الثورة ضدّ الحكّام الاُمويّين .
خامساً : حضور محبّي أهل البيت عليهم السلام
رغم أنّ عدد الشيعة والأتباع المخلصين لأهل البيت عليهم السلام في الكوفة ـ كما سنوضح ذلك ـ كان قليلاً ۱ ، إلّا أن محبّي أهل البيت والأشخاص الذين كانوا يعبّرون عن حبّهم لأهل بيت الرسالة كانوا كثيرين في هذه المدينة ، بل نظراً إلى أنّ الكوفة كانت مركز الحكومة العادلة للإمام عليّ عليه السلام لما يقرب من خمس سنوات ، وكان عدد كبير من كبار أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد قدموا معه إلى هذه المدينة ، فانتشرت بذلك أحاديث كثيرة بين أهلها بشأن فضائل أهل البيت عليهم السلام ، فأصبحت الكوفة تدريجياً مركزاً لمحبّي أهل البيت عليهم السلام في العالم الإسلامي ، ولذلك فبعد موت معاوية وعندما بدأت مجموعة صغيرة من الأتباع المخلصين لأهل البيت عليهم السلام نشاطها الإعلامي لمبايعة الإمام الحسين عليه السلام ومحاربة الحكومة الاُموية ، سيطر أتباع الإمام عليه السلام خلال فترة قصيرة على الجوّ العام للمدينة مستغلّين الجوّ الاجتماعي المنفتح الناجم عن ضعف والي الكوفة .
ولكنّ أهل مكّة والمدينة لم يكونوا يميلون لأهل البيت عليهم السلام كما كان الحال بالنسبة لأهل الكوفة ؛ وذلك بسبب الظروف السياسية المهيمنة عليهم . وفي هذا المجال ينقل ابن أبي الحديد ، عن أبي عمر النهدي ، عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام أنّه قال :
ما بِمَكَّةَ وَالمَدينَةِ عِشرونَ رَجُلاً يُحِبُّنا . ۲
وهناك في المقابل روايات كثيرة تدلّ على الكثرة النسبية لمحبّي أهل البيت في الكوفة كما نقل عن الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ وَلايَتَنا عُرِضَت عَلى أهلِ الأَمصارِ فَلَم يَقبَلها قَبولَ أهلِ الكوفَةِ بِشَيءٍ . ۳
1.راجع : ص ۴۲۴ (أقسام الشيعة في ذلك العصر) .
2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۴ ص ۱۰۴ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۲۹۷ .
3.ثواب الأعمال : ص ۱۱۴ ح ۲۰ ،كامل الزيارات : ص ۳۱۴ ح ۵۳۳ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۴۶ ح ۶ .