433
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

قلوبهم ، وبالطبع فإنّنا لا يمكن أن نتوقّع سلوكاً آخر من الأشخاص والقبائل الذين اعتنقوا الإسلام بعد أن رأوا قدرته وسطوته فخرجوا للحرب من أجل دنياهم .
وربّما كان اشتهار أهل الكوفة بالغدر والخديعة وعدم الوفاء بحيث أدّى إلى ظهور أمثالٍ ذائعةٍ، نظير : «أغدر من كوفيّ» ۱ ، أو «الكوفي لا يوفي» ۲ ناجماً عن هذه الخصوصية المتمثّلة في اتّباعهم لأحاسيسهم وعواطفهم .

رابعاً : العنف

كانت الطبيعة العسكريّة للمدينة وتأسيسها بهدف القتال قد أوجدت نفسيّةً خاصّة لهم تتمثّل في العنف ، فقد كانوا يتعاملون بعنف مع كلّ ظاهرة ، مغترّين بقوّتهم العسكريّة وفتوحهم ؛ ليستعيدوا بذلك هويّتهم ويحقّقوا مصالحهم .

خامساً : النزعة القبليّة

كانت النزعة القبلية السائدة في العراق وجزيرة العرب ، متجسّدة في الكوفة أيضاً ، وعلى هذا فقد كان أفراد القبيلة مرتبطين بشيوخ قبائلهم أكثر من ارتباطهم بالحكّام . وقد كان السياسيّون ـ مثل معاوية وابن زياد ـ يستغلّون قوّة هذه القبائل من خلال تطميع رؤسائها ، خلافاً لأئمّة الشيعة عليهم السلام .

1.الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي : ص ۴۵ .

2.آثار البلاد (بالفارسية) لزكريا القزويني : ص ۳۰۷ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
432

عدد الذين شاركوا فيها من غير أهل الكوفة قليلاً للغاية .
ويمكن أن نبرّر كثرة مبايعي مسلم استناداً إلى هذا المبدأ أيضاً ، رغم أنّ الأشخاص المخلصين بينهم لم يكونوا يشكّلون سوى أقلّية .
فكان أهل الكوفة آنذاك يرون من جهةٍ أنّ حكومة الشام المركزيّة ابتُليت بالضعف بسبب موت معاوية ونزق يزيد ، ولم يكونوا يرون من جهة اُخرى أنّ «النعمان بن بشير» قادرٌ على مواجهة ثورة عارمة ، ولذلك فإنّ أهل الكوفة سرعان ما رحّبوا بتجمّع عدد من الشيعة المخلصين بقيادة «سليمان بن صرد الخزاعي» وعرض دعوة الإمام الحسين عليه السلام ، وإقامة الحكومة في الكوفة من قبلهم ؛ لأنّهم كانوا يرون أنّ الانتصار وإقامة الحكومة محتملان إلى حدٍّ كبير .
ولم يفقدوا الأمل بالانتصار حتّى بعد وصول عبيد اللّه إلى الكوفة ، ولذلك فقد شارك عددٌ كبير منهم مع مسلم في محاصرة قصر عبيد اللّه ، ولكنّهم سرعان ما خذلوا الثورة عندما شعروا بالخطر ، وسلّموا مسلماً وهانياً بيد عبيد اللّه !
وقد اشتدّ هذا الاحساس بالخطر عندما انتشرت بين الناس شائعة تحرّك جيش الشام من قبل أنصار عبيد اللّه ، حيث يمكن اعتبار سبب الخوف من جيش الشام تعلّق أهل الكوفة بالدنيا ۱ .

ثالثاً : اتّباع العواطف

من خلال دراسة المراحل المختلفة من حياة الكوفة ، يمكننا أن نلاحظ هذه الخصوصيّة بوضوحٍ فيها . ويمكن اعتبار السبب الرئيس لهذه الخصوصية هو عدم ترسّخ الإيمان في

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۹- ۳۷۱ وراجع : هذه الموسوعة : ص ۱۱۷ (الفصل الرابع / اعتقال هانئ وما جرى عليه) وص ۱۳۰ (محاصرة مسلم و أصحابه قصر ابن زياد) وص ۱۳۹ (تفرّق الناس عن ابن عقيل) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4418
صفحه از 458
پرینت  ارسال به