431
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

ثانياً : حبّ الدنيا

رغم أنّ الكثير من مسلمي صدر الإسلام شاركوا في الفتوح الإسلامية بنوايا خالصة ومن أجل كسب مرضاة الخالق ، ولكنّ الأشخاص والقبائل الذين كانوا يشاركون في هذه الحروب بهدف الحصول على الغنائم الحربية لم يكونوا بالقليلين ، فلم يكونوا مستعدّين للتخلّي عن دنياهم بعد إقامتهم في الكوفة ، وكانوا يتراجعون بمجرّد أن يشعروا بأنّ الخطر يهدّد دنياهم ، وعلى العكس من ذلك ، فإنّهم كانوا يدخلون فوراً في كلّ أمر يدرّ عليهم الفوائد .
والشاهد الصادق على ذلك مشاركة أهل الكوفة في معركتي الجمل وصفّين ، ففي معركة الجمل حينما سار الإمام عليّ عليه السلام من المدينة باتّجاه العراق عام ۳۶ للهجرة لمواجهة المتمرّدين المتواجدين في البصرة ، طلب المساعدة من الكوفيّين ، ولكنّ الكوفيّين الذين كانوا يرون أنّ حكومة عليّ عليه السلام مازالت فتيّة ، وكانوا يشعرون بالقلق إزاء مصير الحرب ، خاصّة وأنّ جيش البصرة كان يتفوّق عدداً ، سعوا لأن يتملّصوا من هذه الدعوة ، وبعد الإعلام والتشجيع الواسع النطاق لم يشارك أخيراً في هذه الحرب سوى اثني عشر ألفاً ، أي حوالي ۱۰% من القادرين على القتال في الكوفة ۱
، وبعد نهاية الحرب ، كان من جملة اعتراضات نخبهم وخواصّهم ، عدم تقسيم الغنائم من قبل عليّ عليه السلام . ۲
وأمّا في معركة صفّين فقد أظهر أهل الكوفة رغبة أكبر في المشاركة ، بعد أن رأوا حكومة علي عليه السلام قد التأم شملها ، وبعد أن كان يحدوهم أمل كبير في الانتصار ، بحيث ذكرت المصادر أنّ عدد جنوده عليه السلام في هذه المعركة بلغ ما بين ۶۵ إلى ۱۲۰ ألف مقاتل ۳ . وكان

1.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۵۰۰ .

2.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۵۴۱ .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۸۰ ، مروج الذهب : ج ۲ ص ۳۸۴ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
430

۶

التحليل النفسي لأهل الكوفة

يمكن بشكلٍ عامّ أن نذكر الخصائص النفسية لغالبية المجتمع الكوفي ، والتي كان لها دورٌ في الفشل الظاهري لثورة الإمام الحسين عليه السلام ، كالتالي :

أوّلاً : عدم تقبُّلهم للنظام

كانت القبائل البدويّة الساكنة في الصحراء تشكّل النواة الرئيسة لمدينة الكوفة ، وقد شاركت لأسباب مختلفة في الفتوح الإسلامية ، ثمّ اتّجهت من حياة البداوة والترحال إلى السكن في المدن ، ولكنّهم مع ذلك لم يفقدوا طبيعتهم البدويّة .
ومن صفات الساكنين في الصحراء ، تمتّعهم بحرّية لا حدّ لها في الصحاري ؛ ولذلك فقد عمدوا منذ البدء إلى التنازع مع اُمرائهم ، بحيث ضاق الخليفة الثاني ذرعاً بهم وشكى منهم قائلاً :
وأيّ نائبٍ أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير . ۱
ويمكن القول : إنّ مثل هذا المجتمع لا يحتمل الأمير العادل والمتحرّر الفكر ، فهذا المجتمع يستغلّ مثل هؤلاء الاُمراء ويهبّ لمعارضتهم ولا يطيع أوامرهم ، ونحن نشاهد نماذج هذه الإمارات في سلوك أهل الكوفة مع الإمام عليّ عليه السلام . والأمير الذي يليق لهذا المجتمع هو أميرٌ مثل «زياد بن أبيه» يجبرهم على الطاعة بالعنف والظلم . ۲

1.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۱۶۵ .

2.جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة : ج ۱ ص ۴۲۰ وما بعدها (كلمات الإمام علي عليه السلام في ذمّ أهل الكوفة) وراجع : مجلّة مشكاة : العدد ۵۳ ص ۲۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4401
صفحه از 458
پرینت  ارسال به