375
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

مَعروفُها وَاستَمَرَّت جِدّا ، فَلَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ ، وخَسيسُ عَيشٍ كَالمَرعى الوَبيلِ. ۱
ألا تَرَونَ أنَّ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وأنَّ الباطِلَ لا يُتَناهى عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللّهِ مُحِقّا ؛ فَإِنّي لا أرى المَوتَ إلّا شَهادَةً ، ولا الحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَما . ۲
قالَ : فَقامَ زُهَيرُ بنُ القَينِ البَجَلِيُّ فَقالَ لِأَصحابِهِ : تَكَلَّمونَ أم أتَكَلَّمُ ؟ قالوا : لا ، بل تَكَلَّم ، فَحَمِدَ اللّهَ فَأَثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ : قَد سَمِعنا ـ هَداكَ اللّهُ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ـ مَقالَتَكَ ، وَاللّهِ لَو كانَتِ الدُّنيا لَنا باقِيَةً وكُنّا فيها مُخَلَّدينَ ، إلّا أنَّ فِراقَها في نَصرِكَ ومُواساتِكَ ، لَاثَرنَا الخُروجَ مَعَكَ عَلَى الإِقامَةِ فيها . قالَ : فَدَعا لَهُ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ قالَ لَهُ خَيرا . ۳

۱۴۸۶.الملهوف :فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام خَطيبا في أصحابِهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وذَكَرَ جَدَّهُ فَصَلّى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : إنَّهُ قَد نَزَلَ بِنا مِنَ الأَمرِ ما قَد تَرَونَ ، وإنَّ الدُّنيا قَد تَنَكَّرَت وتَغَيَّرَت ، وأدبَرَ مَعروفُها وَاستَمَرَّت جَذّاءَ ۴
، ولَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ ، وخَسيسُ عَيشٍ كَالمَرعى الوَبيلِ ، ألا تَرَونَ إلَى الحَقِّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وإلَى الباطِلِ لا يُتَناهى عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ رَبِّهِ مُحِقّا ، فَإِنّي لا أرى المَوتَ إلّا سَعادَةً وَالحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَما .
فَقامَ زُهَيرُ بنُ القَينِ ، فَقالَ : لَقَد سَمِعنا ـ هَدانا اللّهُ بِكَ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ـ مَقالَتَكَ ، ولَو كانَتِ الدُّنيا لَنا باقِيَةً، وكُنّا فيها مُخَلَّدينَ، لَاثَرَنا النُّهوضَ مَعَكَ عَلَى الإِقامَةِ فيها.

1.الوَبيلُ من المرعى : الوَخيم (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۷۲۰ «وبل») .

2.بَرَما : مصدر برِم به : سئمهُ وملّه (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۱ «برم») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۳ ؛ مثير الأحزان : ص ۴۴ عن عتبة بن أبي العبران وليس فيه ذيله من «قال : فقام زهير» .

4.جَذَذْتُ الشيء : كَسّرتُه وقطّعتُه (الصحاح : ج ۲ ص ۵۶۱ «جذذ») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
374

رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ويُبَشَّرُ بِالجَنَّةِ ! فَرَهِقَهُ عِندَ صَلاةِ الظُّهرِ ، فَأَمَرَ الحُسَينُ عليه السلام ابنَهُ ، فَأَذَّنَ وأقامَ ، وقامَ الحُسَينُ عليه السلام فَصَلّى بِالفَريقَينِ جَميعا ، فَلَمّا سَلَّمَ وَثَبَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ فَقالَ : اَلسَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وعَلَيكَ السَّلامُ ، مَن أنتَ يا عَبدَ اللّهِ ؟ فَقالَ : أنَا الحُرُّ بنُ يَزيدَ . فَقالَ : يا حُرُّ ، أعَلَينا أم لَنا ؟
فَقالَ الحُرُّ : وَاللّهِ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، لَقَد بُعِثتُ لِقِتالِكَ ، وأعوذُ بِاللّهِ أن اُحشَرَ مِن قَبري وناصِيَتي مَشدودَةٌ إلَيَّ ، ويَدي مَغلولَةٌ إلى عُنُقي ، واُكَبَّ عَلى حُرِّ وَجهي فِي النّارِ . يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، أينَ تَذهَبُ ؟ ! اِرجِع إلى حَرَمِ جَدِّكَ ؛ فَإِنَّكَ مَقتولٌ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام :

سَأَمضيفَما بِالمَوتِ عارٌ عَلَى الفَتىإذا ما نَوى حَقّا وجاهَدَ مُسلِما
وواسى الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفسِهِوفارَقَ مَثبورا ۱ وخالَفَ مُجرِما
فَإِن مِتُّ لَم أندَم وإن عِشتُ لَم اُلَمكَفى بِكَ ذُلّاً أن تَموتَ وتُرغَما . ۲

۷ / ۲۸

خُطبَةُ الإِمامِ عليه السلام في ذي حُسُمٍ ۳

۱۴۸۵.تاريخ الطبري عن عقبة بن أبي العَيزار :قامَ حُسَينٌ عليه السلام بِذي حُسُمٍ ، ۴
فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ : إنَّهُ قَد نَزَلَ مِنَ الأَمرِ ما قَد تَرَونَ ، وإنَّ الدُّنيا قَد تَغَيَّرَت وتَنَكَّرَت ، وأدبَرَ

1.الثُّبور : الهلاك (النهاية : ج ۱ ص ۲۰۶ «ثبر») .

2.الأمالي للصدوق : ص ۲۱۸ ح ۲۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۴ ح ۱ وراجع : الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۳ .

3.هناك خلاف في تحديد مكان الخطبة، فقيل : ذي حسم (تاريخ الطبري) ، أو عذيب الهجانات (ظاهر الملهوف) ، أو في مسير كربلاء (تحف العقول) ، أو في كربلاء بعد ورود عمر بن سعد و اقتراب الحرب (المعجم الكبير) ، والمعتمد لدينا في عملنا هو تاريخ الطبري .

4.موضع بين شراف والبيضة (راجع : الخريطة رقم ۴ في آخر المجلّد ۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4589
صفحه از 458
پرینت  ارسال به