367
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

قالَ : فَناداهُ الحُسَينُ عليه السلام : وَيحَكَ يَابنَ يَزيدَ ! ألَنا أم عَلَينا ؟ فَقالَ الحُرُّ : بَل عَلَيكَ أبا عَبدِ اللّهِ !
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ .
قالَ : ودَنَت صَلاةُ الظُّهرِ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِلحَجّاجِ بنِ مَسروقٍ : أذِّن ـ رَحِمَكَ اللّهُ ـ وأقِمِ الصَّلاةَ حَتّى نُصَلِّيَ ! قالَ : فَأَذَّنَ الحَجّاجُ ، فَلَمّا فَرَغَ مِن أذانِهِ صاحَ الحُسَينُ عليه السلام بِالحُرِّ بنِ يَزيدَ فَقالَ لَهُ : يَابنَ يَزيدَ ! أتُريدُ أن تُصَلِّيَ بِأَصحابِكَ واُصَلِّيَ بِأَصحابي ؟
فَقالَ لَهُ الحُرُّ : بَل أنتَ تُصَلّي بِأَصحابِكَ ونُصَلّي بِصَلاتِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِلحَجّاجِ بنِ مَسروقٍ : أقِمِ الصَّلاةَ ! فَأَقامَ ، وتَقَدَّمُ الحُسَينُ عليه السلام فَصَلّى بِالعَسكَرَينِ جَميعا . فَلَمّا فَرَغَ مِن صَلاتِهِ وَثَبَ قائِما ، فَاتَّكَأَ عَلى قائِمَةِ سَيفِهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! إنَّها مَعذِرَةٌ إلَى اللّهِ وإلى مَن حَضَرَ مِنَ المُسلِمينَ ، إنّي لَم أقدَم عَلى هذَا البَلَدِ حَتّى أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم أنِ اقدَم إلَينا إنَّهُ لَيسَ عَلَينا إمامٌ ، فَلَعَلَّ اللّهَ أن يَجمَعَنا بِكَ عَلَى الهُدى . فَإِن كُنتُم عَلى ذلِكَ فَقَد جِئتُكُم ، فَإِن تُعطوني ما يَثِقُ بِهِ قَلبي مِن عُهودِكُم ومِن مَواثيقِكُم دَخَلتُ مَعَكُم إلى مِصرِكُم ، وإن لَم تَفعَلوا وكُنتُم كارِهينَ لِقُدومي عَلَيكُمُ ، اِنصَرَفتُ إلى المَكانِ الَّذي أقبَلتُ مِنهُ إلَيكُم .
قالَ : فَسَكَتَ القَومُ عَنهُ ولَم يُجيبوا بِشَيءٍ ، وأمَرَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ بِخَيمَةٍ لَهُ فَضُرِبَت ، فَدَخَلَها وجَلَسَ فيها . فَلَم يَزَلِ الحُسَينُ عليه السلام واقِفا مُقابِلَهُم وكُلُّ واحِدٍ مِنهُم آخِذٌ بِعِنانِ فَرَسِهِ... .
قالَ : ودَنَت صَلاةُ العَصرِ فَأَمَرَ الحُسَينُ عليه السلام مُؤَذِّنَهُ فَأَذَّنَ وأقامَ الصَّلاةَ ، وتَقَدَّمَ الحُسَينُ عليه السلام فَصَلّى بِالعَسكَرَينِ ، فَلَمّا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ وَثَبَ قائِما عَلى قَدَمَيهِ ،


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
366

اُمِرتُ ألّا اُفارِقَكَ حَتّى اُقدِمَكَ الكوفَةَ ، فَإِذا أبَيتَ فَخُذ طَريقا لا تُدخِلُكَ الكَوفَةَ ، ولا تَرُدُّكَ إلَى المَدينَةِ ، تَكونُ بَيني وبَينَكَ نَصَفا حَتّى أكتُبَ إلَى ابنِ زِيادٍ ، وتَكتُبَ أنتَ إلى يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ إن أرَدتَ أن تَكتُبَ إلَيهِ ، أو إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ إن شِئتَ ، فَلَعَلَّ اللّهَ إلى ذاكَ أن يَأتِيَ بِأَمرٍ يَرزُقُني فيهِ العافِيَةَ مِن أن اُبتَلى بِشَيءٍ مِن أمرِكَ .
قالَ : فَخُذ هاهُنا ، فَتَياسَرَ عَن طَريقِ العُذَيبِ ۱ وَالقادِسِيَّةِ ، وبَينَهُ وبَينَ العُذَيبِ ثَمانِيَةٌ وثَلاثونَ ميلاً . ثُمَّ إنَّ الحُسَينَ عليه السلام سارَ في أصحابِهِ وَالحُرُّ يُسايِرُهُ . ۲

۱۴۸۰.الفتوحـ في ذِكرِ ماجَرى بَينَ الإِمامِ وبَينَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ الرِّياحِيِّـ : وإذَا الحُرُّ بنُ يَزيدَ في ألفِ فارِسٍ مِن أصحابِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، شاكينَ فِي السِّلاحِ ، لا يُرى مِنهُم إلّا حَماليقُ الحَدَقِ ۳ ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيهِمُ الحُسَينُ عليه السلام وَقَفَ في أصحابِهِ ، ووَقَفَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ في أصحابِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أيُّهَا القَومُ ! مَن أنتُم ؟ قالوا : نَحنُ أصحابُ الأَميرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ومَن قائِدُكُم ؟ قالوا : الحُرُّ بنُ يَزيدَ الرِّياحِيُّ .

1.العُذَيْبُ : هو ماء بين القادسيّة والمُغِيثة ، وبينه وبين القادسيّة أربعة أميال (معجم البلدان : ج ۴ ص ۹۲) وراجع : الخريطة رقم ۴ في آخر المجلّد ۴ .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۰ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۰ ، تجارب الاُمم : ج ۲ ص ۶۱ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۱ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۹ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۷۷ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۸ وفي الأربعة الأخيرة «الحصين بن نمير التميمي» وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۵ وراجع : روضة الواعظين : ص ۱۹۸ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۵ .

3.حِملاق العين : باطن أجفانها الذي يُسوّد بالكحلة ، أو ما غطّته الأجفان من بياض المُقلة ... والجمع : حَماليقُ . والحَدَقَة: سواد العين ، والجمع : حَدَقٌ (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۲۴ «حملق» وص ۲۱۹ «حدق») . والمراد أنّه لا يُرى منهم سوى عيونهم ؛ لما لبسوه من لباس حرب ، ولكثرة ما عليهم من سلاح وأعتدة .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4653
صفحه از 458
پرینت  ارسال به