445
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

أحاط رجال قبيلة مذحج بقصر الإمارة لإطلاق سراح هاني بن عروة ، وأحسّ ابن زياد بالخطر ، أمر شريحا القاضي بأن يخرج ويرى هانيا ، وأن يخبر الناس بأنّه حيّ!
وقدم شريح إلى معتقل هاني ، وعندما رأى هاني شريحاً صرخ قائلاً والدماء تجري على لحيته :
يا لَلّهِ ، يا لَلمُسلِمينَ ! أهَلَكَت عَشيرَتي ؟! فَأَينَ أهلُ الدّينِ ؟ وأينَ أهلُ المِصرِ ؟
وعندما سمع ضجّة أفراد قبيلته الذين كانوا قد تجمعوا خارج دار الإمارة لإطلاق سراحه ، قال : لو أنّ عشرة رجال دخلوا عليّ لأنقذوني .
وأمّا شريح القاضي ، فقد جاء نحو الأهالي الذين حاصروا جوانب القصر دون أن يعير أهمّية إلى ما رآه وسمعه ، وخاطبهم قائلاً :
إنَّ الأَميرَ لَمّا بَلَغَهُ مَكانُكُم ومَقالَتُكُم في صاحِبِكُم ، أمَرَني بِالدُّخولِ إلَيهِ ، فَأَتَيتُهُ فَنَظَرتُ إلَيهِ ، فَأَمَرني أن ألقاكُم وأن اُعلِمَكُم أنَّهُ حَيٌّ ، وأنَّ الَّذي بَلَغَكُم مِن قَتلِهِ كانَ باطِلاً . ۱
فقال عمرو بن الحجّاج الذي كان يتولّى قيادة الرجال المحاصرين للقصر عند سماعه كلام شريح :
حمداً للّه ؛ لأنّه لم يقتل . ثمّ أخلوا أطراف القصر ورحلوا!
وممّا يجدر ذكره أنّ عمرو بن الحجّاج كان شقيق «روعة» زوجة هاني ، وكان من الأنصار المتحمّسين لابن زياد ، وقد أنقذ بهذه الحيلة ابن زياد من قبضة قبيلة مذحج!
وعلى أيّ حال ، فقد قضى ابن زياد على ثورة الكوفة في مهدها من خلال استخدام سياسة الترغيب والترهيب ، فقتل مسلماً عليه السلام ، وقلبَ جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي بحيث بعث من أهل الكوفة جيشاً ضخماً إلى كربلاء وتسبّب في مأساة كربلاء الدموية والفريدة من نوعها! ۲

1.راجع : ص ۱۲۱ ح ۱۱۳۸ .

2.جدير بالذكر أنّنا استفدنا من مقال «مردم شناسى كوفه» (معرفة أهل الكوفة) للسيّد نعمة اللّه صفري فروشاني المطبوع في مجلّة «مشكاة» العدد ۵۳ شتاء عام ۱۳۷۵ ه . ش .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
444

وحَبَسَ سائِرَ وُجوهِ النّاسِ عِندَهُ استيحاشا إلَيهِم ؛ لِقِلَّةِ عَدَدِ مَن مَعَهُ مِنَ النّاسِ . ۱
وكان من جملة الذين اعتقلهم ابن زياد المختار بن أبي عبيدة الثقفي، والذي بقي في السجن حتّى شهادة الإمام الحسين عليه السلام . ۲
وممّا يجدر ذكره أنّ اعتقال عنصر مؤثّر مثل المختار إلى جانب انسحاب سليمان بن صرد ، كانا وحدهما كافيين لأن يسبّبا مشكلة أكيدة للثورة ، بل وأن يوقعاها في الفشل .

۶ . العنف والقتل

كانت سياسة العنف والقتل من الأدوات الاُخرى التي استخدمها ابن زياد لقمع ثورة الكوفة ، وقد روي في هذا المجال :
لَمّا دَخَلَ [ابنُ زِيادٍ] قَصرَ الإِمارَةِ وأصبَحَ ، جَمَعَ النّاسَ وقالَ وأرعَدَ وأبرَقَ ، وقَتَلَ وفَتَكَ ، وسَفَكَ وَانتَهَكَ . ۳
ونقرأ في رواية اُخرى :
. . .ومَسَكَ جَماعَةً مِن أهلِ الكوفَةِ فَقَتَلَهُم فِي السّاعَةِ . ۴
وقد كان هاني بن عروة أحد زعماء أنصار الإمام عليه السلام ، وقد اعتقله ابن زياد وقتله بعد ممارسة أشدّ أنواع التعذيب بحقّه . ۵

۷ . استغلال الشخصيّات الدينية والاجتماعية ذات التأثير الكبير

إلى جانب العوامل الاُخرى لقمع أهل الكوفة ، فقد كان استغلال ابن زياد للشخصيّات الدينية التي تثق بها الأهالي ـ مثل شريح القاضي ـ من أخطر سياسات ابن زياد ، فعندما

1.راجع : ص ۱۳۴ ح ۱۱۶۳ .

2.راجع : ص ۲۲۱ (الفصل الخامس / اعتقال المختار) .

3.راجع : ص ۹۱ ح ۱۰۹۹ .

4.راجع : ص ۹۱ ح ۱۱۰۰ .

5.راجع : ص ۱۱۷ (الفصل الرابع / اعتقال هاني وما جرى فيه) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8306
صفحه از 458
پرینت  ارسال به