429
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

مصالحهم ، ولذلك فقد بايعوا مُسلِماً في ظلّ الأجواء التي أحسّوا فيها بغلبة الإمام الحسين عليه السلام ، ولكنّهم انضمّوا إلى صفّ شيعة بني اُمية عندما أدركوا أنّ تعاونَهم مع الإمام عليه السلام يشكّل خطراً عليهم ، كما قال الإمام عليه السلام في يوم عاشوراء مخاطباً إيّاهم :
وَيحَكُم يا شيعَةَ آلِ أبي سُفيانَ ! إن لَم يَكُن لَكُم دينٌ وكُنتُم لا تَخافونَ المَعادَ فَكونوا أحراراً في دُنياكُم . ۱
وبناءً على ذلك ، فإنّ مسؤولية عدم دعم ثورة الإمام الحسين عليه السلام تقع على عاتق هؤلاء الشيعة المتّبعين لمصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وعلى عاتق الأشخاص الذين استغلّوا اسم الشيعة ، لا على عاتق الشيعة العقائديّين والحقيقيّين .
وهكذا فقد وقف أهل الكوفة تجاه الإمام الحسين عليه السلام نفس الموقف الذي كانوا قد وقفوه مع أبيه الإمام عليّ عليه السلام ، فقد جاء في إحدى الروايات أنّ الإمام عليّاً عليه السلام عندما كان يمرّ بكربلاء مع ابنه الحسين عليه السلام ، خاطبه قائلاً وقد اغرورَقت عيناه بالدموع :
صَبراً يا بُنَيَّ! فَقَد لَقِيَ أبوكَ مِنهُم مِثلَ الَّذي تَلقى بَعدَهُ . ۲

1.راجع : ج۴ ص۴۰۲ ح۱۹۴۸ .

2.راجع : ج۲ ص۳۱۰ ح ۸۸۸ وص۳۱۱ ح ۸۹۰ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
428

وروي عن الإمام الباقر عليه السلام تقسيم آخر للشيعة وهو قوله :
الشيعَةُ ثَلاثَةُ أصنافٍ : صِنفٌ يَتَزيَّنونَ بِنا ، وَصِنفٌ يَستَأكِلونَ بِنا ، وَصِنفٌ مِنّا وَإلَينا . ۱
وجاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام :
اِفتَرَقَ النّاسُ فينا عَلى ثَلاثِ فِرَقٍ : فِرقَةٌ أحبّونَا انتظِارَ قائِمِنا لِيُصيبوا مِن دُنيانا ، فَقالوا وَحَفِظوا كَلامَنا وَقَصَّروا عَن فِعلِنا ، فَسَيَحشُرُهُم اللّهُ إلَى النّارِ . وَفِرقَةٌ أحَبّونا وَسَمِعوا كَلامَنا وَلَم يُقَصِّروا عَن فِعلِنا ، لِيَستَأكِلُوا النّاسَ بِنا ، فَيَملَأُ اللّهُ بُطونَهُم ناراً ، يُسَلَّطُ عَلَيهِمُ الجوعُ وَالعَطَشُ . وَفِرقَةٌ أحبّونا وَحَفِظوا قَولَنا وَأَطاعوا أمرَنا وَلَم يُخالِفوا فِعلَنا ، فَأُولئِكَ مِنّا وَنَحنُ مِنهُم . ۲
واستناداً إلى هذه الروايات يمكن تقسيم مدّعي التشيّع في الكوفة إلى ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى : الأشخاص الذين كانت قلوبهم مع أهل البيت عليهم السلام ، وكانوا يدافعون من الناحية العمليّة ـ أيضاً ـ عن مبادئ هذه الاُسرة ، ولكنّ عددهم كان ضئيلاً .
الطائفة الثانية : الأشخاص الذين كانوا يحبّون أهل البيت عليهم السلام قلباً ، ولكنّهم لم يكونوا يجرؤون على الدفاع عن مبادئهم ، وكان عددهم أكثر من الطائفة الاُولى وأقلّ من الطائفة الثالثة . ۳
الطائفة الثالثة : الأشخاص الذين كانوا يُظهرون وَلاءهم لأهل البيت عليهم السلام من أجل مصالحهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ، ولكنّ سيوفهم كانت في خدمة أعدائهم . وأفراد هذه الطائفة ـ التي كانت تشكّل الغالبية ـ لم يكونوا شيعةً حقيقيّين .
وفي الحقيقة فإنّ الشيعة من ذوي المصالح السياسية والاقتصادية يتّبعون من يؤمّن لهم

1.مشكاة الأنوار : ص ۱۲۷ ح ۲۹۷ .

2.تحف العقول : ص ۵۱۴ .

3.ولعلّ سعد بن عبيدة يقصد هذا الفريق حينما يقول : إنّ أشياخنا من أهل الكوفة لوقوفٌ على التلّ يبكون ويقولون : اللَّهم أنزل نصرك . قال : قلت : يا أعداء اللّه ! ألا تنزلون فتنصرونه؟! راجع : ج۴ ص ۱۴۷ (القسم الثامن / الفصل الثاني / دعاء أشياخ من أهل الكوفة لانتصار الإمام عليه السلام وبكاؤهم).

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8295
صفحه از 458
پرینت  ارسال به