد أبادَهُ الدَّهرُ . فَسَكَتَت ، ثُمَّ نَزَلَ عليه السلام وضَرَبَ فُسطاطَهُ ، وأنزَلَ نِساءَهُ ودَخَلَ الفُسطاطَ . ۱

۲۲۷۸.بلاغات النساء عن جعفر بن محمد [الصادق] عن آبائه عليهم السلام :لَمّا اُدخِلَ بِالنِّسوَةِ مِن كَربَلاءَ إلَى الكوفَةِ ، كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام ضَئيلاً قَد نَهَكَتهُ العِلَّةُ ، ورَأَيتُ نِساءَ أهلِ الكوفَةِ مُشَقَّقاتِ الجُيوبِ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَرَفَعَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام رَأسَهُ فَقالَ : ألا إنَّ هؤُلاءِ يَبكينَ ، فَمَن قَتَلَنا ؟
ورَأَيتُ اُمَّ كُلثومٍ عليهاالسلام ولَم أرَ خَفِرَةً وَاللّهِ أنطَقَ مِنها ، كَأَنَّما تَنطِقُ وتُفرِغُ عَلى لِسانِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقَد أومَأَت إلَى النّاسِ أنِ اسكُتوا . فَلَمّا سَكَنَتِ الأَنفاسُ ، وهَدَأَتِ الأَجراسُ ، قالَت :
أبدَأُ بِحَمدِ اللّهِ وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نَبِيِّهِ ، أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، يا أهلَ الخَترِ ۲ وَالخَذلِ ، ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ ، ولا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ ، إنَّما مثَلُكُم كَمَثَلِ «الَّتي

1.الاحتجاج : ج ۲ ص ۱۰۹ ح ۱۷۰ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۱۵ نحوه وليس فيه ذيله من «ثمّ ولّت عنهم» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۶۴ .

2.الخَتْرُ : الغَدْرُ (الصحاح : ج ۲ ص ۶۴۲ «ختر») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
146

ونُكسا نُكسا ! لَقَد خابَ السَّعيُ ، وتَبَّتِ الأَيدي ، وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ ، وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ ، وضُرِبَت عَلَيكُم الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ .
أتَدرونَ وَيلَكُم أيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله فَرَثتُم ۱ ؟ ! وأيَّ عَهدٍ نَكَثتُم ؟ ! وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أبرَزتُم ؟ ! وأيَّ حُرمَةٍ لَهُ هَتَكتُم ؟ ! وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ ! «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَـوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا» . ۲ !
لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ صَلعاءَ ۳ ، عَنقاءَ ۴ ، سَوداءَ ، فَقماءَ ۵ ، خَرقاءَ ، طِلاعَ الأَرضِ وَالسَّماءِ . أفَعَجِبتُم أن تَمطُرَ السَّماءُ دَما ، «وَ لَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَخْزَى وَ هُمْ لَا يُنصَرُونَ» ۶ فَلا يَستَخِفَّنَّكُمُ المَهَلُ ، فَإِنَّهُ عَزَّ وجَلَّ لا يُخفِرُهُ البِدارُ ولا يُخشى عَلَيهِ فَوتُ الثّارِ ، كَلّا إنَّ رَبَّكَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ .
ثُمَّ أنشَأَت تَقولُ عليهاالسلام :

ماذا تَقولونَ إذ قالَ النَّبِيُّ لَكُمماذا صَنَعتُم وأنتُم آخِرُ الاُمَمِ
بِأَهلِ بَيتي وأولادي وتَكرِمَتيمِنهُم اُسارى ومِنهُم ضُرِّجوا بِدَمِ
ماكانَ ذاكَ جَزائي إذ نَصَحتُ لَكُمأن تَخلُفوني بِسوءٍ في ذَوي رَحِمي
إنِّي لَأَخشى عَلَيكُم أن يَحِلَّ بِكُممِثلُ العَذابِ الَّذي أودى عَلى إرَمِ
ثُمَّ وَلَّت عَنهُم .

1.الفرث : تفتيت الكبد بالغمّ والأذى (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۷۶ «فرث») .

2.مريم : ۸۹ ـ ۹۰ .

3.الصلعاء عند العرب: كلّ خطّة مشهورة (تاج العروس : ج ۱۱ ص ۲۷۸ «صلع») .

4.العنقاء : الداهية (العين : ص ۵۸۴ «عنق») .

5.الفقماء : المائلة الحنك ، وقيل : تقدّم الثنايا حتّى لا تقع عليها العليا (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۴۵۷ «فقم») .

6.فصّلت : ۱۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5710
صفحه از 414
پرینت  ارسال به