اُمِرتُ ألّا اُفارِقَكَ حَتّى اُقدِمَكَ الكوفَةَ ، فَإِذا أبَيتَ فَخُذ طَريقا لا تُدخِلُكَ الكَوفَةَ ، ولا تَرُدُّكَ إلَى المَدينَةِ ، تَكونُ بَيني وبَينَكَ نَصَفا حَتّى أكتُبَ إلَى ابنِ زِيادٍ ، وتَكتُبَ أنتَ إلى يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ إن أرَدتَ أن تَكتُبَ إلَيهِ ، أو إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ إن شِئتَ ، فَلَعَلَّ اللّهَ إلى ذاكَ أن يَأتِيَ بِأَمرٍ يَرزُقُني فيهِ العافِيَةَ مِن أن اُبتَلى بِشَيءٍ مِن أمرِكَ .
قالَ : فَخُذ هاهُنا ، فَتَياسَرَ عَن طَريقِ العُذَيبِ ۱ وَالقادِسِيَّةِ ، وبَينَهُ وبَينَ العُذَيبِ ثَمانِيَةٌ وثَلاثونَ ميلاً . ثُمَّ إنَّ الحُسَينَ عليه السلام سارَ في أصحابِهِ وَالحُرُّ يُسايِرُهُ . ۲
۱۴۸۰.الفتوحـ في ذِكرِ ماجَرى بَينَ الإِمامِ وبَينَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ الرِّياحِيِّـ : وإذَا الحُرُّ بنُ يَزيدَ في ألفِ فارِسٍ مِن أصحابِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، شاكينَ فِي السِّلاحِ ، لا يُرى مِنهُم إلّا حَماليقُ الحَدَقِ ۳ ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيهِمُ الحُسَينُ عليه السلام وَقَفَ في أصحابِهِ ، ووَقَفَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ في أصحابِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أيُّهَا القَومُ ! مَن أنتُم ؟ قالوا : نَحنُ أصحابُ الأَميرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ومَن قائِدُكُم ؟ قالوا : الحُرُّ بنُ يَزيدَ الرِّياحِيُّ .
1.العُذَيْبُ : هو ماء بين القادسيّة والمُغِيثة ، وبينه وبين القادسيّة أربعة أميال (معجم البلدان : ج ۴ ص ۹۲) وراجع : الخريطة رقم ۴ في آخر المجلّد ۴ .
2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۰ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۰ ، تجارب الاُمم : ج ۲ ص ۶۱ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۱ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۹ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۷۷ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۸ وفي الأربعة الأخيرة «الحصين بن نمير التميمي» وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۵ وراجع : روضة الواعظين : ص ۱۹۸ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۵ .
3.حِملاق العين : باطن أجفانها الذي يُسوّد بالكحلة ، أو ما غطّته الأجفان من بياض المُقلة ... والجمع : حَماليقُ . والحَدَقَة: سواد العين ، والجمع : حَدَقٌ (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۲۴ «حملق» وص ۲۱۹ «حدق») . والمراد أنّه لا يُرى منهم سوى عيونهم ؛ لما لبسوه من لباس حرب ، ولكثرة ما عليهم من سلاح وأعتدة .