369
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

لا وَاللّهِ ما لي إلى ذلِكَ سَبيلٌ مِن ذِكرِ اُمِّكَ ، غَيرَ أنَّهُ لا بُدَّ أن أنطَلِقَ بِكَ إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : إذَن وَاللّهِ لا أتبَعُكَ أو تَذهَبَ نَفسي .
قالَ الحُرُّ : إذَن وَاللّهِ لا اُفارِقُكَ أو تَذهَبَ نَفسي وأنفُسُ أصحابي !
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : بَرِّز أصحابي وأصحابَكَ وَابرُز إلَيَّ ، فَإِن قَتَلتَني خُذ بِرَأسي إلَى ابنِ زِيادٍ ، وإن قَتَلتُكَ أرَحتُ الخَلقَ مِنكَ .
فَقالَ الحُرُّ : أبا عَبدِ اللّهِ ! إنّي لَم اُؤمَر بِقَتلِكَ ، وإنَّما اُمِرتُ ألّا اُفارِقَكَ أو اقدَمَ بِكَ عَلَى ابنِ زِيادٍ ، وأنَا وَاللّهِ كارِهٌ إن يَبتَلِيَنِيَ ۱ اللّهُ بِشَيءٍ مِن أمرِكَ ، غَيرَ أنّي قَد أخَذتُ بِبَيعَةِ القَومِ وخَرَجتُ إلَيكَ ، وأنَا أعلَمُ أنَّهُ لا يُوافِي القِيامَةَ أحَدٌ مِن هذِهِ الاُمَّةِ إلّا وهُوَ يَرجو شَفاعَةَ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وأنَا خائِفٌ إن أنَا قاتَلتُكَ أن أخسَرَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ ، ولِكن أنَا ـ أبا عَبدِ اللّهِ ـ لَستُ أقدِرُ الرُّجوعَ إلَى الكوفَةِ في وَقتي هذا ، ولكِن خُذ عَنّي هذَا الطَّريقَ وَامضِ حَيثُ شِئتَ ، حَتّى أكتُبَ إلَى ابنِ زِيادٍ أنَّ هذا خالَفَني فِي الطَّريقِ فَلَم أقدِر عَلَيهِ ، وأنَا أنشُدُكَ اللّهَ في نَفسِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا حُرُّ ! كَأَنَّكَ تُخبِرُني أنّي مَقتولٌ ! فَقالَ الحُرُّ : أبا عَبدِ اللّهِ ! نَعَم ، ما أشُكُّ في ذلِكَ إلّا أن تَرجِعَ مِن حَيثُ جِئتَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ما أدري ما أقولُ لَكَ ، ولكِنّي أقولُ كَما قالَ أخُو الأَوسِ حَيثُ يَقولُ :

سَأَمضيوما بِالمَوتِ عارٌ عَلَى الفَتىإذا ما نَوى خَيرا وجاهَدَ مُسلِما
وواسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفسِهِوفارَقَ مَذموما وخالَفَ مُجرِما
اُقَدِّمُ نَفسي لا اُريدُ بَقاءَهالِتَلقى خَميسا ۲ فِي الوَغاءِ عَرَمرَما ۳
فَإِن عِشتُ لَم أندَم ۴ وإن مِتُّ لَم اُذَمّكَفى بِكَ ذُلّاً أن تَعيشَ مُرَغَّما . ۵

1.في المصدر : «سلبني» ، والتصويب من المصادر الاُخرى .

2.الخَمِيسُ : الجيش . وقيل : الجيش الجرّار (لسان العرب : ج ۶ ص ۷۰ «خمس») .

3.العَرَمْرَمُ : الشديد والجيش الكثير (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۱۴۹ «عُرام») .

4.في المصدر : «لم اُلَم» ، وما أثبتناه هو الصحيح وبه يستقيم الوزن ، وكما في المصادر الاُخرى .

5.الفتوح : ج ۵ ص ۷۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۰ نحوه وراجع : المنتظم : ج ۵ ص ۳۳۵ وتذكرة الخواصّ : ص ۲۴۰ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
368

فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! أنَا ابنُ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ونَحنُ أولى بِوِلايَةِ هذِهِ الاُمورِ عَلَيكُم مِن هؤُلاءِ المُدَّعينَ ما لَيسَ لَهُم ، وَالسّائِرينَ فيكُم بِالظُّلمِ وَالعُدوانِ ، فَإِن تَثِقوا بِاللّهِ وتَعرِفُوا الحَقَّ لِأَهلِهِ فَيَكونُ ذلِكَ للّهِِ رِضىً ، وإن كَرِهتُمونا وجَهِلتُم حَقَّنا ، وكانَ رَأيُكُم عَلى خِلافِ ما جاءَت بِهِ كُتُبُكُم ، وقَدِمَت بِهِ رُسُلُكُم ، اِنصَرَفتُ عَنكُم .
قالَ : فَتَكَلَّمَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ بَينَهُ وبَينَ أصحابِهِ ، فَقالَ : أبا عَبدِ اللّهِ ! ما نَعرِفُ هذِهِ الكُتُبَ ، ولا مَن هؤُلاءِ الرُّسُلُ ؟
قالَ : فَالتَفَتَ الحُسَينُ عليه السلام إلى غُلامٍ لَهُ يُقالُ لَهُ : عُقبَةُ بنُ سَمعانَ ، فَقالَ : يا عُقبَةُ ! هاتِ الخُرجَينِ اللَّذَينِ فيهِمَا الكُتُبُ ، فَجاءَ عُقبَةُ بِكُتُبِ أهلِ الشّامِ ۱ وَالكوفَةِ ، فَنَثَرَها بَينَ أيديهِم ثُمَّ تَنَحّى ، فَتَقَدَّموا ونَظَروا إلى عُنوانِها ، ثُمَّ تَنَحَّوا .
فَقالَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ : أبا عَبدِ اللّهِ ! لَسنا مِنَ القَومِ الَّذينَ كَتَبوا إلَيكَ هذِهِ الكُتُبَ ، وقَد اُمِرنا إن لَقيناكَ لا نُفارِقُكَ حَتّى نَأتِيَ بِكَ عَلَى الأَميرِ .
فَتَبَسَّمَ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ قالَ : يَابنَ يَزيدَ ! أوَ تَعلَمُ أنَّ المَوتَ أدنى إلَيكَ مِن ذلِكَ ، ثُمَّ التَفَتَ الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : اِحمِلُوا النِّساءَ لِيَركَبوا ، حَتّى نَنظُرَ مَا الَّذي يَصنَعُ هذا وأصحابُهُ !
قالَ : فَرَكِبَ أصحابُ الحُسَينِ عليه السلام وساقُوا النِّساءَ بَينَ أيديهِم ، فَقَدِمَت خَيلُ الكوفَةِ حَتّى حالَت بَينَهُم وبَينَ المَسيرِ ، فَضَرَبَ الحُسَينُ عليه السلام بِيَدِهِ إلى سَيفِهِ ثُمَّ صاحَ بِالحُرِّ : ثَكِلَتكَ اُمُّكَ ! مَا الَّذي تُريدُ أن تَصنَعَ ؟
فَقالَ الحُرُّ : أما وَاللّهِ لَو قالَها غَيرُكَ مِنَ العَرَبِ لَرَدَدتُها عَلَيهِ كائِنا مَن كانَ ، ولكِن

1.ليس في سائر المصادر الإشارة إلى أهل الشام ، والظاهر أنّه الصواب .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4647
صفحه از 458
پرینت  ارسال به